| في محاولة بعيدة عن مضمون اللغة، ومحددات المجمع اللغوي حاولت البحث عن تعريف واضح في ذهني لكلمة «سفاح». هل السفاح بلغة السياسة هو من يغتصب كرسي في البرلمان بالتزوير، أو من يبرر كل الجرائم السياسية التي تبدد ما تبقي من أشلاء الوطن؟. هل السفاح في القاموس الاقتصادي هو من سرق أموال البنوك «مدخرات المجتمع» وهرب بها إلي الخارج؟ أم من سهل له فتح خزائن البلد ويسر له النهب والهرب؟. السفاح ليس مجرد رجل شاذ جنسيا يستهدف مواطن العفة في المرأة بـ«مطواة»، أو يستهدف النساء في «مؤخراتهن». علي الأرجح هناك خلفه ألف ألف سفاح دفعوه للشذوذ والهوس الجنسي. هناك منظومة متكاملة تفرخ لنا كل يوم سفاحين جددا: من خلق حالة البطالة وتسبب في وجود ١١ مليون أعزب تخطوا سن الزواج أحد أضلاع تلك المنظومة، من سرق أحلام الشباب وتاجر بها في سوق الهجرة غير المشروعة، ومن أغرق الكادحين القادمين علي عبارة الموت «السلام»، ومن لوث دماء المتبرعين بالدم، ومن جعل قانون الواسطة هو القانون الوحيد الساري في تعيين الخريجين، ومن قصر المناصب الإدارية العليا علي ذوي المواهب من تفتيح المخ إلي قبض العمولات، هؤلاء هم المذنبون الأصليون خلف ظهور المرضي النفسيين الذين يترجمون أمراضهم الاجتماعية بتشويه المجتمع، وانتهاك الأعراض في الطريق العام. هل أغالي إن قلت أن كليب اغتصاب عماد الكبير في مؤخرته،وهو كليب منتشر جدا، كفيل بخلق مائة ألف سفاح يقتص لكرامته من دولة تنتهك فيها حقوق الإنسان ليل نهار، دون رادع قانوني أو أخلاقي!. القهر السياسي معمل تفريخ للسفاحين فالرجل يصدر القهر للمرأة وبحسب تقرير «مركز الأرض لحقوق الإنسان» فالعنف ضد النساء كان سبباً مباشرا في وفاة ١٢٣ امرأة مصرية خلال الأشهر الستة الأخيرة، بينها ٢٨ حالة عنف أسري!. وطبقا لنفس التقرير فأعلي معدلات العنف الأسري تسجل في موسم الدراسة والأعياد، كنتيجة للمشاحنات حول الشؤون المالية بين الزوج والزوجة. الفقر هو السفاح الأصلي الذي أطلقته الحكومة خلفنا، يطاردنا في صحونا ومنامنا!!. «السفاح» الذي يروع النساء في حي المعادي ليس سوي لقطة في مشهد كامل حذف معظمه، لأن هناك حملة ترويع منظمة تستهدف المرأة المصرية. في البداية قيل لنا أن حالة التحرش الجنسي التي حدثت في وسط المدينة سببها العري والخلاعة، ثم اكتشفنا بعد ذلك أن بعض من تعرضن للسعار الجنسي كن «محجبات». وحتي يكتمل المشهد ثار المجتمع بأكمله ضد وزير الثقافة بسبب تصريحاته حول الحجاب، وبعد تسجيل أهداف راجحة لجماعة الإخوان المسلمين في مباراة العودة إلي عصور الظلام هدأت العاصفة . وأخيرا يبدأ المجتمع في الانشغال بـ«حودايت السفاح» المليئة بالإثارة والسخونة، ليتحول كل الاهتمام إلي طبيعة الطعنات هل هي من الخلف أم من الأمام!. هناك من درس العقل الجمعي للمجتمع المصري، وولع الناس الشديد بالرشوة الجنسية في أي قضية فساد، هناك من يعلم أن مجرد بدء المارثون الإعلامي المتابع لقضية السفاح، سيصرف المجتمع عن مناقشة تعديل الدستور، وعن قضاياه المصيرية . ويبدو أن الفرقعة الإعلامية حول قضية «شيرين رضا» لم تحقق النتائج المرجوة منها، فكان لابد من رمي طعم جديد يداري علي حكاية عماد الكبير، وكليب الفتاة المعلقة من قدميها. فلا يجوز أن نتحدث عن تجاوز بعض ضباط الشرطة في الشهر الذي تحتفل به الدولة بعيد الشرطة!. المهم أن المرأة دائما هي الضلع الأضعف، إذا أرادوا ضحية تجذب الانتباه قدموا شيرين رضا، وإذا استخدموا صورة السفاح التي نشاهدها في أفلام هوليوود خلقوا حالة ترويع للمرأة.. أليس هذا عنفا جماعيا ضد المرأة؟. في تقرير «مركز الأرض لحقوق الإنسان» الذي أشرنا إليه معلومة مؤلمة : هناك حوادث اغتصاب جماعي، وبحسب التقرير هناك حادثة اغتصاب قام بها ١١ شابا لفتاة واحدة، وحادثة أخري ارتكبها تسعة رجال لامرأة واحدة. نعم، هناك حوادث اغتصاب جماعي لحقوقنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هناك اغتصاب حتي لشعار الدولة (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين). |
عزا في الغابة
قبل 6 أعوام


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق