أن يرتدي كاتب عباءة «الإخوان المسلمين»، ويروج لمشروعهم السياسي للسطو علي الحكم، فهذا مشهد عادي ومتكرر، في زمن تباع فيه الأقلام والأفكار والمواقف. لكن حين يقود «محمد عبدالقدوس»، عضو مجلس نقابة الصحفيين، عملية إختراق النقابة، ويسخر نقابة الرأي لتصبح منبرا للمرشد العام للإخوان فهنا يصبح المشهد منفرا ومرفوضا.
أنا شخصيا لم أغفر له هذا السلوك، وكتبت - ساعتها - أذكره بأننا لم نمنحه أصواتنا، ليؤجر النقابة من الباطن لجماعته المحظورة.ويبدو أنه ادخر لي الموقف.. وأجل الرد ليوم صعود نجم جماعته في الأفق السياسي، ليرد من موقع يمكنه من «تكفير» من يشاء، وإطلاق الأحكام علي زملاء المهنة، وفقا لما تمليه عليه جماعته وتطرفه الفكري !.
من الذي منح «الحاكم بأمر الجماعة» - محمد عبد القدوس سلطة تكفير الناس، ووصف أفكارهم بألفاظ يعاقب عليها قانون الصحافة. هل قامت جماعته بتوزيع السيوف لشق صدورنا والتفتيش في نوايانا؟. ولماذا ترك الزميل كل الرجال الذين هاجموا جماعته، واستل سيفه ليرفعه علي كاتبة «امرأة»؟. ليكشف بذلك عن منهج جماعته المحظورة في التعامل مع المرأة!. ليكن يا مولانا.. فلتعلم أنت وجماعتك أنني لن أترك أرض المعركة، ولن أسلم قلمي، لأنه قلم «حر ومستقل»، لم يتقاض مليما من حزب سياسي، ولا جماعة مباحة أو منحلة، ولم يدع بطولة ما أو يطلب حماية الأمن.
أما صاحبته فليست من أنصار حبس الصحفيين، فقط لإيماني بحرية الصحافة، ولهذا لم أستجب لمن نصحوني بمقاضاتك علي ما نشرته في حقي. أنا أفضل إدارة المعارك الفكرية علي رفع دعاوي قضائية. و أقدر أنك تتقاضي أجرا عن عملك في جريدة تنطق بلسان الإخوان، وتنشر أفكارهم بين الناس.
أقدر أيضا انزعاجك من مقال «الجردل والكنكة»، الذي تناولت فيه صراع الإخوان مع الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية، وحرصك علي مصالح جماعتك، لكن فاتك أنني ممن لا تعنيهم إلا مصلحة «البلد»، وبالمناسبة الدولة مازالت «مدنية» لا أفضلية فيها لصاحب "اللحية". لكن يبدو أن صورة الدولة «الدينية»، تبلورت ملامحها في ذهنك وحدك فبدأت في تطبيق قوانينها! تعجبت من الخلط المتعمد في المفاهيم الذي يتقنه نجل الكاتب «إحسان عبد القدوس»، الذي ترك تراثا أدبيا هائلا لتحرير المرأة، مما دفع نجله للاحتماء بالأفكار المتطرفه هربا من عباءة والده!!.
ولنبدأ من مفهوم «العلمانية»: (العلمانية من العلم وليست من الكفر)، والعلم هو الذي جعل لجماعتك قناة فضائية، وموقعا علي الإنترنت، وشبكة اتصالات لنقل التمويل من الخارج (منها الرشاوي الانتخابية التي تنكرها).
العلمانية - يا «مولانا» - كلمة مشتقة من العلم، وهي التي تنقل صورة «عصام العريان» إلي العالم عبر الفضائيات. هي ماكينة الطباعة التي تجسد كلماتك النارية في حق زملاء المهنة! هذه هي العلمانية، كما أفهمها، وكما اتفق علي تعريفها علماء اللغة، أما فقهاء تسييس الدين الذين يعتبرونها مرادفا للكفر فلست معنية بعقولهم المشوشة. لكن الخلط بين العلمانية والكفر تماما، مثل الخلط بين الدين والسياسة الذي تتقنه جماعتك.. أما وصمنا بالعلمانية للتأثير في عامة الناس، فهو متطابق تماما مع شعار «الإسلام هو الحل»، الذي ترفعونه للهيمنة علي وجدان البسطاء باسم الدين ثم استغلال أصواتهم الانتخابية في الوصول للحكم! يعيب علي الشيخ محمد أنني محسوبة علي التيار الليبرالي، فمكاني الطبيعي - من وجهة نظره - هو «المرحوم الاتحاد الاشتراكي»، لكنه لم يفطن إلي أنني كنت أحبو حين تم حله
! وأحمد الله أنه لم يمارس علي قانون جماعته، فيقول مثلا: إن مكاني الطبيعي ضمن «سبايا المرشد العام»، أو ضمن حريم الجماعة «مما ملكت أيمانهم»!. الشيخ محمد يعارض مطالبتي بتدخل الأمن للسيطرة علي الشارع، الذي يضج ببلطجية جماعته وسيوفهم، وهذا دفاع مستفز عن «إرهاب» السلطة القضائية والتنفيذية لا يليق بمثله.
أما نحن الليبراليين - الذين تكفرهم - فأول من طالب بالديموقراطية لنا ولكم، وبالاحتكام لصناديق الاقتراع.. لكننا نعرف الفرق جيدا بين «المهدي» و«الضال».فكفوا عن الحديث باسم الله عله يرحمكم !


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق