"الأمن" قبل العلم .. أحيانا !! .. نشرت بتاريخ 30 / 6 / 2006

أؤمن بأن «الأشباح» موجودة ، منتشرة من حولنا تعد أنفاسنا وتحصي تحركاتنا . لكنني لم أفكر في دعوة «شبح» علي فنجان قهوة ليروي لي كيف تمت «برمجة» تفكيره لتفسير كل سلوكيات البشر بعقلية «مباحثية» !!.

أنا لا أتحدث بغموض ، لكنني كثيرًا ما سمعت عن «كتبة التقارير الأمنية» دون أن أصافح ملامحهم . سمعت -أيضًا- روايات- مبالغ فيها أحيانا- عن شخصيات مسنودة من جهات أمنية دون سند أو دليل.

كانت حجتي دائما لرفض منطق :(ده بتاع الأمن) أن الشخص الذي يتعامل مع «جهة ما» لا يباهي بتلك الصلة ، والمهام الوطنية لابد أن تتم بطريقة الكاتب «صالح مرسي» رحمه الله ، وأن يتحلي صاحبها بكاريزما «رأفت الهجان».

طبعًا تفكير رومانسي (ساذج) ، ربما كان نتيجة موضوعات «التعبير» التي كتبتها في سنوات الدراسة !. أو لثقتي بأننا جميعا «كتيبة وطنية» تضمنا «صورة» واحدة لشعب مصر (العامل والفلاح والمدرس والطالب .. إلخ) ، فهل خدعني صوت «عبد الحليم حافظ».. ربما؟ .

قطعا لا يمكن لشخص عاقل أن يرسم ملامح (الوطن - الحلم) كما يراه في الأشعار والمسلسلات الوطنية، وإلا أفاق -مثلي- علي كابوس مزعج عنوانه : «انحراف طالبة سياسيا» !!.

إنها «آلاء فرج مجاهد»، علها تشبهني في صباي ، تتابع نشرة الأخبار بشغف ، وتشارك -بقلة حيلة- في مقاطعة البضائع الدنماركية، وتحتج علي إبادة الشعب الفلسطيني بطرق بريئة في نفس ملامحها .

أو ربما كانت «آلاء» لا تعرف من السياسة سوي أن أمريكا مسؤولة عن تجويع الشعوب ، فلم تجد أمامها إلا بوش الابن لتتهمه بإعاقة أحلام الشباب في تعمير الصحراء.

لكن من قال أن من حق «آلاء» أن تفكر أصلا ، من حرضها علي النقد أو الإبداع ، كيف لطالبة في الصف الثانوي أن تندد بالرئيس الأمريكي؟! إنها «جرائم» تستحق عليها «حصة أمن» ، وبالتالي لم يتوان مدرس اللغة العربية عن التطوع بإبلاغ الجهات الأمنية لتأديب الطالبة بتهمة الاستعداد للانحراف السياسي !!.

تصرف سخيف ، وتفاصيله أكثر سخفا، فهل يجوز - معه- أن نتساءل عن دور المدرس: التربية أم التعليم؟، أم لابد أن نسأل هل هو «مخبر» أم «معلم».

وأن نستبدل الشعار من أجله ليصبح : كاد «المخبر» أن يكون رسولا؟.

لو كانت «آلاء» انتقدت الرئيس الأمريكي في بلاده لاعتبروها فتاة تدخل طور النمو السياسي أو مشروع نابغة تستثمر عقلها.

لكن في مصر- بلد العجائب- قرر المعلم مصادرة عقل جيل بأكمله، وممارسه «الإرهاب» علي طلاب حرموا من سياسيات تعليمية خلاقة، وحين خرجت واحدة منهم عن قطيع التلقين تم التحقيق معها لثلاث ساعات ،ثم عوقبت بالرسوب لهذا العام والحرمان من امتحان العام القادم تطبيقا لمواد قانون جائر (غالبا وضعه قراقوش)!.

رأفة وزير التربية والتعليم خففت العقوبة لتقتصر علي الرسوب في مادة اللغة العربية فقط . لم يراجع الوزير موقف رجال التعليم أو القانون الجائر الذي يطبق علي أولادنا ، لم يسمع صوت «آلاء» في صخب النحيب والعويل لطلاب الثانوية العامة ، أو ربما انشغل بمتابعة حالات الانتحار أثناء الامتحانات، تلك الظاهرة التي تنفرد بها مصر دون بلدان العالم .

وقبل أن نفيق جميعا من صدمة «آلاء» جاءت الكارثة الكبري: الدكتور عبد المنعم بسيوني رئيس جامعة المنيا اعترف بعدم قبول كلية الزراعة تعيين أحد الخريجين المتقدمين للتعيين بالكلية ،رغم تفوقه العلمي، لأنه -علي حد قوله- رآه بنفسه يشارك في مظاهرة !!.

كم وددت أن تفي الكلمات بتأثير (لطم الخدود) لأنها الرد الوحيد الذي أملكه علي رئيس الجامعة !. حتي أستاذ الجامعة يتجاوز كل اللوائح والقوانين ليصدر حكمه الفردي (الأمني طبعا) علي طالب نابغة ويطرده من حرم الجامعة إلي أرصفة البطالة.

إنها كارثة بكل المقاييس، فبعد أن كنا نعاني من وجود عناصر تبث الأفكار المتطرفة بين الطلبة أصبحنا نعاني من تطرف أساتذة يخبؤون «مخبراً» بين ضلوعهم.

وقبل نشر مقالي علمت أن محافظ الدقهلية الدكتور سعيد صوان قد اعتمد بنفسه شهادة نجاح «آلاء» في اللغة العربية ، وهو قرار سياسي حكيم ، قد يرضي الرأي العام لكنه لن يمحو الجرح الغائر في نفس «آلاء».

وبصفتي «مصرية» أدعو المذيعة المتميزة مني الشاذلي لتبني قضية خريج جامعة المنيا ، وأطالب نقابة المحامين ،ومنظمات حقوق الإنسان لتبني تلك القضية، ربما يسترد هذا الشاب حقه في بلد «مسكون» بأشباح المباحث (ربنا يجعل كلامي خفيفاً عليهم )!. 

زمن "رجال الأعمال" نشرت بتاريخ 16 / 6 / 2006

كلنا شركاء بدرجة أو بأخري في تحويل الساحة السياسية إلي «كوميديا سوداء».

بعضنا شارك بصمته العاجز علي قبول «البلطجة السياسية» التي بدأت بتوظيف «سكسكة» في الانتخابات النيابية وانتهت بحوار «الأحذية» الذي فرضه «مهدي عاكف»، ورفعه النائب البرلماني «طلعت السادات» شعارا للمرحلة الحالية !!.

هل نحن بحاجة لسبعين مليون (جزمة) كما يطالب بذلك المحامي المعروف «طلعت السادات»، أم أننا بحاجة ملحة للخروج من حالة «الهزل» أو بشكل أدق من فوضي «الردح» إلي حوار موثق بالمستندات قد ينقي رجالات الحزب الوطني من شبهة الفساد، أو يعيد لمصرأموالها المنهوبة.

أنا شخصيا تعجبني شخصية «طلعت السادات»، وقاموسه الشعبي الذي يغازل مشاعر الجماهير . ورغم اختلافي الشديد مع هذا المنهج أتابع بشغف كل ما يقوله النائب الموقر، لأنه ببساطة يجسد صورة من صور مواجهة الفساد بأسلوب «ولاد البلد الجدعان»، لكننا لسنا في عصر «الجدعنة»، لسنا في رواية لـ «نجيب محفوظ» يناضل فيها «الفتوة» من أجل «الحرافيش».

نحن في دولة تحكمها سطوة بعض رجال الأعمال، ونفوذهم السياسي الواسع، وأساليبهم المشبوهة لتحقيق نجومية زائفة.

أقل ما يقال في خطورة «شلة رجال الأعمال» أن أموال البنوك (مدخرات المجتمع ) في قبضتهم، وسواء كانت في صورة قروض أو تجمدت في أصول ثابتة، فإن «هروب» أحدهم من البلد سيحدث هزة اقتصادية لمصر.

نحن في زمن «رجال الأعمال» الذين تغلغلوا في المجالس النيابية لتفصيل قوانين الاستثمار علي مقاسهم، وتعطيل قانون منع الاحتكار وحماية المستهلك. وسيطر بعضهم علي وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، وقسم آخرون أراضي الدولة فيما بينهم، قطعوا «الكعكة» بأنصبة متساوية فلم يتركوا شبرا واحدا لأبناء المستقبل .

إنهم يرفعون شعارات براقة: (توفير فرص العمل، ونشر التنمية في ربوع مصر، يزعمون تخضير صحراء «توشكي» التي تعاني الظمأ وتسطير عليها كآبة اللون الأصفر).

إنهم أصحاب الأيادي البيضاء الذين يتبرعون بأموالهم لمنكوبي الزلازل والسيول، ويحولون رعاية المرضي والأرامل إلي أصوات تصب في صندوق الانتخابات !.

لماذا إذن يعترض «طلعت السادات» علي تقسيم أراضي خليج السويس فيما بينهم ؟ هل يتصور أن أي شاب مصري يمتلك خمس جنيهات لشراء «متر» من أراضي الدولة ! ولنفرض أنه يمتلكها فمن أين له بأموال لتعمير تلك الأراضي واستثمار شبابه وعافيته فيها ؟.

لماذا يتصور «طلعت السادات» - بكل رومانسية - أن ضحايا البورصة من حقهم أصلا اللعب مع «الكبار»؟ لماذا يصب كل ذنوب رجال الأعمال علي أحمد عز وحده ؟.

«أحمد عز» احتكر سوق الحديد قبل أن يصبح أمينا عاما مساعدا للحزب الوطني، ورفع سعر الحديد إلي آلاف الجنيهات -لينهار سوق العقار والصناعات المرتبطة به- بالتزامن مع تمويله الحملة الانتخابية للسيد رئيس الجمهورية !!، وفاز بصفقة حديد «الدخيلة» قبل أن يتحول لنجم سياسي أو يصبح الرجل الرابع في الحزب الوطني كما يقول النائب «طلعت السادات».

ثم، ما الذي يضير الدولة في وجود ملياردير يمتلك ٤٠ مليار جنيه وعمره مازال أربعين عاما !، ألا يعلم السادات الصغير أن رقم مليار أصبح عاديا في لغة رجال الأعمال الذين لا يحسبون ثرواتهم كل صباح؟.

علي النائب طلعت أن يحسب المليارات التي هربت خارج البلاد، وأن يوجه طلبات الإحاطة إلي المسؤول عن تهريبها، وعليه أيضا مراجعة قوانين المناطق الحرة التي تؤمن ثروات المليارات و تحميها من «المصادرة» قبل أن يحدثنا عن حل مشاكل مصر بثروة «أحمد عز» و«حسين سالم».

سيادة النائب: لاتحدثنا عن حقوق الفقراء، فحين كتبنا - من قبل- أن الحكومة تعمل لحساب ٥% من الشعب المصري اتهمونا بـ«الحقد الطبقي» و «تطفيش» المستثمرين !.

إن كنت تملك -بالفعل- وثائق تدين النائب أحمد عز توجه علي الفور إلي جهات المساءلة، لكن ضع في اعتبارك أن بيع مصر يتم بشكل قانوي أو بحسب تعبيراتك: (كله في السليم) . فحين يحقق رجل الأعمال المليون يتلقي الدرس الأول وهو «ترتيب الأوراق».

رتب أوراقك إذن - مثلهم - ثم اذهب للنائب العام أو المدعي الاشتراكي إن كنا إزاء قضية فساد، أما إن كانت القضية مجرد اختلاف علي أسلوب حكم رجال الأعمال وعدم تكيف المواطنين مع قوانين «الدولة الجديدة»، فعذرا: احتفظ بـ«حذائك» لزمن آخر تكون فيه «السرقة» بلا حصانة .. والحكم لرجال السياسة وليس لرجال الأعمال.

بالمناسبة ملايين الشعب المصري «حفاة» لا يملكون «أحذية» مناسبة لضرب رموز الفساد. 

 

الفقر يورث "الكفر" .. نشرت بتاريخ 9 / 6 / 2006

هي .. مثل بعض النساء ، فقيرة، «مهيضة الجناح»، رفعت عنها نوبات «الصرع» ثياب «الستر» بمعناه الموضوعي. تعرضت لـ«الاغتصاب» فضاعت من ملامحها براءة العذاري، سرق «الرجل» أحلامها في لحظة اختلط فيها ألم المرض باكتشاف المتعة المحرمة .


لم تعد «منال» تلك الصبية التي تلزمها رعاية خاصة بحكم مرضها، تحولت إلي مشكلة اسمها «العار»، ولعنة تطارد أسرة لا تعرف من ثروات الدنيا إلا «الشرف». وكما هي عادة الفقراء في الأحياء التي يحكمها قانون العيب، ويخضع فيها الرجل لقاعدة: «صلح غلطتك» تم إجبار «المنجد الأفرنجي» علي الزواج من «منال» .


قد تكون منال ارتدت ثوب الزفاف لاستكمال عملية الخداع الاجتماعي والتستر علي الفضيحة، قد تكون ودعتها إلي منزل الزوج زغرودة مبتورة، لكنها قطعاً لم تعرف «الفرح» الحقيقي، ولا مضمون «الزواج» . 
إنها امرأة تتنازعها نوبات الصرع سواء كانت وحدها أو كانت بين ذراعي رجل يوقع عليها «القصاص» في فراش الزوجية، بعد أن ورطته في تكوين أسرة .


هل عرفت «منال» السعادة كأنثي.. لا أعتقد، ربما لم تدرك أصلاً أنها أنثي إلا حين تحرك «الجنين» بأحشائها يعلن قدوم روح بريئة في أعاصير الفوضي التي تبدد إنسانيتها .


لكنها قطعاً عرفت القليل عن معاني الأمومة، أدركت الحد الأدني اللازم لحياة «فارس»: «الحليب والدواء والكساء». 
أول أبجدية الأمومة كما ترجمتها «منال» كانت مسؤولية الأب في «الإنفاق» علي وليدها الصغير، لكن الأب الذي دخل حياتها من بوابة الاغتصاب طردهما معا إلي «الشارع»، هناك حيث تنتشر قطط الليل ويأكل المشردون من أكوام القمامة !.


لا أدري كيف توجهت «منال» - بوعي مشكوك فيه - إلي محاكم الأحوال الشخصية لترفع دعوي «خلع» تنتهي بها إلي بنك ناصر لتقاضي نفقة الصغير. هل وجدت «السند» بين أفراد أسرتها أم أنها نضجت علي نار التجربة، لا أدري، المهم أن البنت الساذجة التي فقدت أعز ما تملك لم تفقد كل سذاجتها، استسلمت من جديد لنفس الرجل، وعادت إلي عصمته ليضيع حق وليدها في النفقة وتعود إلي الشارع من جديد.


«منال» ترتدي حجاباً بسيطاً مثل بنات الأسر «المستورة»، تبحث عن عمل بين دواوين الحكومة التي تداوي البطالة بالتصريحات، تفتش عن يد حانية بين أفراد أسرتها. إنها لم تنس احتجاج الطفل إلي الحليب والدواء .


«لم تحترف» منال البغاء، لم ترضع طفلها لبناً ملوثاً بمال مسروق أو تطعمه لقمة مسممة بالمال الحرام، توجهت - بكل تفاؤل - إلي «الشؤون الاجتماعية» تنقب عن الدولة الغائبة - هكذا هداها تفكيرها- توقعت أن مشكلتها علي رأس الأولويات، لكنها فوجئت برد غليظ من الموظفة «احتمال أن تكون أما»، قالت لها بالنص: «امش من هنا وارمي ابنك في الشارع» !!.


الغريب ليس في غلظة الموظفة ولا قسوة عبارتها، لكن الغريب أن «منال» لا تعرف الشارع جيداً !. وكأنها لم تر صفوف المتسولين المنتشرة علي الكباري وبين إشارات المرور، ولم تسأل عن آباء الأطفال الذين يتسولون العطف بعلبة مناديل ورقية أو وردة ذابلة !.


ربما لم تسكن «منال» في «عشة صفيح»، أو أنها لا تعرف أن هناك أسراً عائمة علي هامش الحياة تعيش في قوارب في النيل !. 
ربما لم تقرأ عن «عبد الحميد شتا» الذي انتحر بعد أن رفضت الحكومة إلحاقه بالسلك الدبلوماسي، أو بالأحري الذي اغتالته الحكومة بعبارة «غير لائق اجتماعياً».


لا تعرف منال أن «الأكابر» - وأولادهم بالطبع - من أصحاب السطوة والنفوذ سرقوا أحلامنا وصادروا مستقبلنا، واحتكروا كل فرص الحياة. لا تعرف أن «الموظف» يعيش تحت خط الفقر، وأن الطريق إلي الثروة يبدأ بفتح درج المكتب لتلقي الرشاوي!.


لم تلجأ «منال» لبتر أحد أطرافها لتحترف التسول، فالقلوب لم تعد تحن حين تري عاجزاً، بل لجأت للحكومة «تصرف مثير للسخرية» وحين عرفت أنها سقطت عمداً من سياسيات الحكومة انهارت وقذفت الطفل بعيداً «تطبيقاً لنصيحة الشؤون الاجتماعية» .


الآن.. تواجه «منال» تهمة «الشروع في القتل»، وتواجه - أيضاً- موجة من استياء الرأي العام فالمجتمع بلا قلب. لم يتذكر أحد وأد الأطفال - في الجاهلية - خشية الفقر حتي جاء القرآن لينهي عنه مبشراً بالـ «الرزق»، لم يعترف أحد بأن «الهيستيريا» هي الحق الوحيد للفقراء في مواجهة حكومة عاقلة إلي درجة «التبلد» !.


صرخت «منال» من ظلم الحكومة -علي طريقتها - لكن الحكومة لا تري ولا تسمع، إنها فقط «تتكلم» !!.