مفيش فايدة !؟؟ .. نشرت بتاريخ 2 / 6 / 2006


فجأة شعرت أنني «ضئيلة» الحجم جداً، وأن كل قيم «المهنة» التي آمنت بها لا تتجاوز تأثير الكتابة علي الماء، تشككت للحظات في قدراتي العقلية، ثم تمالكت نفسي وتابعت حوار رئيس الحكومة الدكتور «أحمد نظيف» للزميل «مجدي الجلاد» رئيس التحرير. وفي محاولة لاستعادة توازني، بدأت في إجراء تعديلات طفيفة علي الحوار: (غيرت تاريخ النشر ليصبح قبل شهر من تاريخه أو بعد شهرين من تاريخ النشر، وياللعجب وجدته صالحاً تماماً للنشر في أي توقيت، وربما كان ذلك سر عبقرية الدكتور نظيف)!
ستجد - مثلاً - تصريحاته حول تنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية صالحة لست سنوات قادمة وعدة وزارات مختلفة، وستشعر أنك سمعت حديثه عن فرص العمل من قبل (ربما من أحد الدكاترة عاطف «صدقي» أو «عبيد» )، وستجد الحياة وردية فقطاع السياحة وحده يتكفل بـ ١٢٠ ألف فرصة عمل، علاوة علي النمو الهائل لقطاع الصناعة، وبالتالي حققت حكومته إنجازاً غير مسبوق بخفض نسبة البطالة من ١٠ % إلي ٩.٥ % .
ولأن الحديث تم في «القرية الذكية»، لم يكتف الدكتور نظيف بالجمع بين الماضي والحاضر، بل قرر نفي «الحاضر». فالواقع أن جماعة الإخوان (المحظورة حتي لا يغضب) تحاصر حكومته في الشارع السياسي والبرلمان والنقابات المهنية وتشتت جهود قوات الأمن، لكنه لا يري أنها موجودة أصلاً (مفيش حاجة اسمها الإخوان المسلمين علي حد تعبيره). وبنفس المنطق (مفيش ملف اسمه الأقباط)، وفات رئيس الحكومة أن يقول لنا :(مفيش إرهاب، مفيش تحرش بالنساء في المظاهرات، مفيش معتقلين، مفيش فايدة من الكتابة ولا من الحكومة)..ما علينا!!
جربت تغيير اسم رئيس الوزراء نفسه، وتوقعت من رئيس الوزراء القادم أن يتعامل مع الصحافة بنفس منطق: «الصحافة تكتب والقافلة تسير»، وأن يكرر علينا مقولات من عينة «وصول الدعم إلي مستحقيه»، ويعدنا - مجدداً - بعرض قانوني استقلال القضاء وجرائم النشر علي الدورة البرلمانية الحالية (ضع التاريخ بمعرفتك)، وقبل أن تنفض الدورة أو ينحل المجلس قد يدخل رئيس الحكومة -القادم - دائرة (الظل) ومعه تصريحاته ومشاريع القوانين المؤجلة!!
«الجديد» الذي كنت أبحث عنه في حديث الدكتور نظيف كان مبهراً لشخصية - مثلي - تحسب أن الحكومة لا تقرأ الخريطة السياسية ولا تسمع أنين الشعب، فالدكتور نظيف يؤكد وجود «حوار» مع كل فئات الشعب (آه والله!) لكن أولوية الحوار للقضايا «القومية» علي القضايا «الفئوية»، وقبل أن تتهلل لفكرة الحوار تتوه في محاولة الفصل بين ما هو فئوي وما هو قومي وتصنف قضايا الديمقراطية والحريات وفقاً لتلك «البرمجة» التي يطرحها رئيس الحكومة، عليك -أيضا- أن تقسم «الاحتقان السياسي» إلي حراك إيجابي أوفوضي لن يسمح بها (حوار العصي والقنابل المسيلة للدموع)، فهذا هو الحوار الوحيد الذي تعرفه الحكومة الحالية.وقبل أن تسرف في التفاؤل وتتصور أن صدر الحكومة يتسع لحوار مع الشباب الغاضب الذي غيبته زنازين «الحبس الاحتياطي» عن امتحانات الجامعات، فالدكتور نظيف (يذكرنا بأن الاحتواء «الأبوي» للشباب يشمل تعليمهم و(أكلهم) في المدن الجامعية (لاحظ أنها أموال الشعب)، أما الشاب الذي يقذف بطوبة فيسحل ويضرب وتسلب كل حقوقه حتي في «الآهة»!