| «الحزب الوطني» هو عنوان مرحلة طويلة من حكم مصر، هو مجرد عنوان يقود إلي تلك الغرف المكيفة - المغلقة علي مصير البلد. إذا تجاوزت العنوان إلي الشارع، لن تجد سوي عدة لافتات ملونة بعبارات عن المستقبل، فلا وجود لرجالات الحزب في الشارع، وليس لهم تأثير في القاعدة الجماهيرية. الشارع يسيطر عليه «الغضب»، وتحتله جماعة الأخوان «المحظورة»، وتتنازع علي ملكيته قوات «الأمن» ومظاهرات حركة «كفاية». في كل كارثة مرت بمصر، لم يكن الحزب الوطني حاضراً، الحزب الحاكم «غائب» عن معارك الوطن وأحزانه. تذكر كارثة غرق عبارة «السلام» أو مسلسل الرعب علي خطوط السكك الحديدية، ستجد رجال الحزب قد قفزوا في وجهك فجأة ليس لتدارك الكارثة أو لمواساة أسر الضحايا، بل لصد استجواب أو طلب إحاطة يهدد بقاء أحد المسؤولين عن انهيار البلد !. هم ليسوا إلا «شلة مصالح»، يجمعهم رنين «المحمول» للاتفاق علي تصويت «بالأغلبية» لتمرير قانون يحمي مصالحهم، أو إسقاط قانون يعارض وجودهم علي قمة هرم السلطة. وبالتالي أصبح وجود الحزب الوطني «موسمياً»، فإذا غاب لن تفتقد كيانا سياسيا ذا ثقل (وربما استرحت)، أما إذا حضر، فعليك أن تتابع الزفة الإعلامية المصاحبة لوجوده،وقوات الأمن التي تحاصرك ليتمتع «الباشوات» بحرية الحركة. في الانتخابات الرئاسية، قدم لنا الحزب الوطني استعراضا أمريكيا بدءا من الدعاية وصورة السيد الرئيس، مروراً بالبرنامج الانتخابي، حتي وصلنا إلي لحظة إعلان النتائج التي بشرنا فيها وزير الداخلية بأنها المرة الأخيرة التي تتولي فيها الداخلية إعلان النتائج. وكأننا كنا نتابع بروفة «تداول السلطة» التي بدأت بتعديل المادة (٧٦ ) من الدستور وانتهت بمشهد دموي للانتخابات النيابية، تخللته جموع كومبارس (بلطجية) تحاصر فكرة «النزاهة» بقضايا «التزوير». الآن عليك أن تتابع مشهداً عبثياً للواقع السياسي يسمونه «المؤتمر الرابع للحزب الوطني»،وعلي طريقة هوليوود ستجد: «سيناريو ركيكاً يدغدغ مشاعرك بحديث معاد عن الإصلاح الاقتصادي والإصلاح الدستوري»، ومفاجأة من العيار الثقيل يطرحها السيد «جمال مبارك» نائب الأمين العام للحزب، عن إمكانية إحياء مشروع البرنامج النووي المصري السلمي». وهنا يجب عليك أن تصفق !!. تصفق أو تضرب كفاً بكف، لا يهم، المهم ألا تنظر إلي خلفية المشهد، حيث «الفقر» محفور في ملامح الوجوه الهائمة بحثا عن «مصاريف المدارس»، ومانشيتات الجرائد تتابع استمرار مسلسل كوارث القطارات، والسيارات المدججة بأوراق المؤتمر تدهس أحلام البسطاء في كيلو تمر (لزوم الشهر الفضيل) !. لا تنظر بعيداً عن تلك القاعات، فصخب المظاهرات لن يغير «المستقبل» الذي تتم صياغته في أروقة المؤتمر، ولا تفتش طويلا عن أحلام تبددت بعد الانتخابات (أي انتخابات)، وبرامج لم يتجاوز تنفيذها جهد من صاغوها، إنها مجرد إطلالة موسمية للحزب الوطني، فلا تضيع وقتك بمتابعة وعود لن تتحقق. لا تنشغل بالضجيج المفتعل حول قضية «التوريث»، فلابد للمشهد أن يتمحور حول «بطل رئيسي»، وفي غياب حبكة درامية (أي مبررات مقنعة) لحالة التدهور السريع للبلد يصبح لفت الانتباه إلي «البطل» هو قمة النجاح الفني لإخراج الحدث. حين تغيب الإنجازات من سجل الحزب الحاكم، وتختفي وعود الانتخابات الرئاسية من أجندته، يصبح البديل الأمثل لإخفاق الحزب الوطني، وعجزه عن تحقيق إصلاح ملموس هو إلهاء الرأي العام بفكرة توريث الحكم لنجل السيد الرئيس. لا أميل كثيراً لتأويل تصريحات الدكتور «حسام بدراوي» باعتبارها «رأيه الشخصي»، فأي قيادة حزبية بحجم دكتور بدراوي تدرك جيداً مغزي هذا الرأي وردود الفعل المترتبة عليه. ولم أنتظر نفياً أو رفضاً من السيد «جمال مبارك»، فهناك سبيل وحيد لنفي فكرة التوريث نعلمه جميعا وأعني به إعادة صياغة المادة (٧٦ ) من الدستور. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق