أرشيف المدونة الإلكترونية

"مجرد صرخة" !! المقال نشر بتاريخ10 / 11 / ٢٠٠٦

أحياناً يكون «الخرس» قراراً إرادياً!، قرار يجنبك ألم الأشواك العالقة بأحبالك الصوتية، يعفيك من التكرار الممل لعبارات مخزية تخدر ضميرك قبل أن تواسي الثكالي والأرامل والأيتام.


«الخرس» هو اللغة الوحيدة التي ربما يفهمها «الشهداء» في حالتنا هذه!.


تري كم مرة استخدمنا وصف «المجزرة»؟. ما بين «قانا» و«بيت حانون»، لكننا لم نختبر وحشية تلك المجازر ونحن نردد الوصف علي سبيل الإدانة لا أكثر.


لم يخترق الرصاص أجسادنا، لم ينهش الدمار أمن صغارنا، لم تفرقنا الصرخات، ولم تجمعنا «زغرودة» تشيع الشهداء، نحن نجلس في مواقع المتفرجين!


نشاهد المجازر علي شاشة الفضائيات ونحن نحتسي قهوة مرة، ونتدفأ بذكريات أمر عن تلك الأمة المهانة المسماة -مجازا- بالعرب!. لا نتردد في مد أناملنا لنغلق جفون الأطفال حتي لا نجرح مشاعرهم بدماء «أطفال» مثلهم تماما تحولوا إلي «أشلاء» في أحضان ذويهم!


لم تعد لدينا أسلحة سياسية أو عسكرية لوقف آلة القتل الإسرائيلية، إن كل ما نملكه في مواجهتها «ريموت كنترول» ينقلنا إلي الانتخابات الأمريكية واستقالة «رامسفيلد»!!


أصبحنا أجبن من (الوجع)، أضعف من (الغضب)، عاجزين نقنع بإدانة عابرة تخرج من جامعة الدول العربية، أو تنطلق بنبرة أسي علي لسان زعيم عربي.


أصبحنا «واقعيين» لدرجة مخجلة، فكلنا نعلم أن المظلة الأمريكية تبرر إبادة الشعب العربي، طالما بقيت مزاعم «الأمن الإسرائيلي» مهددة من لبنان أو من حجارة أطفال غزة. كلنا نعلم أن أي حاكم عربي يعجز عن تطبيق العدل في حكمه لا يصح له أن يطالب بعدالة الموازين الدولية.
كلنا مدانون، ملوثون بدماء الأشقاء، أقصي ما نفعله أننا نخفي وجوهنا خلف كفوفنا لنتقي لطمات الإدارة الأمريكية، ونتلاشي في ذات الوقت النظر إلي المشهد الدموي المرسوم بجثثنا وأطلال مدننا.


نحن شركاء في رسم حدود تلك الخريطة القبيحة، في القلب منها «حذاء إسرائيلي» يدهس الكرامة العربية علي عتبات «القدس»، وعند بوابتها الشرقية «ضريح» لعاصمة سقطت تحت أقدام الغزاة، وسقطت معها «حضارة» كانت تسجل عزة العرب وتباهي العالم بالفروسية والشعر، لكن «بغداد» تحولت في الخريطة الجديدة إلي جدران سجن كبير يخفي خلفه مشاهد الاغتصاب والتعذيب.


نحن من يزرع في كل زاوية شهيداً ويدفن معه ما تبقي من أساطير العروبة السخيفة.


كلنا مذنبون، ليس بيننا برئ واحد من الدم الفلسطيني المستباح!. ليس بيننا حتي من يملك (مرافعة حنجوري) تبدأ بكلمة «السلام» وتنتهي بمطالبة الأطراف بـ«ضبط النفس». ما حدث في «بيت حانون» لابد أن يحيي الضمائر من «سلام الموت» الذي نحترفه، أن يهز العروش الجاثمة علي صدور الشعب العربي، أن يحرك أي «مواطن» يرفض المشاركة في جرائم المجتمع الدولي الذي يدعي حقوق الإنسان.


فهل يتحرك أحد؟، لا أعتقد، ربما خرجت -وحدي- عن حالة الخرس في لحظة ألم، أحاول التخلص من الإحساس بالذنب بصرخة، مجرد «صرخة» لن توقف «غيوم الخريف»، ولن تعطل مشروع الدولة الإسرائيلية من النيل إلي الفرات.


«صرخة» لن تحرر عاصمة عربية محتلة، ولن تفكك القواعد العسكرية الأجنبية الرابضة في أراضينا، الصراخ والعويل لم يعد حكراً علي النساء، إنه المرحلة الطبيعية للشعب العربي بعد مرحلة «الشجب والإدانة».


كم من رجل بكي «رجولته» علي أرض العراق، وكم من رجل أدار صراع «السلطة» علي جثثنا فلم يجلب لنا سوي العار.
رجال العرب أفرجوا عن دموعهم بعد طول اعتقال، فهل دمع الشعوب يطهر الحكام من خطاياهم؟


هل يسمع أحد نشيد النحيب الجماعي، وأنين الجرحي في «بيت حانون»؟. لا أظن، فحالة الشلل العربي أحكمت حلقات عزل «حكومة حماس»، كما أحكمت من قبل حصار عرفات.


القادة العرب اجتمعوا - لأول مرة - علي تكتيك واحد: عدم الاكتفاء بالصمت العاجز، والتحرك بروية وتعقل علي «رقعة الشطرنج»، وإخلاء الساحة العربية للصديق الإسرائيلي لفرض الأمن بالأسلحة المحرمة دوليا، مقابل البقاء في أماكنهم «محنطون» في خانة «كش ملك».. وعلي المتضرر الخروج من اللعبة.

"طرحة لكل مواطن"! – المقال نشر بتاريخ ٣/ ١١/ ٢٠٠٦

قبل عدة أشهر كنت أقلب صفحات موقع «العربية نت» كعادتي، توقفت للحظة وتشككت في بصري، ثم عدت لأقرأ الخبر المروع بصوت مرتفع علني أصدقه: «فاجأ شاب سعودي في الـ ٢٨ من عمره المصلين في الجامع الكبير بمحافظة خميس مشيط في منطقة عسير، بمخاطبتهم بعد صلاة الفجر، ثم عمد إلي نزع ملابسه وقطع عضوه التناسلي أمامهم»!!.


وبقدر ما كان الخبر صادما ومؤلما بدا لي غامضا، لكن التفسير جاء علي لسان الشاب السعودي الذي طالب المصلين بالخشوع في الصلاة، و«قطع كل جزء من الجسم يتحرك وقت الصلاة»!. أحسست بأن الواقعة أعادتني إلي كهف بدائي لايزال الإنسان يتخبط فيه حول ماهية الله، ويتفنن في وسائل التقرب إليه، وإراقة الدماء تحت أقدام الأوثان.


حاولت أن أخرج من حالة الذهول بتفسير عقلاني مقتضب يختصر القصة (وهي الثانية من نوعها في نفس المسجد) في أن الشاب مريض نفسي، يعاني من صراع حاد بين شهواته والتزامه الديني، لكنني لم أفلح في التخلص من الإحساس بالمشاركة في خلق المناخ العام الذي جعلنا جميعا نعاني نفسيا بدرجات متفاوتة.


حاسبت نفسي ساعتها علي إباحية بعض الكليبات الساخنة، وحاسبت الأفكار الرجعية المتشددة التي تطلقها فضائيات متخصصة في «الترهيب»، وغرس بذور التطرف في عقول الشباب. ثم بكيت، نعم بكيت علي الشباب العربي الذي يقف حائرا علي حد السيف الفاصل بين «الحرية» وأغلال «الكبت الديني والسياسي». الشباب التائه في جدل لا ينتهي حول شرعية النقاب وحتمية تغيير الدستور!.


وبدأت أكرر(بكل بلاهة) نفس الأسئلة التي نوجهها عادة للحكام: «لماذا يحاصر الفقر شبابنا في مساحة من «الزهد»، أو يدفع به إلي ساحة «الجنون» ليبتر أعضاءه التناسلية ؟. لماذا يغتصب «الفساد» بلادنا ليل نهار دون أن يخرج من بيننا صوت واحد يحدثنا عن الشرف أو الفضيلة ؟. لماذا يغرقنا الإعلام العربي في فوضي الحواس وحمي الاستهلاك دون أن يقدم لنا قدوة روحية أو سياسية ؟. لماذا تفرغ الدعاة الجدد لـ«تفسير الأحلام» وشرح علامات ظهور «المهدي المنتظر» واقتصر دورهم علي هداية شكلية لا تعمر وجداناً ولا تبني ضميراً؟».


لماذا نطرح أسئلة كثيرة.. دون مجيب، وكأننا نصرخ في الصحراء، أو أن مسا من الجن أصابنا بلعنة الوعي والتفكير، لتتحول حواسنا جميعها إلي مصادر ألم كلما سمعنا خبرا أو رأينا خطأ أو لمسنا جرحا نازفا؟.
هذا الشاب السعودي الذي ذبح رجولته علي الملأ كان يوجه رسالة غضب للجميع،

ربما لم يجد الإشباع الجنسي الذي يجعله يصل لحالة صفاء نفسي أثناء الصلاة، أو عله عاني التمزق بين التزامه بعلاقة الزواج والتردد علي المسجد بينما هناك جزء بيولوجي يتمرد عليه، ويرفض قيود القمع والحرمان. المهم أنه - في كل الأحوال - تطابق مع نفسه في لحظة جنون وقرر أن يكون «نفسه» حتي لو بدا للآخرين مجنونا.


هل المطلوب أن نجن جميعا لندرك أبعاد حالة «السعار الجنسي» التي اجتاحت وسط البلد في عيد الفطر؟. أم المطلوب أن نتستر علي أنفسنا بعبارات تكذيب أو جمل مواساة من عينة: «مصر بلد الأمن والأمان»، وهذه «فئة ضالة» من الشباب؟.


مازلت أسير في خط أسئلة لا نهاية له: أليس «السلام الاجتماعي» محصلة لقيم العدالة والمساواة !. أم أن البلاد تصان فقط بأمن الدولة والأمن الجنائي ؟. وحتي الأمن الجنائي أصبح تحقيقه مستحيلا،فالواقع يؤكد أن من تتعرض للتحرش الجنسي تهرب من تسجيل اسمها في محضر شرطة، وأن من يتعرض لمهانة الضرب أو للسرقة يبتلع خسارته خشية متاهة الدخول إلي أقسام الشرطة.


لقد وصلنا إذن إلي نهاية النفق المظلم: المواطن محروم من حقوق المواطنة، معزول عن حكامه، أخرس لا يعبر عن همومه، أعمي لا يري مستقبله، وأذناه من طين وعجين مخلوط في (معجنة التصريحات الحكومية).
الآن في نهاية النفق: الهواء فاسد، والمياه ملوثة، والطعام شحيح، والأمل مفقود.


الصراع سيد الموقف في مجتمع منقسم علي نفسه، يعاني صراعا طبقيا حادا، وعدم تكيف بين مواطنيه، مجتمع ينزع ملابس المرأة دون رحمة، يعريها، يفرغ غضبه المكبوت في لحظة شبق عابرة، يمزق «ستر المرأة» ليكشف قبح الوطن.


الرجل الذي ينتهك حرمة (بنت بلده) بدلاً من حماية شرفها هو رجل منتهك أصلا، فبتر الرجولة لا يتم بالسكين وحده، بل يتم أحيانا بالفقر والفساد والقهر السياسي.


هل لنا بعد ذلك أن نلوم شابا لم يجد دليلا علي رجولته إلا إعلان «الذكورة» علي الملأ في وطن يفرض ارتداء «الطرح» علي الرجال قبل النساء !!.

طلمبة الحكومة مكسورة!! –المقال نشر بتاريخ ٢٠/ ١٠/ ٢٠٠٦

أحيانا أشعر أننا نعيش مشهدا مأساويا في فيلم «عبثي»، كل ما فيه خارج نطاق العقل والمنطق، لا تستطيع التنبؤ بالمشهد القادم، ولا يمكنك وضع تصور محدد لشكل النهاية !!.


ما عليك إلا أن تستسلم ـ في صمت ـ وتنصاع لكل ما يملي عليك من تعليمات (أو أوامر): «اهدموا (عشش الفراخ).. حاضر، أوقفوا خسائر مزارع الدواجن وتناولوا الدجاج علي الملأ، ثم اغلوا مياه الشرب جيدا.. سمعا وطاعة».


نحن شعب مغلوب علي أمره، قليل الحيلة، حين يلح علينا التليفزيون الرسمي لاستصدار بطاقة انتخابية نبادر لإثبات أحقيتنا بالمواطنة، و حين تخصخص الخدمات نتذمر شفاهة من ارتفاع الفواتير ثم نهرول لدفعها بغرامة التأخير وبدل جمع القمامة، وما يستجد من ضرائب وعمولات وخلافه.


الحكومة تتعامل معنا بقانون «الخوف»، تحكمنا بعصا غليظة تسيطر علي جدران المنازل، وكتب المدارس، وصلاحية الطعام.


ونحن لا نمل الشكوي من مناهج التعليم وسياسات الإعلام وحمي الغلاء دون أن نحرك ساكنا. نحن شعب يغري الحكومة بتسميم حياتنا، شعب يستحق كل ما يفعل به وبمصيره ومستقبله !.


نتعامل مع الحكومة وكأنها قضاء من الله لا نملك إلا الرضاء به، والدعاء باللطف فيه. لكنها حكومة قاسية لا تعرف اللطف في معاملة ما يزيد علي سبعين مليون مواطن . الحكومة تطبق شريعة خاصة بها، وسياسة من تصميمها، تحاصرنا بكوارث الإهمال والتسيب لتغيبنا عن طاعون الفساد، وتخدرنا بتصريحات «النفي»، ووعود «الإصلاح» والتغيير، لنظل ننزف حتي آخر جنيه في اقتصاد البلد،وآخر متر من أرضنا، وآخر لسان ينطق بكلمة «لا».


دعك الآن من ضحايا العبارة، ومأساة المعتمرين برا. دعك من شهداء محرقة بني سويف وضحايا أنفلونزا الطيور. نحن الآن أمام كارثة لا تتجاوز طاقتنا فحسب بل تتجاوز خيالنا.


نحن أمام كارثة وطنية لا نعرف حقيقتها، ولن نعرف أبعادها، معلوماتنا عن «وباء الكوليرا» لا تتجاوز دموع العجز أمام شاشة سينما تعرض قري محاصرة بفعل الوباء في الماضي. أما الحاضر فكل معلوماته مشوشة، الحقيقة الوحيدة التي نملكها أن مياه الشرب «ملوثة»، بفعل المجاري يجوز ـ رغم جسامة تلك الجريمة ـ، أوبفعل ميكروب مجهول وهذا أيضا احتمال وارد. لكن يبقي السؤال: «أين المهرب من تلك الحقيقة المفجعة؟».


هل يجد أحدكم نفي وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي ملاذا آمنا من احتمال دخول وباء الكوليرا الأراضي المصرية؟. هل تفضلون التيفود علي الكوليرا؟.


هل يمكن أن نعول علي التفسير الذي قدمه المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان، ونلقي اللوم علي المواطنين الذين يفضلون «المياه المجانية»، ويحصلون عليها من الطلمبات الحبشية؟.


إذا كنا في عام ٢٠٠٦ نتحدث عن قري تزورها مياه الشرب النقية (أو المفترض أنها نقية) لمدة أربع ساعات في اليوم، وإذا كان الدكتور حمدي السيد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب يعترف بأن شبكة الصرف الصحي لا تغطي إلا ٤% من قري مصر، فكيف نصدق الحكومة التي تباهي بإنجازات غير مسبوقة وإنفاق لا حدود له علي البنية التحتية؟.


هل سمع أحدكم عن شيء اسمه (الطرنش)؟، إنه عبارة عن آبار أهلية بديلة للصرف الصحي تنتشر في الريف والأحياء العشوائية. إنه نموذج لعجز الحكومة الكامل ليس عن تصريف شؤون البلد بل عن تصريف مخلفات البشر!.


لا تسل بعد ذلك عن مخلفات المصانع والمستشفيات المليئة بالمواد المشعة والعناصر الكيماوية، وهل يتم صرفها في البحر أم في النيل؟.
نعم النيل شريان الحياة المتصلب،المسدود بالطيور النافقة، الشريان الذي لايزال يستقبل سموما لا يطهرها «كلور الحكومة» قبل أن يصل إلي أحشائنا.


الحكومة لم تفلح إلا في بيع أصول البلد في مزاد الخصخصة، لكن عائد شبكة المحمول الثالثة والبنوك الوطنية لم يطهر مياه الشرب من ذنوب التقصير، ولم يرفع السحابة السوداء عن سماء الوطن، ولم يوقف سقوط الشهداء علي قضبان السكة الحديد.


فهل الحكومة التي لا تستطيع توفير مياه شرب نقية تستحق «الثقة»؟، أم أن سحب الثقة من الحكومة رفاهية لا نعرفها،وبدعة من عمل الشيطان يتحاشاها نواب الشعب في شهر الصيام؟. 
الإجابة غالبا: من لا يعجبه أداء الحكومة.. يشرب من البحر!!

الخروج عن النص!!- المقال نشر بتاريخ ١٣/ ١٠/ ٢٠٠٦

 

المحامي «طلعت السادات» ليس ضحية وليس شهيدا للحقيقة التي يبحث عنها وأعني بها: «من الذي قتل السادات؟». إنه في تقديري الشخصي سياسي بارع احترف مغازلة مشاعر الجماهير، والعزف علي أوتار الأزمات المكبوتة والغضب المكتوم، لكنه لم يصل إلي درجة من الاحتراف تمكنه من الفوز بالضربة القاضية.


كل الصدمات الإعلامية التي أحدثها طلعت السادات لم تتجاوز «تهويش الخصوم»، ربما لأنه كان يستند إلي نبض الشارع ولا يعتمد علي وثائق تكشف ما يدعيه من فساد وتسقط «الكبار» الذين يصارعهم.


في حملته تحت قبة البرلمان لم يثبت طلعت السادات تهمة احتكار صناعة الحديد علي رجل الأعمال أحمد عز. وفي معركته «الكلامية» ضد نجل عمه جمال السادات توقف الأمر عند التشكيك في مصدر ثروته، ولم يقدم لنا مستندات تؤكد أن أموال جمال السادات المستثمرة في شبكة المحمول الجديدة أو في شركة
BMW جاءت من مصادر غير مشروعة.


لكنه رغم كل ذلك كان يكتسب أرضية جماهيرية في كل يوم، وترتفع شعبيته مع ارتفاع السخط الاجتماعي علي تكدس الثروات في أياد معدودة، وتزداد كذلك بازدياد السخط السياسي من احتكار السلطة وتعنتها.


وحين جاءت الفرصة لاستثمار تلك الشعبية الواسعة مع تبرئة المتهم في حادث «بني مزار»، كان طلعت السادات قد وصل إلي ذروة التصعيد في حملته ضد عائلة الرئيس الراحل أنور السادات، وكذلك كان قد استنفد معظم أدوات استعداء الرأي العام علي ما يري أنه فساد سياسي.


لكن الفرصة جاءته علي طبق من فضة بواقعة الاعتداء عليه في صعيد مصر عقب نظر قضية «بني مزار»، لتضيف إلي بريقه خصومة مع وزارة الداخلية، وهي خصومة تستقطب -عادة- الشارع المصري.


إلي هنا كان طلعت السادات مازال النجم الأول علي الساحة السياسية والإعلامية، أيضا كان هناك شبه تحالف إعلامي معه يستغل أحيانا جرأته الشديدة وشجاعته المطلقة لينوب عن البعض في التعبير عن «غل ما» تعجز الألسنة عن النطق به، أو ليمنح البعض الآخر سبقا إعلاميا أشبه بـ«الكباريه السياسي» الذي يمزج السخرية بالنقد اللاذع ، ويقدم «بطلا» من طراز خاص يجمع بين خفة الظل والوعي والذاكرة الثرية.


لكن المشهد الوحيد الذي لم يتحسب له النائب طلعت السادات هو «الخروج عن النص» ، والتمادي في ارتجال الاتهامات التي توقع أعتي المحامين تحت طائلة القانون!.


ورغم أنه صاحب النص الأصلي الذي تلاه في قري مصر وفضائياتها، علي خلفية من مشهد مهيب لأسدين يتربع بينهما في حملته الانتخابية، فإنه في هذه المرة خانه ذكاؤه الشديد، وأطلق أعيرته الطائشة بشكل عشوائي!.


إذن ما كنا نعتبره «سياسة مصاطب» تحول إلي «سياسة مصائب»، وهو تعبير يتضمن سياسة صنع المصائب أو مصيبة العمل السياسي، وبالتالي يطرح معه تساؤلات عديدة: من مصلحة من إعادة فتح ملف فساد عصمت السادات؟، وهل الرد علي ذلك يتم بتوريط مصر في تحقيق دولي لا داع له؟، أو بالتشهير بأسرة أنور السادات وبتلطيخ تاريخ مصر؟.


لا أعتقد أن هذه هي النتيجة التي سعي إليها المحامي المخضرم من مرافعته عن واقعة اغتيال السادات. ولا أتصور أنه يفضل أن يتحول من بطل شعبي إلي شهيد لحرية «الكلام»!!.


لا أظن طلعت السادات توقع تلك النهاية السيئة لوجوده الإعلامي المكثف، بل أعتقد أنه ظل يصعد نجمه حتي سقطت كل الأقمار الصناعية فوق رأسه!.


البعض يروج لوجود مؤامرة للإيقاع به وتوريطه للزج به في السجن، والبعض الآخر يتصور أنه (الآن فقط) تجاوز الخطوط الحمراء. لكنني أتصور أنه لم ير خطوط المنع مطلقا، فهو لم يستثن اسما واحدا من إدعاءاته من قبل.


المتغير الوحيد في (الحوار- الأزمة) لطلعت السادات أنه تحول مما يمكن اعتباره -تجاوزا- «نقدا سياسيا» إلي ما يصنف قانونا تهمة إهانة هيئة سيادية.


العبرة الوحيدة التي نأخذها من مأزق طلعت السادات هي أن تجاهل الحكومة المستمر لاتهامات حقيقية تم طرحها تحت قبة المجلس قد انتهي بنا إلي خلط الاتهام الحقيقي بالمزيف .


لا أحد يستطيع أن يصادر علي المستقبل ليقول إن المستقبل السياسي لـ«طلعت السادات» قد انتهي، لكن عليه أن يعود للساحة بمستندات موثقة. 
الشعبية لا تكتمل إلا بالمصداقية ، وحين كسب طلعت السادات معركته القضائية في قضية بني مزار توافرت له المصداقية، وعليه أن يبحث عنها دائما حتي في دفاعه عن نفسه في المحاكمة الأخيرة.

ثورة "التائبات .. العائدات" !! - المقال نشر بتاريخ ٢٩/ ٩/ ٢٠٠٦

نحن شعوب بلا ذاكرة، لكنني رغم أعراض «الزهايمر» المبكرة مازلت أذكر التصريحات النارية لكل فنانة اعتزلت الفن وهي تعلن توبتها وتتبرأ من ماضيها.

أذكر علي سبيل المثال غلاف مجلة الكواكب الذي حمل طعناً في أعراض كل الفنانات علي لسان «العائدة» عفاف شعيب، ساعتها قالت: إن الفن لا يدر تلك الثروات، فمن أين جاءت ثروات الفنانات إلا من سلوكيات مشينة!.

أذكر أيضا أن سهير البابلي ـ في أول لقاء لها مع الدكتورة «هالة سرحان» ـ حمدت الله علي توبتها التي سبقت موتها علي خشبة المسرح كما تمنت دائما، وتنصلت من تاريخها الفني ووصفته بأنه «أيام الجاهلية»!!.

كان هناك إجماع بين من اعتزلن علي مصطلح «التوبة»، واستشارات عديدة لمشايخ الإسلام عن «المال» الذي جاء من العمل الفني، هل هو حلال أم حرام؟، وكيف يتم استغلاله؟ ثم توالت أخبار الراقصات اللاتي تحولن إلي «داعيات للإسلام»، وأجورهن الباهظة نظير محاضرات دينية تزدهر عادة في رمضان وموسم الحج.

كانت بعض الصحف ـ آنذاك ـ تتلقف «الرؤي» التي سبقت قرار الاعتزال باعتبارها «معجزة من السماء»، والبعض يؤلف الكتب عن حجاب الفنانات باعتبارها «سبوبة»، وصحف أخري تحارب فكرة تحريم الفن وتتندر علي تلك الروايات الخيالية. ومع استمرار حملة حجاب الفنانات وارتباطها بتكثيف الأضواء علي نجوم جدد للدعوة الإسلامية، تعامل المجتمع بتسامح شديد حتي مع نموذج «التردد الحاد» في ارتداء الحجاب ثم خلعه.

وتدريجياً نجح فصيل من كتيبة المعتزلات في التسلل إلي القنوات الفضائية، إما لنيل مكسب سريع بلقاء «مدفوع الأجر» أو لتقديم برامج تفرض رؤاهن وأفكارهن علي المشاهد العربي.

ورغم أن حجابهن كان مؤسساً علي فكرة تحريم الفن (وهي جزء من تكفير المجتمع)، لم نبادر لنسأل إحداهن: «لماذا عادت إلي الشاشة؟». من قالت إنها «صاحبة رسالة» لم نناقشها في القبلات الساخنة ولا المايوهات البكيني في أفلامها التي مازالت تعرض لها علي الفضائيات. لم نبد أي غضاضة من تقمص إحداهن دور «المصلحة الإجتماعية».

ارتضينا بموقع «الدفاع عن النفس» في مواجهتهن، وكأن البعض اعتبر مناقشة فنانة «معتزلة أو عائدة» دخولاً في منطقة ملغمة، تضع الحجاب في مواجهة العري علي الشاشة، أو تعتبره ستاراً علي ماض مرسوم علي إيقاع بدلة رقص عارية!.

ربما ظلت هناك استثناءات تفرض احترامها، أو أننا نحترم الحرية الشخصية بقدر ما يصادرونها. المهم أن هناك نماذج أفلتت من حلبة التجارة بارتداء الحجاب وخلعه، منها علي سبيل المثال «شمس البارودي» وأخريات. وهناك نماذج أخري لم تتاجر بحجابها، واستكملت مشوارها الفني دون أن تعلن «التوبة» عن أمور غير فنية قطعاً!. أبرز هذه النماذج «حنان ترك» التي استأنفت تصوير دورها في مسلسل «أولاد الشوارع»، ولم تعتزل الفن عقب حجابها.

الآن دخلت كتيبة العائدات مرحلة جديدة، لم تتكشف أسرارها بعد، لكنها مرحلة بدأت بتقاضي ملايين الجنيهات نظير بطولة المسلسل الواحد، ومارست بعضهن رقابة خاصة علي السيناريو، وحذفت أخري المشاهد التي تسيء الي «وقار حجابهن» علي حد زعمهن. وقبل أن تنتهي نوبة اجتياح التليفزيون المصري والفضائيات اشتعلت ثورة «العائدات» لعدم عرض مسلسلاتهن علي القنوات الأرضية!!.

ومرة ثانية فتحت «سهير البابلي» النار علي الجميع كعادتها، وكما بالغت في استثمار اعتزالها ها هي تعتبر عدم عرض مسلسلها «مؤامرة علي الإسلام»، وتشن هجوماً ضارياً علي المسلسلات الأخري التي لا تعرض ـ من وجهة نظرها ـ إلا (اللي قالعة.. واللي راجل نايم فوقها)، وهذه تعبيرات سخيفة لا تستحق الرد عليها.

ما يستحق أن نناقشه فعلاً: لماذا عادت «سهير البابلي» إلي الشاشة؟، وما الذي تحتاجه «سهير رمزي» من النجومية بعد تاريخها الفني وغيابها الطويل؟.

المؤامرة ليست علي الإسلام، بل علي الإعلام. وكان يجب أن يوقف التعامل نهائياً مع كل من أساءت للفن أو حرمته وتابت عنه.

حق الحجاب مكفول للجميع لأنه علاقة مع الله أولاً، وحرية شخصية ثانياً، أما حق العودة إلي الشاشة فهو مشروط بموقف الفنان من مهنته واحترامه لها.

ثم إن الملايين التي تنفق علي العجائز اللاتي نسين أصول التمثيل وفقدن أدواتهن الفنية أولي بها الوجوه الجديدة الواعدة، وبالمناسبة التليفزيون المصري هو الذي قدم «ليلي علوي» بالحجاب في مسلسل «العائلة»، وهو من قدم «موديل» محجبة في كليب لـ «محمود العسيلي».

أما المؤامرة فهي إما في عودة المعتزلات، أو في رؤوسهن فقط.

" لاتصفق " !!- المقال نشر بتاريخ ٢٢/ ٩/ ٢٠٠٦

«الحزب الوطني» هو عنوان مرحلة طويلة من حكم مصر، هو مجرد عنوان يقود إلي تلك الغرف المكيفة - المغلقة علي مصير البلد.


إذا تجاوزت العنوان إلي الشارع، لن تجد سوي عدة لافتات ملونة بعبارات عن المستقبل، فلا وجود لرجالات الحزب في الشارع، وليس لهم تأثير في القاعدة الجماهيرية. الشارع يسيطر عليه «الغضب»، وتحتله جماعة الأخوان «المحظورة»، وتتنازع علي ملكيته قوات «الأمن» ومظاهرات حركة «كفاية».


في كل كارثة مرت بمصر، لم يكن الحزب الوطني حاضراً، الحزب الحاكم «غائب» عن معارك الوطن وأحزانه. تذكر كارثة غرق عبارة «السلام» أو مسلسل الرعب علي خطوط السكك الحديدية، ستجد رجال الحزب قد قفزوا في وجهك فجأة ليس لتدارك الكارثة أو لمواساة أسر الضحايا، بل لصد استجواب أو طلب إحاطة يهدد بقاء أحد المسؤولين عن انهيار البلد !.


هم ليسوا إلا «شلة مصالح»، يجمعهم رنين «المحمول» للاتفاق علي تصويت «بالأغلبية» لتمرير قانون يحمي مصالحهم، أو إسقاط قانون يعارض وجودهم علي قمة هرم السلطة.


وبالتالي أصبح وجود الحزب الوطني «موسمياً»، فإذا غاب لن تفتقد كيانا سياسيا ذا ثقل (وربما استرحت)، أما إذا حضر، فعليك أن تتابع الزفة الإعلامية المصاحبة لوجوده،وقوات الأمن التي تحاصرك ليتمتع «الباشوات» بحرية الحركة.


في الانتخابات الرئاسية، قدم لنا الحزب الوطني استعراضا أمريكيا بدءا من الدعاية وصورة السيد الرئيس، مروراً بالبرنامج الانتخابي، حتي وصلنا إلي لحظة إعلان النتائج التي بشرنا فيها وزير الداخلية بأنها المرة الأخيرة التي تتولي فيها الداخلية إعلان النتائج.


وكأننا كنا نتابع بروفة «تداول السلطة» التي بدأت بتعديل المادة (٧٦ ) من الدستور وانتهت بمشهد دموي للانتخابات النيابية، تخللته جموع كومبارس (بلطجية) تحاصر فكرة «النزاهة» بقضايا «التزوير».


الآن عليك أن تتابع مشهداً عبثياً للواقع السياسي يسمونه «المؤتمر الرابع للحزب الوطني»،وعلي طريقة هوليوود ستجد: «سيناريو ركيكاً يدغدغ مشاعرك بحديث معاد عن الإصلاح الاقتصادي والإصلاح الدستوري»، ومفاجأة من العيار الثقيل يطرحها السيد «جمال مبارك» نائب الأمين العام للحزب، عن إمكانية إحياء مشروع البرنامج النووي المصري السلمي». وهنا يجب عليك أن تصفق !!.


تصفق أو تضرب كفاً بكف، لا يهم، المهم ألا تنظر إلي خلفية المشهد، حيث «الفقر» محفور في ملامح الوجوه الهائمة بحثا عن «مصاريف المدارس»، ومانشيتات الجرائد تتابع استمرار مسلسل كوارث القطارات، والسيارات المدججة بأوراق المؤتمر تدهس أحلام البسطاء في كيلو تمر (لزوم الشهر الفضيل) !.


لا تنظر بعيداً عن تلك القاعات، فصخب المظاهرات لن يغير «المستقبل» الذي تتم صياغته في أروقة المؤتمر، ولا تفتش طويلا عن أحلام تبددت بعد الانتخابات (أي انتخابات)، وبرامج لم يتجاوز تنفيذها جهد من صاغوها، إنها مجرد إطلالة موسمية للحزب الوطني، فلا تضيع وقتك بمتابعة وعود لن تتحقق.


لا تنشغل بالضجيج المفتعل حول قضية «التوريث»، فلابد للمشهد أن يتمحور حول «بطل رئيسي»، وفي غياب حبكة درامية (أي مبررات مقنعة) لحالة التدهور السريع للبلد يصبح لفت الانتباه إلي «البطل» هو قمة النجاح الفني لإخراج الحدث.


حين تغيب الإنجازات من سجل الحزب الحاكم، وتختفي وعود الانتخابات الرئاسية من أجندته، يصبح البديل الأمثل لإخفاق الحزب الوطني، وعجزه عن تحقيق إصلاح ملموس هو إلهاء الرأي العام بفكرة توريث الحكم لنجل السيد الرئيس.

لا أميل كثيراً لتأويل تصريحات الدكتور «حسام بدراوي» باعتبارها «رأيه الشخصي»، فأي قيادة حزبية بحجم دكتور بدراوي تدرك جيداً مغزي هذا الرأي وردود الفعل المترتبة عليه.


ولم أنتظر نفياً أو رفضاً من السيد «جمال مبارك»، فهناك سبيل وحيد لنفي فكرة التوريث نعلمه جميعا وأعني به إعادة صياغة المادة (٧٦ ) من الدستور.


تغيير هذه المادة لن يكسر احتكار الحزب الوطني الترشيح لمنصب الرئاسة فحسب، بل سيعطي شرعية حقيقية لتقديم «كادر» من بين صفوف الحزب للترشح لهذا المنصب.
ساعتها فقط لن نتوقف طويلا عند اسم عائلة المرشح، وربما يتطوع أحدنا ليصفق.

الأوصياء علي الدستور!! _ المقال نشر بتاريخ ١٥/ ٩/ ٢٠٠٦

إنه «الدستور» مرة ثانية، نقطة الالتقاء الوحيدة بين مختلف تيارات المعارضة، فلا يكاد يخلو منتدي سياسي الآن من الحديث عن تغيير الدستور، وكأن الجثث المتهالكة من معارك الانتخابات النيابية قد دبت فيها الروح مرة ثانية، ونهضت تنشر برامجها لتعديل مواد الدستور!


لكن السؤال الأهم من تعديل الدستور هو عن مدي أهمية الدستور في حد ذاته، فإذا كانت الدولة تتقن تفصيل قوانين مطعون في دستوريتها، وتعطل قوانين لتفعل قانون «البلطجة» أحياناً، فهل نسألها اليوم عن صلاحيات رئيس الجمهورية؟


ألم يكن الرئيس السادات «رحمه الله» رئيساً للجمهورية حين أطلق مدة الحكم وجعلها أبدية لا تنتهي إلا بقرار إلهي، وساعتها وجد من يهلل لتغيير الدستور ومبايعة «الرئيس المؤمن»!


إذن العيب ليس في الدستور وحده، العيب في رجال يتلاعبون بكل أوراق الحياة السياسية لتغذية مؤسسة الفساد، تلك المؤسسة التي تحترف تحصيل العمولات من المعاهدات الدولية وصولاً لمحل «الحانوتي».


فساد الحياة السياسية لم يترك مجالاً لأي محاولة إصلاح سياسي، ولنتذكر سوياً كيف كان تعديل المادة «٧٦» من الدستور عنواناً ضخماً لعملية التغيير، ثم ولدت المادة مشوهة تجعل المنافسة علي كرسي الحكم مستحيلة، بل وجعلتها حكراً علي رجال الحزب الوطني.


لست متفائلة بتغيير الدستور، طالما أن الرجل المناط به تنفيذ القانون هو أول من يخالفه، والشخص المنتظر منه أن يكون يد الشعب في مساءلة الحكومة قد وصل إلي المجلس الموقر بالتزوير، وطالما ظلت دائرة المصالح الشخصية تحكم الغرف التي يتم فيها تعديل الدستور فلا تنتظرون إلا الأسوأ.


صحيح أن هناك ورقة عمل طرحها الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي، لتصبح بوصلة تعديل الدستور، لكن للأسف ما يصدر من مؤسسة الرئاسة يمر بمراحل الخصم والإضافة ليصل إلي محطة التنفيذ مناقضاً لنقطة النيات الحسنة التي انطلق منها!


راجعوا تدخل رئيس الجمهورية لإلغاء مادة «الذمة المالية» في جرائم النشر، لتكتشفوا أن هناك من يفسد توجيهات الرئيس، وكأنها محاولة إحداث وقيعة متعمدة، أو لنقل تخريباً لحالة التفاهم المفترضة بين القوي السياسية ورأس النظام.


الرئيس وعد بوضع ضوابط علي صلاحيات رئيس الجمهورية، وتوسيع دور مجلس الوزراء، وتحقيق التوازن بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وتبني نظام انتخابي يعزز الممارسة الديمقراطية.
لكن بكل أسف، هناك من يختصر الوطن في شخص، أو عدة أشخاص، ويعتبر إنقاص صلاحيتهم هو فشل ذريع لحاشية السلطة!


لا أحسب أن الرئيس «مبارك» حريص علي أن تتجمع في يده ٣٥ سلطة من إجمالي ٥٥ مادة في الدستور، ولا يوجد أي دستور في العالم يثقل كاهل رئيس الدولة بكل تلك المناصب والصلاحيات إلا دستور «١٩٧١» الملقب مجازاً بالدستور سيئ السمعة؟


حين يقرر الرئيس مبارك تحقيق استقلال القضاء ـ في برنامجه الانتخابي ـ فهو يفتح مظلة العدالة ليحمي الشعب، وحين يحدثنا عن قانون لمكافحة الإرهاب بدلاً من «قانون الطوارئ» فهو يرفع القهر عن المواطنين، لكن هناك من يصر علي أن تظل الدولة ظالمة ويبقي الشعب مقهوراً.


إن حلقة الثقة التي تربط المواطن بمختلف مؤسسات الدولة حلقة مكسورة، وإذا تابعت أي تصريح لفقهاء الدستور لن تجد نبرة تفاؤل، وكأننا لم نعد نأتمن أحداً علي واقع ومستقبل البلد.


نحن علي وشك استقبال دستور الثلثين، ذلك الدستور الذي انفرد الحزب الوطني بتعديله، لأنه يضم ثلثي أعضاء مجلس الشعب، فإذا حذفنا من الثلثين من جاء بالتزوير ومن انضم من المستقلين، سنجده دستوراً يعبر عن «مجلس الوصاية» ولا يرقي لرغبة الرئاسة أو مطالب الشعب.

ولعل أهم سلطة يجب أن يباشرها الرئيس «مبارك» الآن هي متابعة عملية تعديل الدستور، ودمج القوي السياسية وهيئات المجتمع الدولي في الاستفتاء علي مواده، رقابة السيد الرئيس علي عملية التعديل ليست مجرد ضمان لتحقيق وعوده فحسب، بل لأن التاريخ سيسجل لفترة حكمه «أو عليه» ما سيأتي به الأوصياء علي الدستور.

"عفواً".. (وصلة ردح) !! المقال نشر بتاريخ ٨/ ٩/ ٢٠٠٦

لعل أهم أسباب نجاح برامج «تليفزيون الواقع» أنها قائمة علي تعرية النفس البشرية، وكشفها لنقاط الضعف أو القوة في الإنسان بواسطة تعريضه لضغوط عصبية وإغراءات قوية تستنفر غرائزه.


الجمهور شغوف برؤية البشر بدون رتوش أو مكياج، شغوف بالأفعال التلقائية وردود الأفعال العفوية حتي لو كانت عنيفة أحيانا.


الدموع هنا حقيقية بلا قطرة «جلسرين»، والغضب يمكن أن يؤدي إلي نوبة قلبية، والجشع قد يعود بالإنسان إلي تصرفات بدائية!. في تليفزيون الواقع يخلع الإنسان ملابسه أمام الكاميرا، وقد يمارس الجنس علي الملأ (طبعا إذا كان البرنامج أوروبيا)، وأحيانا يتحول إلي «أراجوز» للفوز بجائزة البرنامج.


تلك برامج تكشف حالة اللخبطة الداخلية، وصراع المثل والأخلاق مع شروط «المسابقة»، لكنها في النهاية برامج مثيرة جدا. ودرجة الإثارة تتصاعد كلما زادت حدة «الألم» ليصفق الجمهور.
علي شبكة الإنترنت تصل البرامج الواقعية أحيانا إلي رهان علي أرواح المتسابقين في غرف «القتل العلني»!.


هل يمكن -تجاوزا- تصنيف حلقة برنامج (القاهرة اليوم) باعتبارها حلقة واقعية (بمنهج تليفزيون الواقع) كشفت لنا كواليس الصحافة بصخبها وصراعاتها، وأتاحت لنا (فرجة) نادرة علي قيادات الرأي العام وهم يتبادلون الشتائم!.


مازلت حائرة في تقييم تلك الحلقة، مشاعري مرتبكة تجاهها، أحيانا أحتكم للمعايير المهنية لأجد «عمرو أديب» حقق سبقا بكل المعايير، وأحيانا أخري أدين ضيفيه اللذين تسببا في «فضيحة علنية» للجماعة الصحافية، ثم أعود لأعترف - همسا -: «بكل أسف هذا هو حال الصحافة اليوم».


لم أكن يوما من أنصار «الصحافة السوداء» التي تربط معدلات التوزيع بكم الشتائم التي تكيلها لرموز البلد ومسؤوليه، لكنني لم أكن - أيضا- أشجع (الصحافة العرجاء) التي ترفع شعار: «أنصر الحكومة ظالمة أو مظلومة».


كنت أجد بين الفريقين من يشق صف القطيع ويحاول أن ينتصر لمهنته المقدسة متجاوزا شهوة السلطة التي تحكم رؤساء التحرير ممن فوقه.
كنت أجد من يلبس ثوب الحداد -مثلي- علي حال صاحبة الجلالة، ومن يلعن فريق التطرف في الهجوم علي النظام لدرجة «السقوط»، ومن يلعق الأقدام في نفس الهوة طلبا لرضا النظام الذي يستميت في الدفاع عنه. وبالتالي ظلت لدينا -دائما- صحافة وطنية رصينة، تقف علي أرضية واحدة : «مصلحة الوطن»، وتصل إلي يد القارئ نظيفة من الصفقات والتنازلات ومقالات (الردح السياسي).


وكان الأمل أن تظل تلك الصحافة صامدة رغم حالة الفوضي الصحفية، لكن المشهد الأخير جاء عبثيا، عصيا علي الفهم، ولا أغالي إن قلت مهينا لكل من يحمل عضوية نقابة الصحفيين.


إنها المرة الأولي التي نشاهد فيها تلك الألفاظ علي شاشة فضائية تنقل صورتنا لكل دول العالم، رغم أن بدايات الحلقة كانت مبشرة بحديث متوازن للكاتب المخضرم «مكرم محمد أحمد»، لكن كان بانتظارها فقرة ملغمة بين الكاتب «كرم جبر» رئيس مجلس إدارة روزاليوسف والدكتور «عبد الحليم قنديل» رئيس التحرير المشارك لجريدة الكرامة. الفقرة التي أدارها «عمرو أديب» بطريقة «تقاطع النيران» أشعلت النيران فيما تبقي سليما من ثوب صاحبة الجلالة.


كيف نحافظ علي كرامة للصحفي بعد استخدام ألفاظ من عينة: «ياحمار.. ياحقير» بين اثنين من رؤساء التحرير ؟. وإذا كان الحوار بين القيادات الصحفية يبدأ باتهامات العمالة للمباحث أو للدول العربية، تري هل يصدقنا القراء؟.


بعد وصلة (ردح) لا علاقة لها بأدب الحوار حرص طرفا الحوار (كرم -قنديل) علي الاعتذار للمشاهدين، لكن فاتهم الاعتذار للصحفيين الذين لطخوا سمعتهم!.


هي المرة الأولي التي تبادر فيها النقابة بتوجية «اللوم» إلي صحفي بسبب أسلوبه في لقاء تليفزيوني، لكن من الواضح أنه إجراء لا يشكل عبئاً نفسياً علي الطرفين، ويبدو أن الزميلين (كرم وقنديل) ليسا معنيين بأي خسارة أدبية تخصم من مصداقيتهما!!.


الدفاع عن النظام لا يكون بالإساءة إلي المهنه، والدفاع عن النفس لا يتم بذبح الزملاء، فإذا كان هناك قدر من الاحترام لتلك المهنة لابد أن يتقدم الزميلان (كرم وقنديل) بالاعتذار فورا للجمعية العمومية صغيرها قبل كبيرها.


أما الإعلامي المميز «عمرو أديب».. فقد أفلح في (تهدئة النفوس)، وجعلنا نعيش حلقة من برامج الواقع شعرنا فيها بالفزع.. والحزن.. والغضب.

أسلحة الفتاوي الفاسدة !! .. المقال نشر بتاريخ 1 / 9 / 2006

رغم متابعتي لـ«نجوم» الدعوة الإسلامية وفتاواهم المثيرة للجدل، كانت المرة الأولي التي أسمع فيها اسم الداعية الإسلامي «صفوت حجازي» من خلال سيل الفتاوي التي تزامنت مع قضية «هند الحناوي».

كان اسم «حجازي» - ساعتها - يتردد خلف نصيحة لهند وأحمد الفيشاوي بإجهاض الحمل السفاح، لكن ظلت هناك مساحة ضبابية تخفي اسمه خلف غيوم كثيفة من الحديث عن صحة الفتوي وكفارة الإجهاض، المهم أنه لم يواجه معارضيه ولم يقف في محكمة الرأي العام بل ظلت الفتوي المعلقة في رقبته قابلة للإنكار في أية لحظة.

لا أدري بأي وازع تحرك «صفوت حجازي» ليقلب طاولة النقاش علي رؤوسنا، وهو يطلق فتواه بوجوب قتل اليهود الذين يأتون إلي مصر أو أي بلد إسلامي!!

هل كان الداعية - الشهير أصلا - يدغدغ مشاعر الجماهير الثائرة طلباً لمزيد من الشهرة؟ هل رأي في المجازر التي ترتكبها إسرائيل في لبنان وفلسطين مادة قابلة للمزايدة، فقرر نزع فتيل الفتوي في وجوهنا ليحصد الإعجاب بثورة الغاضبين ودفاع المناضلين عن الحق في المقاومة المشروعة في آن واحد؟

الحقيقة، لا أملك تفسيرا لتلك الفتوي التي سرقت الأضواء من شهداء «قانا» و«صريفا»، لتتسلط علي صاحب تلك الفتوي الصادمة.

إن كل محاولة لتفسير تلك الفتوي - من جانبي - هي افتراء - بشكل أو بآخر - علي «صفوت حجازي»، وتفتيش في نوايا لا يعلمها إلا الله. لكن تظل النتائج المترتبة علي تلك الفتوي قابلة للتفسير، لأنها ببساطة لا تخدم الإسلام في شيء، بل علي العكس تثبت علينا جميعا تهمة «الإرهاب» الديني، وتضرب قضية «المقاومة» في مقتل، لأنها تظهر المسلمين كأنهم شعوب دموية، وتكرس صورة القتل العلني المتلفز الذي تبثه المقاومة العراقية لقتل أي رهينة أجنبية.

وقطعا الغرب يعرف جيداً كيف يستثمر تلك «الوحشية المصورة» ليطمس بها جرائم سجن «أبو غريب»، وجرائم الحرب ضد المدنيين العزل في الأراضي العربية المحتلة.

هي فتوي «قاتلة» اغتالت صمود «حزب الله» في لحظة، فتوي «ناسفة» بددت كل ما كتبناه عن سماحة الإسلام، ولا أتجاوز إن قلت إنها فتوي «تحريضية»، تحرض الغرب علي المسلمين، وتستنفر مشاعر التعصب الديني بين صفوف المسلمين، لتحرضهم علي أصحاب الديانات السماوية الأخري.

أي ذكاء هذا الذي جعل رصاصة الفتوي تنطلق دون وعي من فم داعية يفترض أن يكون في خدمة دينه وليس في خدمة «نجوميته»!

لقد تابعت لسنوات حالة السيولة الفقهية التي تضرب العلاقات الإنسانية بتناقضاتها الحادة، لكن الأمر تجاوز فقه الزواج والطلاق إلي تكفير الحاكم (راجعوا آراء مهدي عاكف)، وامتد إلي استعداء ديانة تتحكم في القرار الدولي علي أمة منهارة تعاني ويلات الإحتلال وهمجيته، وبالتالي سندفع جميعا ثمن التهاون في شروط اعتلاء المنبر، ونسدد فاتورة شهرة حجازي من أرواحنا وأرضينا.

هل يجرؤ أحد الآن علي الحديث عن عنصرية الكيان الصهيوني، أو يطالب بمحاكمة مجرمي الحروب من مسؤولين، خاصة بعد أن أصبحت تهمة العنصرية لصيقة بنا بفتوي حجازي؟

العالم الإسلامي لم يغفر للرئيس الأمريكي حتي الآن سقطته السياسية، حين صرح بأن حربه علي الإرهاب هي حرب صليبية، الآن لم يعد «بوش» بحاجة إلي تبرير لأنه أصبح في موقف الدفاع عن النفس بتلك الفتوي الخرقاء.

لن يستمع أحد لتصريحات الدكتور «علي جمعة» مفتي الجمهورية عن حرمة الدم التي يحفظها الإسلام لأي إنسان بموجب «عقد الأمان»، ولن يصدق أحد تراجع حجازي عن موقفه وتأكيده -في تصريحاته الأخيرة- أنه قصر فتواه علي الجيش الإسرائيلي، فالعالم من حولنا جاهد ليلبسنا عباءة الإرهاب، ويكرس صورة إعلامية قبيحة للوجه الإسلامي، وقد أهداهم «حجازي» مبرراً لقتلنا تحت بند «الحق في الحياة».

الدكتور«صفوت حجازي» منع من الخطابة بعد فتواه بقتل السياح اليهود في مصر، ويواجه الآن التحقيق معه أمام نيابة أمن الدولة العليا، وهو الأمر الذي دفعه للتأكيد علي تحريف فتواه، والإصرار علي «حريته» في قول ما يؤمن به.

لا يا دكتور «حجازي».. لست حرا، لأنك لا تعبر عن رأي شخصي، أنت تتحدث باسم الإسلام، وتحلل سفك دماء الأبرياء، وتدفع الشباب المسلم لصفوف الإرهاب ليقتص للشعب اللبناني من السياح اليهود.

إنها جريمة وليست مجرد فتوي، لكن الذنب ليس ذنبك وحدك، كل من أفرغ الساحة من القيادات الروحية والسياسية والفكرية، وأغلق معظم منابر الحرية إلا منابركم، كل هؤلاء شركاء في جريمتك.

سلاح الاستشهاد! .. المقال نشر بتاريخ 18 / 8 / 2006

نعم.. أعترف بأنني منحازة، منحازة سياسيا لمشروع المقاومة، أو ربما منحازة لنصر (ليكن مؤقتاً أو محدوداً) حققه حزب الله وزعيمه «حسن نصر الله».


أعترف أيضا بأن انحيازي الدائم للقضايا العربية لم يقدم لها شيئا، وأن انتظاري الطويل للجهود الدبلوماسية لم يمنحني إلا مزيدا من اليأس، واليأس مرحلة شديدة القسوةة ذبحت فيها حمائم السلام، وذبلت أغصان الزيتون، وتفككت أواصر العروبة .إنها مرحلة شديدة المهانة لم يرفع فيها السلاح العربي إلا علي عربي (ما بين غزو الكويت و تحريره ) !!. 
لكننا شعوب تحترف الكلام، كنا - مع كل خطوة انتحار- نجتمع في مكلمة وطنية موسعة، نطلق عليها أسماء فخيمة من قمة رأب الصدع، وصولا لقمة السباب .


جميعنا (حكاما وشعوبا) تقمصنا شخصية «الصحاف» وزير الإعلام العراقي السابق، بنفس تحديه للعلوج الأمريكان، وفخره بالجنود الأشاوس، والغريب أننا تحركنا بنفس قناعات الصحاف باعتبارنا نفعل ما لا يقدر عليه سوانا، ونفهم ما يعجز المجتمع الدولي عن فهمه !.


في لحظة حالكة الظلام من التاريخ العربي، تمني بعضنا أن يكون «الصحاف» صادقا، انتظرنا خروج الجنود الأشاوس من الأنفاق لنصرة بغداد، لكننا لم نر إلا هتك العرض العربي في سجن «أبو غريب»، ولم نسمع إلا استغاثة «أبو عمار» الرئيس الفلسطيني السابق طلبا لشربة ماء فأصبحنا ندفن الشهداء في نعوش العار، تحجر الدمع في أعين لا تري سوي الدمار والدماء، لكن الحناجر العربية لم تتوقف يوما عن الشجب والإدانة وادعاء الحكمة والعنترية .


كانت الأمة في حالة هذيان جماعي، تنتظر ظهور «المهدي المنتظر» وكأنها تطلب العون من السماء، ولا تري بين الزعماء من هو بطهارة نبي ذي قوة خارقة ليحررها من ذل الاحتلال .


لكن المهدي المنتظر لم يظهر إلا في رؤانا، فاستكنا في كهف «الخوف»، حتي جاء «حسن نصر الله» ليحررنا من عجزنا، يزرع في نفوسنا «ثقافة المقاومة»، يذكرنا بتحرير الجنوب اللبناني عام ٢٠٠٠، يرد إلينا بعضا من كرامتنا السليبة .


وضعنا زعيم حزب الله جميعا في مواجهة أنفسنا، لنري الهوان العربي ونعيش التواطؤ الدولي، ونكتشف خدعة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر .


دفع لبنان وحده ثمن «فعل المقاومة»، لكن كل الخسائر البشرية والمادية لم تنل من وحدة لبنان الوطنية، كل التحريض العربي والدولي لم يفلح في شق الصف اللبناني، إلي أن وصلنا إلي قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، إنه الفتنة الناعمة التي تتسلل كحية إلي أروقة الحكم اللبناني.


الآن تندلع شرارة الصدام السياسي بين السنيورة ونصر الله، وتتصاعد حدة الصدام من دمشق إلي بيروت إلي القاهرة، ومن طهران إلي واشنطن.


فإسرائيل فشلت - بكل المقاييس- في انتزاع سلاح حزب الله بالحرب الشاملة التي شنتها علي لبنان، وأمريكا أدركت أن «سلاح الاستشهاد» الذي يستخدمه نصر الله ليس له رادع.. لا مفر إذن من تكرار سيناريو: «فرّق تسُد».


وتحت هذا الشعار كل ما نسمعه مجرد مؤامرات سياسية، فلا الجيش اللبناني قادر علي حماية الجنوب ولا أيضا قوات اليونيفيل . لا إسرائيل ستتخلي عن حلمها بمياه الليطاني ولا نصر الله سيفرط في قطرة منه. 
إن المتغير الرئيسي بعد القرار ١٧٠١، هو محاولة تفتيت الجبهة اللبنانية بعد الانتصار الخاطف للمقاومة، وبكل أسف فالعملاء جاهزون لإحماء الفتن الكامنة تحت جبال لبنان.


الكل خاسر في حرب الاتهامات والمزايدات السياسية، لكن البعض جاهز لتعويض خسارته علي جثة حزب الله!!. 
لا أحد ينظر الآن لبلد دمرته إسرائيل بالكامل، لا أحد يتحدث عن الخسائر البشرية وإعادة إعمار البني التحتية، وتنظيف الجنوب من دنس الصهاينة، لكن الجميع حاضرون لبيع «النصر» في المزاد الدولي!. 
عودوا إلي خندق الخوف واتركوا لبنان لأهله، هم قادرون علي تذويب المقاومة في الحياة السياسية، لا تشاركوا في جريمة إفساد التوازنات الداخلية وإشعال الحرب الأهلية.


حزب الله مزروع في أرض الجنوب، وسلاحه خلف ضلوع النساء، وفكره يسري في حليب الأطفال، ورجاله يدركون أن الحرب مستمرة.
من يعتقد أن بمقدوره نزع سلاح المقاومة فهو علي حد تعبير سماحة السيد «حسن نصر الله»: واهم.. واهم .