| «ثقافة المقاومة» تجعل صواريخ الكاتيوشا -أحيانا- أقوي من القنابل الفسفورية!. صواريخ الكاتيوشا تخترق جدران الزيف لتكشف عورات النظام العربي المهترئ، وتطلق نيرانها لتحرق ما تبقي من مصداقية للنظام الدولي، فهناك في مجلس الأمن، لا صوت يعلو فوق «الفيتو» الأمريكي . الرأي العام العالمي لا يسجل جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في حق المدنيين، الصورة لديهم ناقصة، لا تحمل إلا دوي صفارات الإنذار في شمال إسرائيل، وذعر المستوطنين «المسالمين طبعا»، يهرعون إلي الخنادق والغرف المحصنة من لعنة المقاومة اللبنانية . إذن نحن فقط من يري الدمار الذي شمل لبنان، وقصف المستشفيات وسيارات الإسعاف، نحن فقط من نتابع نزوح حوالي نصف مليون لبناني من مناطق القصف. الآن نحن نري أنفسنا بوضوح، «حسن نصر الله» لم يترك لنا الخيار، وضعنا في مواجهة قاسية مع أنفسنا لندرك ضآلة حجمنا في عالم يدار لحساب الكيان الصهيوني، عالم لا يري في المنطقة العربية إلا بئر نفط عميقة، تسيطر عليها جماعات إرهابية أو -بلغة أكثر تهذيبا- أنظمة فاشية. عالم يجتمع في مجلس الأمن لتأديب «الضعفاء» بقرارات الحصار والتجويع ونزع أسلحة المقاومة، بينما يغطي المجازر الإسرائيلية في فلسطين بالفيتو الأمريكي!. آه يا أمة العرب، أصبحنا عاجزين حتي عن إصدار بيان «إدانة» يبرئ ذمتنا من نزيف الدم المستمر في العراق وفلسطين ولبنان !. رفعنا شعار «الشرعية الدولية» لنفرط في أشلاء كرامتنا المبعثرة بين محاسبة سوريا وحصار حكومة حماس الفلسطينية، لنفرط - بكل تبلد- في أرضنا وأعراضنا وأرواح شهدائنا. وصلنا إلي أسفل درجة في سلم الهوان، لم نعد حتي نستحي وأعلنا تواطؤنا المهين مع السفاحين، باركنا اغتيال لبنان باستنكار «المغامرة غير المحسوبة» لحزب الله. وكأن التنصل من حزب الله سيطيل عمر عروش علي وشك الإنهيار، وأنظمة منتهية الصلاحية، ولا عزاء للشعوب. الآن الحرب الإسرائيلية علي لبنان قدمت الحل لألغاز كثيرا ما تجاهلها العرب، علّهم يفيقون من غفلتهم ويدركون قاعدة: «أكلت يوم أكل الثور الأبيض». لكنهم -للأسف- ونحن من خلفهم قابلنا بمثل هذا العجز سقوط بغداد وتفكيك الجيش العراقي، وبنفس منطق «الأنظمة أهم من الشعوب» تعاملوا مع القرار ١٥٥٩ لإخراج الجيش السوري من لبنان ونزع سلاح المقاومة اللبنانية. أما نحن فتابعنا بشغف «سخيف» تقرير «ميليس» عن اغتيال «رفيق الحريري» رئيس وزراء لبنان السابق. هل عرفتم الآن من اغتال الحريري؟، من أغرق لبنان في أنهار الدم؟ من يشعل الفتنة الطائفية بينما بيروت تحت القصف الإسرائيلي؟ الإجابات القاطعة في مسلسل الرعب الذي تؤديه إسرائيل بحنكة سياسية ودهاء صهيوني، والثمن تدفعه الشعوب المخدوعة بعملية السلام. نحن شعوب منهكة، أسيرة أنظمة ديكتاتورية، لم نعد نري أبعد من ظلنا، جفت دموعنا من شدة اليأس، نقف علي حافة الانهيار في حالة خرس جماعي. لم نفوض أحدا للحديث باسمنا ليعارض هجمات علي حزب الله، فمازلنا ننتظر خبرا واحدا يشفي غليل سنوات القهر: «صواريخ حزب الله تقصف تل أبيب» دون أن نعرف السيناريو المترتب علي ذلك الخبر !. وكأننا في عزلة اختيارية، لا نتقن فن المقاومة، ولا تحكمنا عقيدة الاستشهاد. نتوقع من «نصر الله» أن يحررنا من الإحساس بالهزيمة والإنكسار، لكننا لا نقبل أن يكون الثمن احتلال لبنان.. نحن في حالة «تشويش» مضللة، ننتظر من ينوب عنا في اتخاذ القرار ويتحمل تبعاته، وحين فعلها الأمين العام لحزب الله، خرج من يتهمه بشق الصف اللبناني، ونقل معارك سوريا وإيران إلي الأراضي اللبنانية!. إذن من يحمي لبنان؟ الأنظمة العربية استبدلت المقاومة المشروعة بمفاوضات السلام، وحولت أراضيها لقواعد عسكرية -أمريكية لتنفي عنها شبهة «الإرهاب»، ألغت من القاموس السياسي معني النضال وروضت الشعوب، أما الشارع العربي فلن يتحرك فأوله منقسم وآخره محتل. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق