أرشيف المدونة الإلكترونية

سلاح الاستشهاد! .. المقال نشر بتاريخ 18 / 8 / 2006

نعم.. أعترف بأنني منحازة، منحازة سياسيا لمشروع المقاومة، أو ربما منحازة لنصر (ليكن مؤقتاً أو محدوداً) حققه حزب الله وزعيمه «حسن نصر الله».


أعترف أيضا بأن انحيازي الدائم للقضايا العربية لم يقدم لها شيئا، وأن انتظاري الطويل للجهود الدبلوماسية لم يمنحني إلا مزيدا من اليأس، واليأس مرحلة شديدة القسوةة ذبحت فيها حمائم السلام، وذبلت أغصان الزيتون، وتفككت أواصر العروبة .إنها مرحلة شديدة المهانة لم يرفع فيها السلاح العربي إلا علي عربي (ما بين غزو الكويت و تحريره ) !!. 
لكننا شعوب تحترف الكلام، كنا - مع كل خطوة انتحار- نجتمع في مكلمة وطنية موسعة، نطلق عليها أسماء فخيمة من قمة رأب الصدع، وصولا لقمة السباب .


جميعنا (حكاما وشعوبا) تقمصنا شخصية «الصحاف» وزير الإعلام العراقي السابق، بنفس تحديه للعلوج الأمريكان، وفخره بالجنود الأشاوس، والغريب أننا تحركنا بنفس قناعات الصحاف باعتبارنا نفعل ما لا يقدر عليه سوانا، ونفهم ما يعجز المجتمع الدولي عن فهمه !.


في لحظة حالكة الظلام من التاريخ العربي، تمني بعضنا أن يكون «الصحاف» صادقا، انتظرنا خروج الجنود الأشاوس من الأنفاق لنصرة بغداد، لكننا لم نر إلا هتك العرض العربي في سجن «أبو غريب»، ولم نسمع إلا استغاثة «أبو عمار» الرئيس الفلسطيني السابق طلبا لشربة ماء فأصبحنا ندفن الشهداء في نعوش العار، تحجر الدمع في أعين لا تري سوي الدمار والدماء، لكن الحناجر العربية لم تتوقف يوما عن الشجب والإدانة وادعاء الحكمة والعنترية .


كانت الأمة في حالة هذيان جماعي، تنتظر ظهور «المهدي المنتظر» وكأنها تطلب العون من السماء، ولا تري بين الزعماء من هو بطهارة نبي ذي قوة خارقة ليحررها من ذل الاحتلال .


لكن المهدي المنتظر لم يظهر إلا في رؤانا، فاستكنا في كهف «الخوف»، حتي جاء «حسن نصر الله» ليحررنا من عجزنا، يزرع في نفوسنا «ثقافة المقاومة»، يذكرنا بتحرير الجنوب اللبناني عام ٢٠٠٠، يرد إلينا بعضا من كرامتنا السليبة .


وضعنا زعيم حزب الله جميعا في مواجهة أنفسنا، لنري الهوان العربي ونعيش التواطؤ الدولي، ونكتشف خدعة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر .


دفع لبنان وحده ثمن «فعل المقاومة»، لكن كل الخسائر البشرية والمادية لم تنل من وحدة لبنان الوطنية، كل التحريض العربي والدولي لم يفلح في شق الصف اللبناني، إلي أن وصلنا إلي قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، إنه الفتنة الناعمة التي تتسلل كحية إلي أروقة الحكم اللبناني.


الآن تندلع شرارة الصدام السياسي بين السنيورة ونصر الله، وتتصاعد حدة الصدام من دمشق إلي بيروت إلي القاهرة، ومن طهران إلي واشنطن.


فإسرائيل فشلت - بكل المقاييس- في انتزاع سلاح حزب الله بالحرب الشاملة التي شنتها علي لبنان، وأمريكا أدركت أن «سلاح الاستشهاد» الذي يستخدمه نصر الله ليس له رادع.. لا مفر إذن من تكرار سيناريو: «فرّق تسُد».


وتحت هذا الشعار كل ما نسمعه مجرد مؤامرات سياسية، فلا الجيش اللبناني قادر علي حماية الجنوب ولا أيضا قوات اليونيفيل . لا إسرائيل ستتخلي عن حلمها بمياه الليطاني ولا نصر الله سيفرط في قطرة منه. 
إن المتغير الرئيسي بعد القرار ١٧٠١، هو محاولة تفتيت الجبهة اللبنانية بعد الانتصار الخاطف للمقاومة، وبكل أسف فالعملاء جاهزون لإحماء الفتن الكامنة تحت جبال لبنان.


الكل خاسر في حرب الاتهامات والمزايدات السياسية، لكن البعض جاهز لتعويض خسارته علي جثة حزب الله!!. 
لا أحد ينظر الآن لبلد دمرته إسرائيل بالكامل، لا أحد يتحدث عن الخسائر البشرية وإعادة إعمار البني التحتية، وتنظيف الجنوب من دنس الصهاينة، لكن الجميع حاضرون لبيع «النصر» في المزاد الدولي!. 
عودوا إلي خندق الخوف واتركوا لبنان لأهله، هم قادرون علي تذويب المقاومة في الحياة السياسية، لا تشاركوا في جريمة إفساد التوازنات الداخلية وإشعال الحرب الأهلية.


حزب الله مزروع في أرض الجنوب، وسلاحه خلف ضلوع النساء، وفكره يسري في حليب الأطفال، ورجاله يدركون أن الحرب مستمرة.
من يعتقد أن بمقدوره نزع سلاح المقاومة فهو علي حد تعبير سماحة السيد «حسن نصر الله»: واهم.. واهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق