إسلام «تايواني» !! .. نشرت بتاريخ 26 / 5 / 2006


اعتاد المصريون علي إطلاق مصطلح «تايواني» علي أي منتج يرونه رديء الصنع «بضاعة مضروبة»، ومع الوقت اعتادوا علي التعامل مع كل ما هو «تايواني» من الأدوات الكهربائية إلي سلوكيات البشر إلي قيم العمل، وحتي المنتج الثقافي «الإبداع» تحول إلي بضاعة تايواني!.
وفي مجتمع «تايواني» كهذا، حرص البشر علي تجميل شيء واحد وعدم المساس بقدسيته لأنه ليس من نتاج البشر، وإنما هو «وحي» من السماء وأعني بذلك «الدين» . لكن لأن «النفس أمارة بالسوء» تحول الدين رغم قدسيته إلي تجارة تخضع لفنون التسويق ومقاييس المكسب والخسارة، تجارة لها نجوم يروجون لـ «فتاوي تايواني» في وسائل الإعلام ويغلقون باب «الاجتهاد» ويحرمون علينا كل شيء «أصلي»، ونجوم آخرون يرتدون ثوب الحصانة بشعار «الإسلام هو الحل» !!. أنا واحدة من اللاتي تصورن أن فتح باب الاجتهاد كفيل بتنقية الإسلام من فتاوي التكفير والاستحلال، والخلط بين الجهاد والإرهاب. تصورت أن الاجتهاد وحده سبيل المرأة إلي مفهوم «العدالة» الأصيل في الإسلام، وأنه الطريق إلي التسامح الديني وقبول الآخر وتجاوز محاولات تفتيت العرب بالنعرات الطائفية .
ويبدو أنني أسرفت في التفاؤل، فاجتهاد الدكتور «حسن الترابي» لن يجلب للأمة إلا مزيدا من التناحر والتمزق !. وبداية يكفي أن تكون تلك الفتاوي صادرة عن ناشط سياسي استطاع أن يحول فكر الإخوان المسلمين التربوي إلي منهج «التفاعل السياسي»، وبكثير من العناد والمثابرة أصبح القائد الفكري والسياسي للحركة الإسلامية في السودان، ولفت أنظار العالم بالنتائج المبهرة التي أحرزتها الحركة في انتخابات ١٩٨٦ . وعندما استولت الحركة علي الحكم في عام ١٩٨٩ ظهر طموح «الترابي» للتواجد العالمي ومحاولة التحدث لدي الغرب باسم جموع المسلمين !.
وبعد أن باعدت الصراعات علي «السلطة» بينه وبين أحلامه العالمية لجأ «الترابي» لنقد الذات، وهاجم بعنف ممارساته السياسية السابقة وتبني أطروحات جديدة حول الحرية وتداول السلطة والدفاع عن المهمشين، حفاظاً علي مكانته في التاريخين السوداني والإسلامي «في تجسيد لأعراض البارونويا» !
الآن لم يتبق للترابي مكان في السياق التاريخي للسودان، ولا تتسع له الخريطة الجغرافية الملتهبة بالفتن، إنه في مرحلة «البحث عن دور جديد» يشد انتباه الغرب إليه، فهو لا يريد إلا اعترافا دوليا بأنه مفكر سابق عصره «لاحظ أنه لم يتنازل عن إضعاف النظام ومساندة المتمردين في دارفور» .
اختار الترابي دوراً يناسب المرحلة، يغازل به الغرب من جهة ويقلق العالم الإسلامي الذي خذل مشروعه السياسي من جهة أخري. وفي محاولة لتسويق نفسه لدي الغرب بصورة مغايرة لـ «الشيخ الإرهابي» أطلق الترابي آراءه الفقهية التي يري أنها تكسر حالة الجمود والتخلف التي يفرضها علينا التقليديون . وجاءت نتائج فتاواه المسمومة قبل عدة أيام في صورة زواج سودانية مسلمة من مسيحي أثيوبي !، وهو الأمر الذي سيدخل بعض القبائل المعترضة علي إتمام الزيجة في صدام يعزز صورته عند الغرب. فالغرب يتبع ما يسمي بـ «الزواج المدني» الذي لا يلتزم عادة بديانة الزوجين، وهو الأمر الذي خاضت لبنان حرباً إعلامية وسياسية لتحول دون تطبيقه، رغم أن ظروف الحرب الأهلية هناك دفعت بالعديد لتغيير دياناتهم لأسباب سياسية .

تجديد الخطاب الديني كما يريده الترابي سيصل بنا إلي نمط من «الإسلام التايواني» : «يبيح الارتداد عن الإسلام، ويعتبر الرقص والغناء والموسيقي قسماً من أقسام التوحيد والعقيدة الإسلامية، ويحلل زواج المسلمة من النصاري واليهود، كما أفتي أيضاً بأن الخمور لا تكون جريمة إلا إذا تحولت إلي عدوان» !!. وفي محاولة لكسب موقع بين الإصلاحيين يخلط الترابي ـ بمنتهي الدهاء ـ بين فتاوي تهدم الدين من أساسه، وفتاوي أخري طالب بها أنصار تجديد الفكر الديني ودعاة التنوير ومنها إمامة المرأة للصلاة،

والاختلاط بين الجنسين ومساواة «شهادة» المرأة بالرجل . هو رجل مختلف عليه من جميع الزوايا وهناك من يصفه بأنه «إسلامي براجماتي»، لكن براجماتية الترابي قد توصله لإقامة حد الردة عليه - الذي يناهضه - بعد أن التقت آراء منتقدي فتاواه عند حد تكفيره . فات الترابي أن يقول لنا بعد أن طبقت فتواه بزواج المسلمة بمسيحي، هل أباح تعدد الزوجات لليهود والأقباط .. أم أنها الفتوي القادمة .

الدواء فيه سم قاتل !! .. نشرت بتاريخ 19 / 5 / 2006


من بين كل شعوب الأرض ينفرد المواطن المصري بمصائب إن تمت إحداها في أي بلد آخر لاستقالت حكومات وسقطت عروش، لكننا نتمتع - دون غيرنا - بصبر لا حدود له وغفران لا مبرر له، اللهم إلا العجز وقلة الحيلة !.
كنت عادة ما أسأل نفسي :«كيف يتسني للجهات الطبية التأكد من خلو دم أي متبرع من الإيدز وفيروسات الكبد؟، خاصة إذا علمنا أن لتر الدم الواحد لا يتجاوز ثمنه قيمة تحليل الأجسام المضادة للفيروسات بدم». وبرومانسية شديدة كنت أهمس لنفسي: «لابد أن الدولة التي تدعم رغيف الخبز تتكبد مشقة الكشف علي دماء المتبرعين».
لكن الرومانسية شئ والواقع شئ، الواقع يؤكد أن أمصال «شلل الأطفال» منتهية الصلاحية، وكذلك مشتقات الدم والأنسولين وألبان أطفال التي تكرم علينا باستيرادها «محمد العبادي» رئيس الشركة القابضة للمصل واللقاح وكلها منتجات وأمصال محظور استيراها!. لا يهم، المهم أن تكييف هذه الكارثة في حق الشعب المصري قانوناً يسمي «إهدار للمال العام» لأن الأمصال منتهية الصلاحية كلفت الدولة ٣٠٠ مليون جنيه!. لكن للأسف لم يخرج علينا أحد ليقول إن من تولي استيراد تلك السموم - في حال صحة الاتهامات - قد قبض مع عمولات تلك الصفقات علي أرواح الأطفال والكبار من أبرياء هذا الوطن .
لم يبشرنا أحد بأنه ستتم محاكمته هو ومعاونوه بتهمة «القتل العمد»، بل تركونا نتابع سجال التصريحات الصحفية بين وزير الصحة الدكتور «حاتم الجبلي» والرجل الذي قضي في المصل واللقاح ٣٩ عاماً من العمل المزمن يديرالصفقات ويرسي مناقصات المباني علي شركات المقاولات، ويبدل مهام تلك المباني قبل أن تشغلها «الفئران»، ويقترض بضمان الشركة القابضة التي يترأسها ثم يقول لنا إنه قفز بالإنتاج من ٢٨ مليوناً إلي ٦٠٠ مليون جنيه. وفي تبجح غريب «يعاير» الحكومة بأنها مدينة بحوالي ٩٠٠ مليار جنيه بين ديون داخلية وخارجية دون أن يحاسبها أحد علي فوائد تلك الديون، فكيف - إذن- يجرؤ وزير الصحة علي محاسبته علي فوائد التسهيلات الائتمانية التي تسير عجلة الإنتاج !.
ما علينا.. ليكن حديثنا عن «الإنتاج» نفسه، أنا شخصياً - لفرط سذاجتي- تعاطيت أمصالاً مضادة لفيروسات الكبد من المصل واللقاح، وواظبت لعدة سنوات علي تعاطي جرعات المصل الواقي من الأنفلونزا هناك، وكلما سمعت أن أحداً «عضه» كلب أو قطة أو فأر نصحته باللجوء للعقار المضاد المتوافر في المصل واللقاح، فبالله عليكم من أين تأتينا الطمأنينة الآن؟
هل أتبني آراء «العبادي» التي يتهم فيها المسئولين بأنهم يخدمون «مافيا الاستيراد» بهدمهم لسمعة الأمصال المصرية، أم أصدق قرار الإدانة المبدئي القاضي بحبس «العبادي» و«أحمد حمدي» ١٥ يوماً علي ذمة التحقيقات ؟.
إن إهدار المال العام والتربح هنا تُهم هينة، لأنها لا تهدئ من روع الأمهات الملتاعات علي مصير فلذات أكبادهن الذين تناولوا لبناً فاسداً أو تطعيماً منتهي الصلاحية. فلا أحد ينظر لجيل قادم قد يكون من «المشوهين»، بدءا من الألبان الملوثة بالمواد المشعة، مروراً بكارثة المبيدات المسرطنة - التي لم تحسم بعد - وصولاً إلي التطعيمات الفاسدة في نفس توقيت «الحمي القلاعية» المنتشرة في اللحوم، و«أنفلونزا الطيور» التي تتحول مع الوقت إلي مرض مستوطن في مصر .

دولة الإخوان «المزعومة» !! .. نشرت بتاريخ 12 / 5 / 2006


ظن العقل العربي لسنوات طويلة، أن إلصاق وصف "المزعومة" بدولة إسرائيل كفيل بمحوها من الخريطة السياسية، فبقيت إسرائيل وظل العقل العربي علي قناعات لم تحرر أرضا ولم تنصف شعبا !.
وبنفس المنطق نتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة" أو "المنحلة" كما يحلو للبعض تسميتها، وكأن "النفي اللفظي" كفيل بمصادرة وجودها !. لكنهم -للأسف- موجودون بإرادتنا التي سعت للديمقراطية، وموجودون بعجزنا عن مواجهة الفساد وسلبيتنا في الضغط لإحداث إصلاح حقيقي . فوصفهم بالجماعة المحظورة -إذن- لا يعفينا من جرائم بعض من باعوا ضمائرهم لنيل رضا الحكومة، ولا من يأس من تخاذلوا وانسحبوا من الساحة وتوضأوا من رجس السياسة، ولا من تخبط المعارضة وانفجاراتها الداخلية .
تعبير "الجماعة المنحلة" لن يحول دون تعاطف نشطاء حقوق الإنسان مع معتقليهم، ولن يمنع حوار القوي السياسية معهم، وأخشي ما أخشاه عجز هذا التعبير عن عرقلة مشروع دولتهم "الدينية" .
يبدو أن البعض آثر النضال بالكلام فحسب (نضال حنجوري)، واحترف الظهور علي الفضائيات للحديث عن علاقة الإخوان المسلمين بالمنظمات الإرهابية، فيما فضل البعض الآخر البحث عن مصادر تمويلها في خوف حقيقي من اختراق الوطن وحسد لا يخفي.
المؤسف هو ظهور وجوه سياسية (بعضها حكومي) تراهن الآن علي "الدولة الجديدة"، وتسعي لكسب ودها تحت غطاء ديمقراطي يرفع شعار الحوار مع كل "القوي السياسية"، وهو اعتراف ضمني من أقطاب الحزب الوطني بشرعية وجود الجماعة "المحظورة"، بل والسعي لاكتشاف موقفها من مختلف قضايا الوطن، الأمر الذي لم ينكره الدكتور "حسام بدراوي" حتي ولو اعتبر حضوره لمؤتمر موسع مع الجماعة المنحلة "سلوكا شخصيا" !.
أتصور أن الحزب الحاكم ليس بتلك السذاجة التي يظن معها أن لديه القدرة علي اختراق هذا "التنظيم" بسهولة، ولا أحسب أن كوادر الحزب الوطني تسعي لاستقطاب "الجماعة المحظورة" بعد أن نجحت في استقطاب العديد من رموز النخبة السياسية . لا أظن -أيضا- أن الأخوان المسلمين لديهم نية تقديم فروض الطاعة والولاء للدولة فليست هناك أرضية مشتركة تجمع الطرفين بقدر ما هناك "أرض" متنازع عليها بينهما .
ومعظم دوائر الصراع التي تزعج الدولة الآن لا تخلو من أياد إخوانية تحركها، وتشعلها حين تشاء بزعم مناصرة الحرية والديمقراطية فرغم رفضي لمد العمل بقانون الطوارئ لم أجد في مظاهرة الإخوان في المجلس الموقر إلا مزايدة سياسية علي كل القوي الوطنية، ورغم إيماني بالمطالب العادلة للقضاة والصحفيين أشك في نوايا الإخوان خلال دعمهم لتلك الفئات، فهم لا يقدمون شيئا "لله والوطن"، لأنهم محترفون في المقام الأول، ولأن لديهم سيناريو محكما تصل آخر حلقاته إلي "كرسي الحكم" !.
هم -في رأيي - يزيدون الفتنة السياسية لهيبا، وقد نجحوا في استغلال ضعف أحزاب المعارضة وتوسعوا علي حساب الفراغ الذي خلفه غياب بعض تلك الأحزاب، كما نجحوا في استغلال مبادئ "حركة كفاية" وأولها قبول الآخر وأصبحوا جزءا من الحراك السياسي الذي نراهن عليه .
الآن الإخوان من أمامكم والحزب الوطني من خلفكم، وحتي الاختيار ليس من حقكم !. فكلاهما يستعبد الشعب المصري بنفس المفردات، ويخفي بطشه وديكتاتوريته تحت نفس الشعار، ويمكن أن تجري مقارنة بسيطة لتكتشف أن بدائل الحكم أحلاها "مر": الدولة تحكمنا بقانون الطوارئ والقوانين السالبة للحريات و "عبد المنعم أبو الفتوح" عضو مكتب الإرشاد يبشرنا في دولتهم المدنية بالاحتكام للشعب لتطبيق العقوبات الإسلامية ومنها حد السرقة (قتل يد السارق) . فالدولة احتكمت للشعب لمد قانون الطوارئ وكذلك سيفعل الإخوان إذا جاءوا للحكم .. والشعب هو الضحية في كلتا الحالتين. "أبو الفتوح" يحدثنا عن إقامة حد الردة علي "الخارجين عن النظام" وليس علي المرتدين عن الإسلام،

فدولتهم تضمن حرية الاعتقاد، لكنه استحدث جريمة أبشع من "تكدير الصفو العام" المعمول بها حاليا. وحتي لا تطول المقارنة فـ "الدولة المزعومة" ستغتال "الدولة المدنية" باسم (الحرية والعدالة والمساواة والشوري)، والدولة الحالية حكمت علي الشعب بالموت البطئ باسم (التدرج في الديمقراطية والإصلاح)!!. ومابين دولة منهارة وأخري مزعومة لابد أن نبحث عن وطن يمنحنا هويته، لكن الوطن يهبط سعره كل يوم في مزاد الانتهازية السياسية، وربما لن يبقي لنا المزايدون إلا تأشيرة هجرة إلي منفي شرعي اسمه في كل الدول "المعتقل" !!.

الولاء لـ «الصندوق»!! ... نشرت بتاريخ 28 / 4 / 2006


«الواجب» يحتم علينا أن نكتب ولو بأقلام مكسورة تنزف دما، «الواجب» يحاصرنا في مساحة «ألم» نلعن فيها الإرهاب وننعي ضحاياه، يسلبنا الحق في نقد الذات أو «جلدها» لتثبيت دعائم الأمن الاجتماعي «المزعوم».
ما أسخف «الواجب»!!أليس من حقنا أن نصرخ في هستيريا جماعية لنسأل: لماذا نلتزم وحدنا بالواجب؟ من يسأل دولة «اللواءات» عن «واجبها» في تحقيق مناخ آمن للمواطن؟ واستقرار مفترض للمستثمر؟ وآمان لبدو سيناء؟، ولقمة عيش خالية من الغش السياسي لأبناء هذا الوطن؟من يحاسب الدولة علي التفريط فينا وفي مستقبل أولادنا؟ من يدلنا علي سكة «المقابر الجماعية» لأحلامنا، علنا نلملم أشلاء ضحايا شرم الشيخ وطابا ودهب وميدان التحرير والحسين، ليضمنا «رفات» واحد يجمعنا بالوطن «الذي كان»!
بت أشعر أن شبح الموت يسكنني، يتهددني حين أتابع وحشية قمع المظاهرات المطالبة بالإصلاح، يحاصرني بهراوات غليظة تنسف مفهوم الليبرالية وهي تفض اعتصام القضاة، يعتقلني شبح الموت ضمن آلاف ضاع منهم معني الحياة خلف القضبان، يفترسني بقانون الطوارئ، ينتزعني بقسوة من بين أوراقي الملطخة بألف محظور وعدة قوانين حبس وغرامة.
أليست المأساة في بعض فصولها «رومانسية» للغاية؟ أنا ألوذ بفكرة «الوطن» في فصل رومانسي بعيداً عن كآبة الواقع الذي نحياه.
فإن حاولت الكتابة عن الضربات الإرهابية المتلاحقة التي قصمت ظهر البلد وأدمت قلبه، ألجأ إلي تلك اللغة ربما تعفيني حرج الحديث عن «التهريج الأمني»، لأقول - مثلاً - ثغرة أمنية بدلاً من تقصير أمني، أو أجتهد للربط بين بدو سيناء وتنظيم القاعدة لعل «المصيبة» تصبح مبررة. أو أراجع اتفاقية «كامب ديفيد» المجحفة التي تحول بعض بنودها دون سيطرة أمنية كافية علي سيناء.
أحاول جاهدة الإفلات من الحديث عن «المسؤول» الحقيقي عن هذا التوتر الذي نحياه، لكن صورة الدماء المتناثرة علي عتبات الكنائس، وشهداء الانتخابات البرلمانية تذكرني بأن مصر لم تعد بلد «الأمن والآمان»، أكاد أشك للحظة بأن هناك حربًا معلنة بين أجهزة الأمن وشعب هذه البلد التي لم تعد «محروسة»!!
ألا تؤكد تصريحات اللواء «حبيب العادلي» وزير الداخلية وجود هذه الحرب حين يربط بين أحداث طابا وبين الضربات الإرهابية الأخيرة، ويحمل بدو سيناء مسؤولية الأحداث الأخيرة وكأنه بذلك يبرر ضرب دهب بحملة الاعتقالات الواسعة التي تعرض لها أهالي سيناء، وإهانة شيوخ القبائل، وجرجرة النساء بثياب النوم إلي قسم الشرطة. إذن هو «الثأر».
هل يعلم أحدكم شيئًا عن «صندوق الولاء» إنه الصندوق الذي يدير المخابز التي تورد الخبز لقوات الأمن المركزي! أما القائمون عليه فكلهم من الضباط العاملين بوزارة الداخلية، هذا بالإضافة إلي «صندوق العطاء» و«صندوق تحسين الخدمات للشرطة» وكلاهما يتكفلان بتوفير السمن والسكر والشاي لقوات الأمن بأعدادها الغفيرة!
فهل تحول ضباط الشرطة إلي تجار؟ هل هم «مشغولون» عن «واجبهم» بالمكاسب الوفيرة لتلك الصناديق؟ هل تتفق تجارتهم هذه مع القوانين التي تحكم إنتماءهم لجهاز الشرطة؟ أتمني أن يجيبني أي مسؤول بهذا الجهاز الحساس عن تلك الأسئلة الساذجة. أتمني أن نعرف هل الخروج المبكر من وزارة الداخلية أثر علي الحالة النفسية لرجال الشرطة؟وبدلاً من أن نتلقي كل يوم أسماء وهمية عن رؤوس العصابات الإرهابية نريد إجابة محددة عن «واجب»
رجال الشرطة: التجارة أم قمع الشعب والحركات السياسية المتنامية؟ لا بد أن نعرف لأننا أول من يدفع الثمن من دمنا، أنا أو أنت أو لواء الشرطة أو الفوج السياحي. ولأننا سندفع الفاتورة باهظة من تراجع حركة السياحة التي تتكفل بفتح بيوت مصرية أغلقتها قوات الأمن بإشاعة ثقافة «الثأر» وروح العداء بين الشعب والدولة، وإحلال عبوات مادة TNT محل السلام الإجتماعي.