| رغم متابعتي لـ«نجوم» الدعوة الإسلامية وفتاواهم المثيرة للجدل، كانت المرة الأولي التي أسمع فيها اسم الداعية الإسلامي «صفوت حجازي» من خلال سيل الفتاوي التي تزامنت مع قضية «هند الحناوي». كان اسم «حجازي» - ساعتها - يتردد خلف نصيحة لهند وأحمد الفيشاوي بإجهاض الحمل السفاح، لكن ظلت هناك مساحة ضبابية تخفي اسمه خلف غيوم كثيفة من الحديث عن صحة الفتوي وكفارة الإجهاض، المهم أنه لم يواجه معارضيه ولم يقف في محكمة الرأي العام بل ظلت الفتوي المعلقة في رقبته قابلة للإنكار في أية لحظة. لا أدري بأي وازع تحرك «صفوت حجازي» ليقلب طاولة النقاش علي رؤوسنا، وهو يطلق فتواه بوجوب قتل اليهود الذين يأتون إلي مصر أو أي بلد إسلامي!! هل كان الداعية - الشهير أصلا - يدغدغ مشاعر الجماهير الثائرة طلباً لمزيد من الشهرة؟ هل رأي في المجازر التي ترتكبها إسرائيل في لبنان وفلسطين مادة قابلة للمزايدة، فقرر نزع فتيل الفتوي في وجوهنا ليحصد الإعجاب بثورة الغاضبين ودفاع المناضلين عن الحق في المقاومة المشروعة في آن واحد؟ الحقيقة، لا أملك تفسيرا لتلك الفتوي التي سرقت الأضواء من شهداء «قانا» و«صريفا»، لتتسلط علي صاحب تلك الفتوي الصادمة. إن كل محاولة لتفسير تلك الفتوي - من جانبي - هي افتراء - بشكل أو بآخر - علي «صفوت حجازي»، وتفتيش في نوايا لا يعلمها إلا الله. لكن تظل النتائج المترتبة علي تلك الفتوي قابلة للتفسير، لأنها ببساطة لا تخدم الإسلام في شيء، بل علي العكس تثبت علينا جميعا تهمة «الإرهاب» الديني، وتضرب قضية «المقاومة» في مقتل، لأنها تظهر المسلمين كأنهم شعوب دموية، وتكرس صورة القتل العلني المتلفز الذي تبثه المقاومة العراقية لقتل أي رهينة أجنبية. وقطعا الغرب يعرف جيداً كيف يستثمر تلك «الوحشية المصورة» ليطمس بها جرائم سجن «أبو غريب»، وجرائم الحرب ضد المدنيين العزل في الأراضي العربية المحتلة. هي فتوي «قاتلة» اغتالت صمود «حزب الله» في لحظة، فتوي «ناسفة» بددت كل ما كتبناه عن سماحة الإسلام، ولا أتجاوز إن قلت إنها فتوي «تحريضية»، تحرض الغرب علي المسلمين، وتستنفر مشاعر التعصب الديني بين صفوف المسلمين، لتحرضهم علي أصحاب الديانات السماوية الأخري. أي ذكاء هذا الذي جعل رصاصة الفتوي تنطلق دون وعي من فم داعية يفترض أن يكون في خدمة دينه وليس في خدمة «نجوميته»! لقد تابعت لسنوات حالة السيولة الفقهية التي تضرب العلاقات الإنسانية بتناقضاتها الحادة، لكن الأمر تجاوز فقه الزواج والطلاق إلي تكفير الحاكم (راجعوا آراء مهدي عاكف)، وامتد إلي استعداء ديانة تتحكم في القرار الدولي علي أمة منهارة تعاني ويلات الإحتلال وهمجيته، وبالتالي سندفع جميعا ثمن التهاون في شروط اعتلاء المنبر، ونسدد فاتورة شهرة حجازي من أرواحنا وأرضينا. هل يجرؤ أحد الآن علي الحديث عن عنصرية الكيان الصهيوني، أو يطالب بمحاكمة مجرمي الحروب من مسؤولين، خاصة بعد أن أصبحت تهمة العنصرية لصيقة بنا بفتوي حجازي؟ العالم الإسلامي لم يغفر للرئيس الأمريكي حتي الآن سقطته السياسية، حين صرح بأن حربه علي الإرهاب هي حرب صليبية، الآن لم يعد «بوش» بحاجة إلي تبرير لأنه أصبح في موقف الدفاع عن النفس بتلك الفتوي الخرقاء. لن يستمع أحد لتصريحات الدكتور «علي جمعة» مفتي الجمهورية عن حرمة الدم التي يحفظها الإسلام لأي إنسان بموجب «عقد الأمان»، ولن يصدق أحد تراجع حجازي عن موقفه وتأكيده -في تصريحاته الأخيرة- أنه قصر فتواه علي الجيش الإسرائيلي، فالعالم من حولنا جاهد ليلبسنا عباءة الإرهاب، ويكرس صورة إعلامية قبيحة للوجه الإسلامي، وقد أهداهم «حجازي» مبرراً لقتلنا تحت بند «الحق في الحياة». الدكتور«صفوت حجازي» منع من الخطابة بعد فتواه بقتل السياح اليهود في مصر، ويواجه الآن التحقيق معه أمام نيابة أمن الدولة العليا، وهو الأمر الذي دفعه للتأكيد علي تحريف فتواه، والإصرار علي «حريته» في قول ما يؤمن به. لا يا دكتور «حجازي».. لست حرا، لأنك لا تعبر عن رأي شخصي، أنت تتحدث باسم الإسلام، وتحلل سفك دماء الأبرياء، وتدفع الشباب المسلم لصفوف الإرهاب ليقتص للشعب اللبناني من السياح اليهود. إنها جريمة وليست مجرد فتوي، لكن الذنب ليس ذنبك وحدك، كل من أفرغ الساحة من القيادات الروحية والسياسية والفكرية، وأغلق معظم منابر الحرية إلا منابركم، كل هؤلاء شركاء في جريمتك. |
عزا في الغابة
قبل 6 أعوام


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق