الدين لله.. والوطن للبيع!.. نشرت فى 25 / 11 / 2005

ما أسهل أن تجلس في ولاية "ميريلاند" الأمريكية، وتفتح المزاد لتبيع وطنا تخليت عن جنسيته.. وتتاجر
بقضية الأقباط باعتبارهم "أقلية مضطهدة" لتشعل نيران الفتنة في مصر.. البلد الذي فقدت بوصلة العودة إليه حين أقسمت علي الولاء لأمريكا!
هذا بالضبط ما يفعله "مايكل منير" الملقب بزعيم أقباط المهجر ، وهو شخص ليس بعيدا عن الشبهات ، فهناك روايات حول اتجاه أمريكي لتوقيفه لاتهامه بإساءة استخدام أموال ومعونات فيدرالية فيما يخص قضية دعم الإصلاح في مصر وهناك أيضا علامات استفهام تحاصره بالقانون الأمريكي الذي يعتبر الكذب والتهرب من الضرائب جرائم لا تغتفر!
وبالتالي اضطر مايكل للترويج لنفسه عبر الميديا الأمريكية والعربية بصورة مختلفة. في محاولة لتعزيز فرص فوزه بعضوية الكونجرس عن ولاية ميريلاند.
فهل هناك أرخص من بلد يتمزق بين سيوف الأخوان المسلمين وأنياب الحزب الوطني، ليقدمه مايكل قربانا للإدارة الأمريكية التي تصر علي فتح ملف الأقليات و قضايا الحريات في مصر !.
فتح مايكل ملف الخلافات التاريخية في مؤتمره : "غياب الديمقراطية وحرية الأديان واضطهاد الأقليات في مصر، وبلاد الشرق الأوسط"، فهو مستعد للتحالف مع الشيطان لهدم المعبد فوق رؤوس الجميع.
وللأسف تزامن ختام مؤتمره المشبوه مع حالة الصعود السياسي لجماعة الأخوان المسلمين ، وتزايدت حدة الفزع من هيمنة مشروع الدولة الدينية علي المستقبل السياسي .الأمر الذي جعل البعض ينظر إلي مقررات المؤتمر باعتبارها المعادل الموضوعي لسطوة التيار الإسلامي علي الشارع المصري وسيطرته المتوقعة علي المعارضة البرلمانية . ودعم هذا التوجه حالة الفزع التي سيطرت علي المفكر "ميلاد حنا" ودفعته للتحذير من هجرة جماعية لأغنياء الأقباط من مصر!. وكذلك مبادرة البابا "شنودة الثالث" برفع مخاوف مشابهة للقيادة السياسية.
إنها اللحظة التاريخية المناسبة ليطالب "مايكل" بتخصيص ١٥% من المناصب الحكومية للأقباط (أولها المناصب السياسية العليا)، وإجراء إصلاحات دستورية للفصل بين الدين والدولة ، والمساواة بين المصريين فيما يتعلق ببناء دور العبادة ، وإلغاء خانة الهوية الدينية من جميع الوثائق الحكومية ..
وهي مطالب ظاهرها العدالة وباطنها النزعة الطائفية : "لأن تخصيص كوتة للأقباط يقضي علي مفهوم الديموقرطية ،ويحتكم للديانة بدلا من الكفاءة.. ويواجه تطرف الإخوان بتطرف أقباط المهجر . وإذا كانت مقررات المؤتمر تحدد نسبة التمثيل علي أساس عدد المواطنين فهذا ينسف فكرة المساواة في بناء دور العبادة، لأن الأغلبية في مصر مسلمون !. أما إلغاء الديانة من الهوية فيجوز تطبيقه في جوازات السفر ،بينما يستحيل تنفيذه في البطاقة المحلية لما يترتب علي ذكر الديانة من حقوق مدنية ترتبط بالعقيدة منها الميراث وقواعد الزواج".
وفي ظل حالة الغليان الديني والاحتقان السياسي، الكل يتحدث عن مفهوم "المواطنة" سواء الإخوان المسلمين الذين يتبعون مرحليا مبدأ "التقية" الشيعي ،أو الأقباط الذين يخشون من التحول إلي مواطنين من الدرجة الثانية ، بينما الحديث في حد ذاته يفتت أمن الوطن.
انشغلنا بالعويل فلم ينتبه أحد لأمن البلد الذي تتهدده ممارسات "فرد" احتكر الحديث باسم الأقباط ،وأخذ يستعدي الإدارة الأمريكية علي مصر ، يسعي لقطع المعونات الاقتصادية عن مصر ، ويجاهد مع المسيحية الصهيونية لنصرة ما يسميه الأقلية القبطية المضطهدة .. وكل ما يسعي اليه "مايكل" مؤثم بحكم المادة ٧٧ من قانون العقوبات التي تجرم استعداء الدول الأجنبية علي المصالح السياسية والاقتصادية للدولة!تبدو مصر في مرحلة فاصلة ، تتغير فيها الخريطة السياسية ليحل الاستبداد الديني محل الفساد السياسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق