| إنها كارثة، وما الجديد؟! تعبير «كارثة» هو الإيقاع اليومي لحياتنا، هناك ٢٥٠ أسرة مشردة تبيت في العراء، أطفال حرموا من الدفء والحليب، ونساء فقدن الأثاث المتهالك، ورجال لا يعرفون السبيل لستر أعراضهن، إنه مجرد مشهد متكرر!!. صرخة من أحد الشباب في مواجهة عدسات التليفزيون : «معانا بنات ياريس»! نخوة الرجولة تملكته، فلم ير بين الحطام وأطلال الحريق ملامح طفل فطم علي الحزن، فعجز حتي عن البكاء. في المناطق المسماة «عشوائية»، ملاك الموت يفرض قانونه دون تمييز، والأزقة الضيقة التي تتسع لجلسات النميمة بين النساء، وتضم المشردين دون تذمر، تتحول إلي مقابر عامة حين تفرض الكوارث وجودها. لكن النساء اللاتي يعشن علي هامش الحياة، قررن الانتقال إلي بؤرة الضوء، هن لا يعرفن أدوات التظاهر، أو بالأحري لا يملكن رفاهية اليافطات والميكروفونات، كل ما بحوزتهن (أغطية الحلل). فالحريق التهم «قلعة الكبش» في ساعات قليلة . النساء قدن الرجال للتظاهر أمام مجلس الشعب، ورئيس المجلس الدكتور «فتحي سرور» غارق بين مواد الدستور. إنه نائب دائرة السيدة زينب مكان الكارثة، لكنه في ذلك اليوم المشؤوم كان يحصد أصوات «الأغلبية» ليحكم سيطرة الحزب الحاكم علي الوطن. الدكتور «سرور» كان يتابع هتافات أعضاء المجلس الموقر، التي تبدأ بصيحة :«بالروح بالدم نفديك (!!!)»، ثم ينتهي الهتاف إلي خيارات تتراوح بين «الحاكم» و «الإسلام» و أخيرا «مصر»، وأحسبه كان فرحا بنتيجة التصويت علي «سلق الدستور». وفيما أهالي الدائرة يلطمون الخدود، كانت المعارضة والنخب السياسية تندب بطريقتها، والأمن يطوق «الغضب» في كل مكان . لكن «ثورة الجياع» أعلي صوتا من مطالب الحرية، إنها ثورة مكبوتة خلف جدران واهية من الصفيح، إذا انطلقت من البؤر العشوائية لن توقفها قوات مكافحة الشغب، ولا تصريحات خطط تطوير العشوائيات . «العشوائيات» تحولت إلي حزام ناسف يطوق العاصمة، صحيح أن مليارديرات البلد أنشأوا لهم حصونا مغلقة خارج كردون المدينة، وخلقوا مجتمعات تقتصر عضويتها علي أصحاب الأصفار الستة أو المناصب الحساسة، أموالهم في بنوك سويسرا، وأولادهم في الجامعة الأمريكية، حتي الاستثمارات عرفت طريقها إلي أوروبا وأمريكا، لكن العشوائيات ستظل قنبلة قابلة للانفجار في مقارهم التي تحتل المناطق الراقية. هل عرفت الآن سبب هدم منازل المتضررين من الزلزال بالقطامية؟ الطبقة الجديدة التي تسيطر علي الثروة والسلطة كانت تتحسب للحظة الخروج الجماعي من خنادق الجريمة والإرهاب. وبدهاء قررت أن تقتصر المواجهة علي الفقراء والطبقة الوسطي !. لكن ما يستعصي علي الفهم أن الدول التي دمرتها الحروب لم تشهد هذا الانهيار الاقتصادي!. إنه الفساد «النكسة الجديدة» !!. «المهمشون» اخترقوا قلب العاصمة، اعتصموا ـ دون تدريب سياسي ـ أمام مجلس الشعب، لم تتبق -إذن- إلا خطوة واحدة ويعيدون توزيع الثروة بطريقتهم. الدستور (بعد التعديل) أطاح بفرص العدالة والمساواة، لكن هناك قطاعا ليس معنيا بالدستور، إنه يفرض العدالة بـ «أغطية الحلل». بعد مظاهرة الحلل، صدرت جرائد الخميس تبشر ضحايا حريق «قلعة الكبش» برعاية السيد رئيس الجمهورية، وتوفير المساكن اللازمة لهم!!. لكن رقعة العشوائيات ستتسع، والحكومة ستخفي مفاتيح المساكن المغلقة بعناد.. الضحايا لا يموتون في صمت دائما، أحيانا تتحول الجنازات إلي حالة «عصيان مدني». |
عزا في الغابة
قبل 6 أعوام


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق