| اغضب، العن عجزك ألف مرة، تظاهر، طالب حكومتك بطرد السفير الإسرائيلي، أو سحب السفير المصري من تل أبيب . لكن لا تنتظر أي فعل إيجابي !. القاهرة «عاصمة العروبة» مازالت تحدثنا عن «السلام» !!. وكأن هذه الكلمة السخيفة هي عصا موسي السحرية التي ستنتشل أشلاء الجثث من تحت الأنقاض، وتكفن شهداء مجزرة «قانا ٢»، وتربت علي الأيتام، وتتكفل بالأرامل . وكأن سلامهم المقيت سيعيد إعمار لبنان ويحرر بغداد والقدس السليب . في يوم بغيض -كتلك الأيام- ولدت «كامب ديفيد» من رحم خرجت بروتوكولات صهيون، ولدت ملطخة بدماء شهداء أكتوبر . فأخرجت مصر من أوراق البردي أسرار التحنيط، وتحولنا - من ساعتها-إلي «مومياوات» يتفرجون علينا في المتاحف . أصبحنا «عبرة» لدول الجوار، فدخل «أبو عمار» زهرة المدائن في تابوت فرعوني، ووقع الملك «حسين» صفقة «سلام إذعان». ثم أطلق سحرة السياسية البخور وذبحوا حمامة السلام قربانا لصقور إسرائيل، وأداروا ظهورهم - بتبجح - للجولان السوري والجنوب اللبناني !. حين اقتلعت إسرئيل كل أغصان الزيتون لتبني الجدار العازل كان صمت الموتي يكبلنا في قبورنا، لكن لابأس من تذكير العالم بمشروع «السلام» . وحين اجتاحت إسرائيل بهمجية الأراضي الفلسطينية ظلننا نتمسح في العودة للمفاوضات، بينما نحن - فعلياً- نختبئ تحت طاولة المفاوضات . الآن لا طاولة تصد لعنات الشعوب عن حكامها، لا قانون دولي فاعلاً يستر المجتمع الدولي المتواطئ مع إسرائيل، ليس لدينا حتي «شاعر» يعلن «وفاة العرب» !. لم نعد مجرد عرائس «ماريونيت» تحركها الإدارة الأمريكية، بل أصبحنا قطع شطرنج مشلولة لا تبارح خانة «كش ملك» !. ما زال القادة العرب يتمسكون بتلك الخانة الضيقة، يرفضون الخروج من رقعة الشطرنج الملطخة بجرائم الحرب . ورغم أنهم خارج الخريطة السياسية ، مطرودون من سيناريو الشرق الأوسط الجديد، وملاحقون بتهم «الإرهاب والديكتاتورية» فمازالوا يرشحون الشعوب لمزيد من النزيف ربما يرضي عنهم «بوش الإبن» . إنها معادلة دقيقة في حسابات الانتهازية السياسية : «اتركوا لنا شعوبنا نحكمهم بالحديد والنار، ونذلهم بعصابات الفساد .. وفي المقابل لكم بغداد ودمشق والقدس وبيروت !». صفقة قد تبدو رابحة للحكام العرب والبيت الأبيض معاً، لكنها قسمة غير عادلة، ومقايضة لن يعترف بها الشارع العربي . لو ظن الحكام العرب أنهم طرفاً في «سايكس بيكو» جديدة فهذا هو الوهم بعينه، لو تصوروا أن التوسع الصهيوني لن يطال أوطانا يتربعون علي عروشها فتلك سقطة سياسية ضد مخططات بقائهم، سقطة سياسية ستتحول لمقبرة جماعية لأمة كان لها «صوت» فتحولت لمجرد «صدي»، تردد تصريحات الخارجية الأمريكية بغباء شديد، وترقص «رقصة الموت» في المحفل اليهودي دون حياء . من هناك، من قصر بعبدا جاءت تصريحات وزير الخارجية المصري «أحمد أبو الغيط» يحذر من فوضي تعم المنطقة إذا توقفت عملية السلام !!. معالي الوزير.. عن أي سلام تتحدث ؟. هل السلام الذي ينعم به الآن فقط شهداء «قانا»! . الشعب المذعور من القصف، والنازحون الذين تقطعت بهم السبل علي الحدود لا يعترفون بسلام «التأييد السياسي والمعنوي» الذي تعدهم به . حتي تلك المعونات الطبية - التي نحسبها ورقة توت تسترنا- لا تصل إليهم . تذكر جيداً - معالي الوزير - ذلك السؤال الذي تلقيته في المؤتمر الصحفي عن ضلوع مصر في «صفقة ما» . اعتبرها «مؤامرة» علي مصر، لكن دعنا نتوقف - ولو مؤقتاً - عن حديث السلام، احتراماً لقدسية الدم العربي . إن الشعب اللبناني لم يعد يراهن إلا علي المقاومة، ولا يتكئ إلا علي اللحمة الوطنية «بضم اللام» . لا ينتظر قرار وقف إطلاق النار الذي تبشرنا به، فجميعاً نعلم مدي استهانة إسرائيل بقرارات مجلس الأمن . أما الحكومة اللبنانية فلازالت تحمل شموخا رحل عنا، فترفض -بإيجابية - استقبال وزيرة الخارجية الأمريكية «كوندوليزا رايس» قبل وقف إطلاق النار . نزيف الدم لن توقفه المفاوضات السياسية، والشهداء لا ينتظرون اعتذاراً إسرائيلياً، ولا يأبهون بعبارات الأسي العربي . ورغم أن الشعوب العربية تسدد الآن فاتورة أخطاء حكامها : «من توريث الحكم في سوريا إلي تمديد رئاسة «إميل لحود»»، رغم ذلك استطاع لبنان المقاوم احتواء الخلافات السياسية والتناقضات المذهبية، ليقف ضد الوحشية الإسرائيلية علي قلب رجل واحد . قد يلعن كل فصيل سياسي في لبنان «حزب الله» وزعيمه «حسن نصر الله»، لكنه لا يجاهر إلا بحب الشهادة ونصرة المقاومة . أما «نصر الله» نفسه فلم ينتظر نصرة العرب للمقاومة ولا استجابة دولية لمعايير الشرعية التي «صدعونا بها» . |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق