«كنوز الوزير سليمان»


لم يبدع الكاتب الساخر «أحمد رجب» شخصية «قاسم السمَّاوى» من فراغ، صحيح: (جتنا نيلة فى حظنا الهباب)!!. فبعضنا لم يستوعب قانون «النهب المنظم»، ولا ورث جينات «الفساد» التى جعلت بعض الوزارات «مغارة على بابا». نحن «ضعفاء» ننحنى لـ«القانون»، ونسير على حبال «العيب والحرام»، كل ما نطلبه من الدنيا ألا تفلت أيادينا، فنسقط فى جوف «سمك القرش» المتربص بالشرفاء!. صوتنا منخفض، نخاف من «ظلنا»، ونتابع ما يحدث للبلد كمن يتابع فيلم رعب، ويخشى أن يخرج «مصاص الدماء» من الشاشة ليقبض على رقبته.
فكيف نصبح طرفًا فاعلاً فى «عصابات النهب المنظم»؟.. نحن لا نملك «حصانة» تحمينا من «المساءلة»، ولا أسطول سيارات (هامر و مرسديس وبورش)، أسطول يدوس كل القوانين، ويدهس أحلام البسطاء. ليس بيننا «شاب» يمتلك فيلا فى «مارينا» بمبلغ يتجاوز المليون جنيه، وقطعة أرض بالحى المتميز بمنطقة الجولف، هذا بخلاف مشاركته فى عدة فيلات بمصر الجديدة.
إنه شاب «قاصر» لكن «الولى الطبيعى» عليه «وزير»!!. إنه وزير الإسكان السابق «محمد إبراهيم سليمان»، الذى أدمن مقاضاة الصحفيين، أثناء فترة توليه الوزارة ارتكب تجاوزات فى مسألة أراضى الدولة، بالمخالفة للدستور (المادة ١٥٨) التى تنص على أنه: (لا يجوز للوزير أثناء تولى منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملاً تجارياً أو صناعيا أو أن يشترى أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئًا من أمواله أو أن يقايضها عليه).. أما الحيلة الساذجة التى تم بها الشراء فهى كتابة الممتلكات باسم الزوجة والأبناء!.
وفى التقرير الذى نشرته (المصرى اليوم) من واقع المستندات الرسمية، ثروة «سليمان» تتجاوز «كنوز سليمان»: (قصور وفيلات وأراض مميزة، كلها وقعت فى قبضة الوزير المسؤول عن كارثة «الدويقة»!). إنه الوزير الذى لم يكلف نفسه مشقة حضور اجتماعات اللجان التى ناقشت كارثة «الدويقة»، رغم أنه نائب الدائرة نفسها «الجمالية ومنشأة ناصر».
لقد اعتاد «سليمان» تطبيق دستوره الخاص، ولخص دفاعه عن نفسه فى خطاب رسمى للدكتور «فتحى سرور»، رئيس مجلس الشعب، يفيد بأن جميع أملاكه قد امتلكها قبل دخوله الوزارة، أى قبل أن نعرف رقم «المليار» الذى تقاس به ثروته!. تصور «سليمان» أن الخطاب الموجه من الرئيس «مبارك» إليه بمنحه وسام الجمهورية من الطبقة الأولى «كارت إرهاب» لكل من يقترب من سمعته أو ممتلكاته!.
لكن الرئيس «مبارك» لا يتستر على تجاوزات، مهما كان اسم صاحبه، ولن يصمت على جرائم إهدار المال العام. ولو تأملت ملايين الدولارات التى دفعت لقتل فتاة مغمورة (إن صحت الواقعة)، ستجد أن «هشام مصطفى» دفعها من المضاربة على الأراضى. لقد اخترع «سليمان» ظاهرة «تسقيع الأراضى»، واختص عائلات محددة باستثمار مناطق كاملة .. باع رمل الصحراء، وفى كل رملة صفقة خفية، باع الشطآن والجبال . فلم يتبق لنا إلا «مخيمات الإيواء» و«العشش الصفيح»، وشباب يحلم بالعثور على مفتاح مشروع: (ابنى بيتك)!!. لقد ثبت بالمستندات المقدمة للمحكمة إهدار الوزير السابق المال العام، وبالتالى أصبح استعادة ممتلكات الشعب وبيعها بالمزاد العلنى مطلباً شعبياً. الدولة التى ترفع شعار «الشفافية» لابد أن تفُعِّل قانون محاسبة الوزراء، وتطهّر الحكومة من «الفساد الرسمى».. وتطهّر «المناصب» من استغلال النفوذ، وشهوة السلطة، والثروات الحرام!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق