أرشيف المدونة الإلكترونية

مفيش فايدة !؟؟ .. نشرت بتاريخ 2 / 6 / 2006


فجأة شعرت أنني «ضئيلة» الحجم جداً، وأن كل قيم «المهنة» التي آمنت بها لا تتجاوز تأثير الكتابة علي الماء، تشككت للحظات في قدراتي العقلية، ثم تمالكت نفسي وتابعت حوار رئيس الحكومة الدكتور «أحمد نظيف» للزميل «مجدي الجلاد» رئيس التحرير. وفي محاولة لاستعادة توازني، بدأت في إجراء تعديلات طفيفة علي الحوار: (غيرت تاريخ النشر ليصبح قبل شهر من تاريخه أو بعد شهرين من تاريخ النشر، وياللعجب وجدته صالحاً تماماً للنشر في أي توقيت، وربما كان ذلك سر عبقرية الدكتور نظيف)!
ستجد - مثلاً - تصريحاته حول تنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية صالحة لست سنوات قادمة وعدة وزارات مختلفة، وستشعر أنك سمعت حديثه عن فرص العمل من قبل (ربما من أحد الدكاترة عاطف «صدقي» أو «عبيد» )، وستجد الحياة وردية فقطاع السياحة وحده يتكفل بـ ١٢٠ ألف فرصة عمل، علاوة علي النمو الهائل لقطاع الصناعة، وبالتالي حققت حكومته إنجازاً غير مسبوق بخفض نسبة البطالة من ١٠ % إلي ٩.٥ % .
ولأن الحديث تم في «القرية الذكية»، لم يكتف الدكتور نظيف بالجمع بين الماضي والحاضر، بل قرر نفي «الحاضر». فالواقع أن جماعة الإخوان (المحظورة حتي لا يغضب) تحاصر حكومته في الشارع السياسي والبرلمان والنقابات المهنية وتشتت جهود قوات الأمن، لكنه لا يري أنها موجودة أصلاً (مفيش حاجة اسمها الإخوان المسلمين علي حد تعبيره). وبنفس المنطق (مفيش ملف اسمه الأقباط)، وفات رئيس الحكومة أن يقول لنا :(مفيش إرهاب، مفيش تحرش بالنساء في المظاهرات، مفيش معتقلين، مفيش فايدة من الكتابة ولا من الحكومة)..ما علينا!!
جربت تغيير اسم رئيس الوزراء نفسه، وتوقعت من رئيس الوزراء القادم أن يتعامل مع الصحافة بنفس منطق: «الصحافة تكتب والقافلة تسير»، وأن يكرر علينا مقولات من عينة «وصول الدعم إلي مستحقيه»، ويعدنا - مجدداً - بعرض قانوني استقلال القضاء وجرائم النشر علي الدورة البرلمانية الحالية (ضع التاريخ بمعرفتك)، وقبل أن تنفض الدورة أو ينحل المجلس قد يدخل رئيس الحكومة -القادم - دائرة (الظل) ومعه تصريحاته ومشاريع القوانين المؤجلة!!
«الجديد» الذي كنت أبحث عنه في حديث الدكتور نظيف كان مبهراً لشخصية - مثلي - تحسب أن الحكومة لا تقرأ الخريطة السياسية ولا تسمع أنين الشعب، فالدكتور نظيف يؤكد وجود «حوار» مع كل فئات الشعب (آه والله!) لكن أولوية الحوار للقضايا «القومية» علي القضايا «الفئوية»، وقبل أن تتهلل لفكرة الحوار تتوه في محاولة الفصل بين ما هو فئوي وما هو قومي وتصنف قضايا الديمقراطية والحريات وفقاً لتلك «البرمجة» التي يطرحها رئيس الحكومة، عليك -أيضا- أن تقسم «الاحتقان السياسي» إلي حراك إيجابي أوفوضي لن يسمح بها (حوار العصي والقنابل المسيلة للدموع)، فهذا هو الحوار الوحيد الذي تعرفه الحكومة الحالية.وقبل أن تسرف في التفاؤل وتتصور أن صدر الحكومة يتسع لحوار مع الشباب الغاضب الذي غيبته زنازين «الحبس الاحتياطي» عن امتحانات الجامعات، فالدكتور نظيف (يذكرنا بأن الاحتواء «الأبوي» للشباب يشمل تعليمهم و(أكلهم) في المدن الجامعية (لاحظ أنها أموال الشعب)، أما الشاب الذي يقذف بطوبة فيسحل ويضرب وتسلب كل حقوقه حتي في «الآهة»!

إسلام «تايواني» !! .. نشرت بتاريخ 26 / 5 / 2006


اعتاد المصريون علي إطلاق مصطلح «تايواني» علي أي منتج يرونه رديء الصنع «بضاعة مضروبة»، ومع الوقت اعتادوا علي التعامل مع كل ما هو «تايواني» من الأدوات الكهربائية إلي سلوكيات البشر إلي قيم العمل، وحتي المنتج الثقافي «الإبداع» تحول إلي بضاعة تايواني!.
وفي مجتمع «تايواني» كهذا، حرص البشر علي تجميل شيء واحد وعدم المساس بقدسيته لأنه ليس من نتاج البشر، وإنما هو «وحي» من السماء وأعني بذلك «الدين» . لكن لأن «النفس أمارة بالسوء» تحول الدين رغم قدسيته إلي تجارة تخضع لفنون التسويق ومقاييس المكسب والخسارة، تجارة لها نجوم يروجون لـ «فتاوي تايواني» في وسائل الإعلام ويغلقون باب «الاجتهاد» ويحرمون علينا كل شيء «أصلي»، ونجوم آخرون يرتدون ثوب الحصانة بشعار «الإسلام هو الحل» !!. أنا واحدة من اللاتي تصورن أن فتح باب الاجتهاد كفيل بتنقية الإسلام من فتاوي التكفير والاستحلال، والخلط بين الجهاد والإرهاب. تصورت أن الاجتهاد وحده سبيل المرأة إلي مفهوم «العدالة» الأصيل في الإسلام، وأنه الطريق إلي التسامح الديني وقبول الآخر وتجاوز محاولات تفتيت العرب بالنعرات الطائفية .
ويبدو أنني أسرفت في التفاؤل، فاجتهاد الدكتور «حسن الترابي» لن يجلب للأمة إلا مزيدا من التناحر والتمزق !. وبداية يكفي أن تكون تلك الفتاوي صادرة عن ناشط سياسي استطاع أن يحول فكر الإخوان المسلمين التربوي إلي منهج «التفاعل السياسي»، وبكثير من العناد والمثابرة أصبح القائد الفكري والسياسي للحركة الإسلامية في السودان، ولفت أنظار العالم بالنتائج المبهرة التي أحرزتها الحركة في انتخابات ١٩٨٦ . وعندما استولت الحركة علي الحكم في عام ١٩٨٩ ظهر طموح «الترابي» للتواجد العالمي ومحاولة التحدث لدي الغرب باسم جموع المسلمين !.
وبعد أن باعدت الصراعات علي «السلطة» بينه وبين أحلامه العالمية لجأ «الترابي» لنقد الذات، وهاجم بعنف ممارساته السياسية السابقة وتبني أطروحات جديدة حول الحرية وتداول السلطة والدفاع عن المهمشين، حفاظاً علي مكانته في التاريخين السوداني والإسلامي «في تجسيد لأعراض البارونويا» !
الآن لم يتبق للترابي مكان في السياق التاريخي للسودان، ولا تتسع له الخريطة الجغرافية الملتهبة بالفتن، إنه في مرحلة «البحث عن دور جديد» يشد انتباه الغرب إليه، فهو لا يريد إلا اعترافا دوليا بأنه مفكر سابق عصره «لاحظ أنه لم يتنازل عن إضعاف النظام ومساندة المتمردين في دارفور» .
اختار الترابي دوراً يناسب المرحلة، يغازل به الغرب من جهة ويقلق العالم الإسلامي الذي خذل مشروعه السياسي من جهة أخري. وفي محاولة لتسويق نفسه لدي الغرب بصورة مغايرة لـ «الشيخ الإرهابي» أطلق الترابي آراءه الفقهية التي يري أنها تكسر حالة الجمود والتخلف التي يفرضها علينا التقليديون . وجاءت نتائج فتاواه المسمومة قبل عدة أيام في صورة زواج سودانية مسلمة من مسيحي أثيوبي !، وهو الأمر الذي سيدخل بعض القبائل المعترضة علي إتمام الزيجة في صدام يعزز صورته عند الغرب. فالغرب يتبع ما يسمي بـ «الزواج المدني» الذي لا يلتزم عادة بديانة الزوجين، وهو الأمر الذي خاضت لبنان حرباً إعلامية وسياسية لتحول دون تطبيقه، رغم أن ظروف الحرب الأهلية هناك دفعت بالعديد لتغيير دياناتهم لأسباب سياسية .

تجديد الخطاب الديني كما يريده الترابي سيصل بنا إلي نمط من «الإسلام التايواني» : «يبيح الارتداد عن الإسلام، ويعتبر الرقص والغناء والموسيقي قسماً من أقسام التوحيد والعقيدة الإسلامية، ويحلل زواج المسلمة من النصاري واليهود، كما أفتي أيضاً بأن الخمور لا تكون جريمة إلا إذا تحولت إلي عدوان» !!. وفي محاولة لكسب موقع بين الإصلاحيين يخلط الترابي ـ بمنتهي الدهاء ـ بين فتاوي تهدم الدين من أساسه، وفتاوي أخري طالب بها أنصار تجديد الفكر الديني ودعاة التنوير ومنها إمامة المرأة للصلاة،

والاختلاط بين الجنسين ومساواة «شهادة» المرأة بالرجل . هو رجل مختلف عليه من جميع الزوايا وهناك من يصفه بأنه «إسلامي براجماتي»، لكن براجماتية الترابي قد توصله لإقامة حد الردة عليه - الذي يناهضه - بعد أن التقت آراء منتقدي فتاواه عند حد تكفيره . فات الترابي أن يقول لنا بعد أن طبقت فتواه بزواج المسلمة بمسيحي، هل أباح تعدد الزوجات لليهود والأقباط .. أم أنها الفتوي القادمة .

الدواء فيه سم قاتل !! .. نشرت بتاريخ 19 / 5 / 2006


من بين كل شعوب الأرض ينفرد المواطن المصري بمصائب إن تمت إحداها في أي بلد آخر لاستقالت حكومات وسقطت عروش، لكننا نتمتع - دون غيرنا - بصبر لا حدود له وغفران لا مبرر له، اللهم إلا العجز وقلة الحيلة !.
كنت عادة ما أسأل نفسي :«كيف يتسني للجهات الطبية التأكد من خلو دم أي متبرع من الإيدز وفيروسات الكبد؟، خاصة إذا علمنا أن لتر الدم الواحد لا يتجاوز ثمنه قيمة تحليل الأجسام المضادة للفيروسات بدم». وبرومانسية شديدة كنت أهمس لنفسي: «لابد أن الدولة التي تدعم رغيف الخبز تتكبد مشقة الكشف علي دماء المتبرعين».
لكن الرومانسية شئ والواقع شئ، الواقع يؤكد أن أمصال «شلل الأطفال» منتهية الصلاحية، وكذلك مشتقات الدم والأنسولين وألبان أطفال التي تكرم علينا باستيرادها «محمد العبادي» رئيس الشركة القابضة للمصل واللقاح وكلها منتجات وأمصال محظور استيراها!. لا يهم، المهم أن تكييف هذه الكارثة في حق الشعب المصري قانوناً يسمي «إهدار للمال العام» لأن الأمصال منتهية الصلاحية كلفت الدولة ٣٠٠ مليون جنيه!. لكن للأسف لم يخرج علينا أحد ليقول إن من تولي استيراد تلك السموم - في حال صحة الاتهامات - قد قبض مع عمولات تلك الصفقات علي أرواح الأطفال والكبار من أبرياء هذا الوطن .
لم يبشرنا أحد بأنه ستتم محاكمته هو ومعاونوه بتهمة «القتل العمد»، بل تركونا نتابع سجال التصريحات الصحفية بين وزير الصحة الدكتور «حاتم الجبلي» والرجل الذي قضي في المصل واللقاح ٣٩ عاماً من العمل المزمن يديرالصفقات ويرسي مناقصات المباني علي شركات المقاولات، ويبدل مهام تلك المباني قبل أن تشغلها «الفئران»، ويقترض بضمان الشركة القابضة التي يترأسها ثم يقول لنا إنه قفز بالإنتاج من ٢٨ مليوناً إلي ٦٠٠ مليون جنيه. وفي تبجح غريب «يعاير» الحكومة بأنها مدينة بحوالي ٩٠٠ مليار جنيه بين ديون داخلية وخارجية دون أن يحاسبها أحد علي فوائد تلك الديون، فكيف - إذن- يجرؤ وزير الصحة علي محاسبته علي فوائد التسهيلات الائتمانية التي تسير عجلة الإنتاج !.
ما علينا.. ليكن حديثنا عن «الإنتاج» نفسه، أنا شخصياً - لفرط سذاجتي- تعاطيت أمصالاً مضادة لفيروسات الكبد من المصل واللقاح، وواظبت لعدة سنوات علي تعاطي جرعات المصل الواقي من الأنفلونزا هناك، وكلما سمعت أن أحداً «عضه» كلب أو قطة أو فأر نصحته باللجوء للعقار المضاد المتوافر في المصل واللقاح، فبالله عليكم من أين تأتينا الطمأنينة الآن؟
هل أتبني آراء «العبادي» التي يتهم فيها المسئولين بأنهم يخدمون «مافيا الاستيراد» بهدمهم لسمعة الأمصال المصرية، أم أصدق قرار الإدانة المبدئي القاضي بحبس «العبادي» و«أحمد حمدي» ١٥ يوماً علي ذمة التحقيقات ؟.
إن إهدار المال العام والتربح هنا تُهم هينة، لأنها لا تهدئ من روع الأمهات الملتاعات علي مصير فلذات أكبادهن الذين تناولوا لبناً فاسداً أو تطعيماً منتهي الصلاحية. فلا أحد ينظر لجيل قادم قد يكون من «المشوهين»، بدءا من الألبان الملوثة بالمواد المشعة، مروراً بكارثة المبيدات المسرطنة - التي لم تحسم بعد - وصولاً إلي التطعيمات الفاسدة في نفس توقيت «الحمي القلاعية» المنتشرة في اللحوم، و«أنفلونزا الطيور» التي تتحول مع الوقت إلي مرض مستوطن في مصر .

دولة الإخوان «المزعومة» !! .. نشرت بتاريخ 12 / 5 / 2006


ظن العقل العربي لسنوات طويلة، أن إلصاق وصف "المزعومة" بدولة إسرائيل كفيل بمحوها من الخريطة السياسية، فبقيت إسرائيل وظل العقل العربي علي قناعات لم تحرر أرضا ولم تنصف شعبا !.
وبنفس المنطق نتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة" أو "المنحلة" كما يحلو للبعض تسميتها، وكأن "النفي اللفظي" كفيل بمصادرة وجودها !. لكنهم -للأسف- موجودون بإرادتنا التي سعت للديمقراطية، وموجودون بعجزنا عن مواجهة الفساد وسلبيتنا في الضغط لإحداث إصلاح حقيقي . فوصفهم بالجماعة المحظورة -إذن- لا يعفينا من جرائم بعض من باعوا ضمائرهم لنيل رضا الحكومة، ولا من يأس من تخاذلوا وانسحبوا من الساحة وتوضأوا من رجس السياسة، ولا من تخبط المعارضة وانفجاراتها الداخلية .
تعبير "الجماعة المنحلة" لن يحول دون تعاطف نشطاء حقوق الإنسان مع معتقليهم، ولن يمنع حوار القوي السياسية معهم، وأخشي ما أخشاه عجز هذا التعبير عن عرقلة مشروع دولتهم "الدينية" .
يبدو أن البعض آثر النضال بالكلام فحسب (نضال حنجوري)، واحترف الظهور علي الفضائيات للحديث عن علاقة الإخوان المسلمين بالمنظمات الإرهابية، فيما فضل البعض الآخر البحث عن مصادر تمويلها في خوف حقيقي من اختراق الوطن وحسد لا يخفي.
المؤسف هو ظهور وجوه سياسية (بعضها حكومي) تراهن الآن علي "الدولة الجديدة"، وتسعي لكسب ودها تحت غطاء ديمقراطي يرفع شعار الحوار مع كل "القوي السياسية"، وهو اعتراف ضمني من أقطاب الحزب الوطني بشرعية وجود الجماعة "المحظورة"، بل والسعي لاكتشاف موقفها من مختلف قضايا الوطن، الأمر الذي لم ينكره الدكتور "حسام بدراوي" حتي ولو اعتبر حضوره لمؤتمر موسع مع الجماعة المنحلة "سلوكا شخصيا" !.
أتصور أن الحزب الحاكم ليس بتلك السذاجة التي يظن معها أن لديه القدرة علي اختراق هذا "التنظيم" بسهولة، ولا أحسب أن كوادر الحزب الوطني تسعي لاستقطاب "الجماعة المحظورة" بعد أن نجحت في استقطاب العديد من رموز النخبة السياسية . لا أظن -أيضا- أن الأخوان المسلمين لديهم نية تقديم فروض الطاعة والولاء للدولة فليست هناك أرضية مشتركة تجمع الطرفين بقدر ما هناك "أرض" متنازع عليها بينهما .
ومعظم دوائر الصراع التي تزعج الدولة الآن لا تخلو من أياد إخوانية تحركها، وتشعلها حين تشاء بزعم مناصرة الحرية والديمقراطية فرغم رفضي لمد العمل بقانون الطوارئ لم أجد في مظاهرة الإخوان في المجلس الموقر إلا مزايدة سياسية علي كل القوي الوطنية، ورغم إيماني بالمطالب العادلة للقضاة والصحفيين أشك في نوايا الإخوان خلال دعمهم لتلك الفئات، فهم لا يقدمون شيئا "لله والوطن"، لأنهم محترفون في المقام الأول، ولأن لديهم سيناريو محكما تصل آخر حلقاته إلي "كرسي الحكم" !.
هم -في رأيي - يزيدون الفتنة السياسية لهيبا، وقد نجحوا في استغلال ضعف أحزاب المعارضة وتوسعوا علي حساب الفراغ الذي خلفه غياب بعض تلك الأحزاب، كما نجحوا في استغلال مبادئ "حركة كفاية" وأولها قبول الآخر وأصبحوا جزءا من الحراك السياسي الذي نراهن عليه .
الآن الإخوان من أمامكم والحزب الوطني من خلفكم، وحتي الاختيار ليس من حقكم !. فكلاهما يستعبد الشعب المصري بنفس المفردات، ويخفي بطشه وديكتاتوريته تحت نفس الشعار، ويمكن أن تجري مقارنة بسيطة لتكتشف أن بدائل الحكم أحلاها "مر": الدولة تحكمنا بقانون الطوارئ والقوانين السالبة للحريات و "عبد المنعم أبو الفتوح" عضو مكتب الإرشاد يبشرنا في دولتهم المدنية بالاحتكام للشعب لتطبيق العقوبات الإسلامية ومنها حد السرقة (قتل يد السارق) . فالدولة احتكمت للشعب لمد قانون الطوارئ وكذلك سيفعل الإخوان إذا جاءوا للحكم .. والشعب هو الضحية في كلتا الحالتين. "أبو الفتوح" يحدثنا عن إقامة حد الردة علي "الخارجين عن النظام" وليس علي المرتدين عن الإسلام،

فدولتهم تضمن حرية الاعتقاد، لكنه استحدث جريمة أبشع من "تكدير الصفو العام" المعمول بها حاليا. وحتي لا تطول المقارنة فـ "الدولة المزعومة" ستغتال "الدولة المدنية" باسم (الحرية والعدالة والمساواة والشوري)، والدولة الحالية حكمت علي الشعب بالموت البطئ باسم (التدرج في الديمقراطية والإصلاح)!!. ومابين دولة منهارة وأخري مزعومة لابد أن نبحث عن وطن يمنحنا هويته، لكن الوطن يهبط سعره كل يوم في مزاد الانتهازية السياسية، وربما لن يبقي لنا المزايدون إلا تأشيرة هجرة إلي منفي شرعي اسمه في كل الدول "المعتقل" !!.

الولاء لـ «الصندوق»!! ... نشرت بتاريخ 28 / 4 / 2006


«الواجب» يحتم علينا أن نكتب ولو بأقلام مكسورة تنزف دما، «الواجب» يحاصرنا في مساحة «ألم» نلعن فيها الإرهاب وننعي ضحاياه، يسلبنا الحق في نقد الذات أو «جلدها» لتثبيت دعائم الأمن الاجتماعي «المزعوم».
ما أسخف «الواجب»!!أليس من حقنا أن نصرخ في هستيريا جماعية لنسأل: لماذا نلتزم وحدنا بالواجب؟ من يسأل دولة «اللواءات» عن «واجبها» في تحقيق مناخ آمن للمواطن؟ واستقرار مفترض للمستثمر؟ وآمان لبدو سيناء؟، ولقمة عيش خالية من الغش السياسي لأبناء هذا الوطن؟من يحاسب الدولة علي التفريط فينا وفي مستقبل أولادنا؟ من يدلنا علي سكة «المقابر الجماعية» لأحلامنا، علنا نلملم أشلاء ضحايا شرم الشيخ وطابا ودهب وميدان التحرير والحسين، ليضمنا «رفات» واحد يجمعنا بالوطن «الذي كان»!
بت أشعر أن شبح الموت يسكنني، يتهددني حين أتابع وحشية قمع المظاهرات المطالبة بالإصلاح، يحاصرني بهراوات غليظة تنسف مفهوم الليبرالية وهي تفض اعتصام القضاة، يعتقلني شبح الموت ضمن آلاف ضاع منهم معني الحياة خلف القضبان، يفترسني بقانون الطوارئ، ينتزعني بقسوة من بين أوراقي الملطخة بألف محظور وعدة قوانين حبس وغرامة.
أليست المأساة في بعض فصولها «رومانسية» للغاية؟ أنا ألوذ بفكرة «الوطن» في فصل رومانسي بعيداً عن كآبة الواقع الذي نحياه.
فإن حاولت الكتابة عن الضربات الإرهابية المتلاحقة التي قصمت ظهر البلد وأدمت قلبه، ألجأ إلي تلك اللغة ربما تعفيني حرج الحديث عن «التهريج الأمني»، لأقول - مثلاً - ثغرة أمنية بدلاً من تقصير أمني، أو أجتهد للربط بين بدو سيناء وتنظيم القاعدة لعل «المصيبة» تصبح مبررة. أو أراجع اتفاقية «كامب ديفيد» المجحفة التي تحول بعض بنودها دون سيطرة أمنية كافية علي سيناء.
أحاول جاهدة الإفلات من الحديث عن «المسؤول» الحقيقي عن هذا التوتر الذي نحياه، لكن صورة الدماء المتناثرة علي عتبات الكنائس، وشهداء الانتخابات البرلمانية تذكرني بأن مصر لم تعد بلد «الأمن والآمان»، أكاد أشك للحظة بأن هناك حربًا معلنة بين أجهزة الأمن وشعب هذه البلد التي لم تعد «محروسة»!!
ألا تؤكد تصريحات اللواء «حبيب العادلي» وزير الداخلية وجود هذه الحرب حين يربط بين أحداث طابا وبين الضربات الإرهابية الأخيرة، ويحمل بدو سيناء مسؤولية الأحداث الأخيرة وكأنه بذلك يبرر ضرب دهب بحملة الاعتقالات الواسعة التي تعرض لها أهالي سيناء، وإهانة شيوخ القبائل، وجرجرة النساء بثياب النوم إلي قسم الشرطة. إذن هو «الثأر».
هل يعلم أحدكم شيئًا عن «صندوق الولاء» إنه الصندوق الذي يدير المخابز التي تورد الخبز لقوات الأمن المركزي! أما القائمون عليه فكلهم من الضباط العاملين بوزارة الداخلية، هذا بالإضافة إلي «صندوق العطاء» و«صندوق تحسين الخدمات للشرطة» وكلاهما يتكفلان بتوفير السمن والسكر والشاي لقوات الأمن بأعدادها الغفيرة!
فهل تحول ضباط الشرطة إلي تجار؟ هل هم «مشغولون» عن «واجبهم» بالمكاسب الوفيرة لتلك الصناديق؟ هل تتفق تجارتهم هذه مع القوانين التي تحكم إنتماءهم لجهاز الشرطة؟ أتمني أن يجيبني أي مسؤول بهذا الجهاز الحساس عن تلك الأسئلة الساذجة. أتمني أن نعرف هل الخروج المبكر من وزارة الداخلية أثر علي الحالة النفسية لرجال الشرطة؟وبدلاً من أن نتلقي كل يوم أسماء وهمية عن رؤوس العصابات الإرهابية نريد إجابة محددة عن «واجب»
رجال الشرطة: التجارة أم قمع الشعب والحركات السياسية المتنامية؟ لا بد أن نعرف لأننا أول من يدفع الثمن من دمنا، أنا أو أنت أو لواء الشرطة أو الفوج السياحي. ولأننا سندفع الفاتورة باهظة من تراجع حركة السياحة التي تتكفل بفتح بيوت مصرية أغلقتها قوات الأمن بإشاعة ثقافة «الثأر» وروح العداء بين الشعب والدولة، وإحلال عبوات مادة TNT محل السلام الإجتماعي.

لا حصانة لقاض في وطنه! .. نشرت بتاريخ 21 / 4 / 2006


هل شعرت يوما بأنك تتألم وحدك في العراء، قدماك مكبلة بقانون الطوارئ، والحكومة تتهددك في أمنك ورزقك، وجحيم الفوضي السياسية يحاصرك؟. تصرخ دون أن يسمعك أحد، تنادي "نواب الأمة" يردون عليك بلغة الإشارة فلا تفهم إن كانوا معك أم عليك؟ هل جربت إحساس "هلع" مواطن تبتلعه سمكة قرش في مياه البحر الأحمر، وحزن أمه أو أرملته حين تتابع أنباء هروب مالك العبارة "ممدوح إسماعيل" بحصانته وأرواح المصريين المعلقة في رقبته وعدة ملايين من دم الشعب؟.
هل ضاع لك حق في دهاليز "الفساد"، أو فقدت وظيفة أو ترقية بسبب "المحسوبية"، إن كنت تعرف تلك المشاعر جيدا فأنت تعرف -بالضرورة- قيمة "القضاء العادل". تعرف أيضا قدسية منصة القضاء والوشاح الأخضر و"القول الفصل" الذي ينطق به القاضي فينقذ بريئاً من قسوة السجن أو يقضي بالقصاص من قاتل.
"العدالة" ليست مجرد فكرة مجردة، بل هي أحد موازين الكون، وحين تجد القاضي يعمل علي خلفية: " العدل أساس الملك" تشعر -رغم المظالم- أن قضاة مصر هم الحصن الآمن وخط الدفاع الأخير عن المواطن والوطن.
أنا شخصيا كنت من أنصار عدم الخلط بين الرقابة القضائية علي الانتخابات وممارسة العمل السياسي بنقد تلك الانتخابات، ورغم أن الحديث عن إصلاح القضاء "تابو" يصعب اختراقه كنت أطالب بربط "استقلال القضاء"بإصلاحه. وعقب حرب التصريحات التي قادها بعض القضاة لكشف تزوير الانتخابات النيابية من خلال المنابر الإعلامية كتبت -في نفس المكان- أطالب القضاة بالعودة إلي ثكناتهم.لكنني فجأة شعرت بأن سمك القرش يبتلعني، وبأنني أذوب في ملوحة التعنت السياسي الذي تمارسه الدولة، أغرق في دوامة لا تنتهي من التصريحات عن إصلاح "مجهض" و"ديمقراطية" مشوهة لا تفي إلا بمصالح حفنة محدودة من النخبة الحاكمة!
تذكرت حقوقي المدنية التي تاهت بين أروقة المحاكم لبطء عملية التقاضي (وأسباب أخري محظور الحديث عنها)، وتذكرت القوانين المعيبة التي مازالت المحاكم تنفذ أحكامها، لكنني تأملت فكرة "الحرية" الأشمل من بعض الأضرار المحدودة، توقفت أمام وقفة القضاة المهيبة اعتراضا علي تأخر صدور قانون استقلال السلطة القضائية، فشعرت بأنني ربما أختلف مع بعض مطالبهم أو أميل قليلا للرأي القائل إن استقلالهم التام قد يجعل منهم دولة داخل الدولة وتساءلت: تري كم دولة لدينا الآن؟. تستطيع أن تقول -بضمير مرتاح - إن لدينا دولة الفساد ودولة الإخوان وأخيرا تأتي الدولة التي يرأس حكومتها الدكتور نظيف -وفقا للتريب تنازليا - إذن ما الذي يمنع أن يكون لدينا دولة شعارها:"تحقيق العدالة"؟
ما معني أن يحيل المستشار "محمود أبو الليل" وزير العدل المستشارين "هشام البسطويسي" و"محمود مكي" نائبي رئيس محكمة النقض إلي "جلسة صلاحية"؟. هل معني ذلك وأد عملية الحراك السياسي، أم أن المراد من ذلك التمويه علي نواب زوروا إرادة الأمة واغتصبوا حصانة تصلح للقراصنة أكثر مما تصلح لأعضاء مجلس الشعب؟. هل أسقط الدكتور "فتحي سرور" رئيس مجلس الشعب من ذاكرته نواب (البلطجة والتجنيد والمخدرات.. ونواب سميحة)؟، أم أن المجلس الموقر انتقل من خانة "سيد قراره" ليعمل بقانون: "أنا عنيد ومحدش يقدر يلوي دراعي أبداً"!!.
كنا نتحدث عن هيبة القضاء وقدسية أحكامه، ونطالب القضاة بالبعد عن اللعبة السياسية، لكنهم اختاروا - طواعية - الاشتغال بالسياسة لنيل حقوق يرونها عادلة، ولا داعي للمغالطة والزعم بأنهم يتحملون أوزار السياسة لأنهم - في الحقيقة - يدفعون الآن ثمن الدفاع عن الوطن وليس عن حقوقهم. هؤلاء كشفوا تزويرا يعمي العيون المتبجحة، تزويراً سجلته عدسات الفضائيات التي أذاعت فضيحة مصر السياسية علي الهواء، لكن تصريحات القضاة هي ما يزعج الحكومة، والسبب بسيط: "الدولة تريد قضاء مخترقاً"، فإذا أردناه عادلاً ونزيهاً، بدأت بوادر "مذبحة" جديدة للقضاة!

بطل الديمقراطية!! .. نشرت بتاريخ 14 / 4 / 2006


حين سقطت بغداد، انتشرت شائعة ظهور «المهدي المنتظر» بين الشعوب العربية، لتجسد حاجة تلك الشعوب إلي قائد ملهم تدعمه قوة إلهية تتجاوز عجزهم عن تغيير الواقع السياسي. وبشكل أو بآخر، تطورت وسائل الميديا العربية لتصمم في كل مرحلة تاريخية نموذجاً (علي مقاس أحلام الشعوب). قائد يتمتع بصفات المهدي المنتظر، وينفذ مشيئة السماء بـ«قرار تاريخي» تصفق له الجماهير دون نقاش أو مراجعة ودون «معارضة»!!
حين قرر الرئيس «السادات» السفر إلي تل أبيب وعقد اتفاقية «كامب ديفيد» كانت ملائكة حرب أكتوبر ترفرف حوله وهو ينفذ تعاليم الأديان الثلاثة ليصبح «بطل الحرب والسلام» !!. ساعتها وجد من يروج لأفكار قائد سياسي «سابق عصره»، حتي لو كان الثمن مقاطعة عربية حادة أو ضياع الحقين الفلسطيني والسوري إلي الآن.
هل عرفتم الآن قيمة الجلوس إلي طاولة المفاوضات؟، هل الدم الفلسطيني المهدر يدفعكم للندم علي الفرصة الذهبية التي أضعتموها حين رفضتم الانصياع لأفكار «السادات»؟إذا كانت الإجابة بنعم، فعليكم أن تستجيبوا لآراء «بطل الديمقراطية» الرئيس الليبي «معمر القذافي»، مع ملاحظة أن هذا اللقب من اختياره وهو من أعلنه أثناء مشاركته عبر الفيديو في ندوة «آفاق من أجل الديمقراطية» التي نظمتها جامعة كولومبيا بنيويورك. وربما كان عليكم أيضا اتباع نموذج الحكم «الجماهيري» الذي أرساه، خاصة بعد أن سقطت نظرية التعددية الحزبية واتضح أن الحكم يؤول غالبا إلي حزب السيد الرئيس.
وبنفس المنطق لابد أن نعيد النظر في عروبتنا السليبة ونفكر في التحول إلي تجمع أفريقي يشعرنا بالتفوق أو علي الأقل يعفينا من الهم العربي.
أنا شخصياً معجبة بتلك الصدمات السياسية التي يحدثها العقيد «معمر القذافي» بدءا من «الكتاب الأخضر» ومرورا بانسحابه من القمم العربية وصولاً إلي التحولات الانقلابية في موقفه من الغرب وخصوصًا أمريكا. لم يعد مكان القصف الأمريكي مزارًا لضيوف ليبيا الآن، كف «الزعيم» الليبي علي تقديمه دليلاً علي صموده في وجه القوي العظمي في العالم ( لاحظ أن ليبيا أيضا جماهيرية عظمي) وحل محل الثأر الليبي - الأمريكي حديث عن دفء في العلاقات بين البلدين، ومشاورات في البنتاجون لدراسة مساعدة ليبيا في تدمير مخزونها من الأسلحة الكيماوية!!
لكن الإدارة الأمريكية مازالت حائرة في تحديد موقفها النهائي من النظام الليبي: فهي تصنف ليبيا كواحدة من حوالي ست دول علي قائمة الولايات المتحدة للدول التي تتهم برعاية الإرهاب، ورغم ذلك تناقش تقديم مساعدات تصل إلي ١٠٠ مليون دولار لتدمير المخزون الليبي من الأسلحة الكيماوية، حفاظاً علي أمنها القومي.
وبينما يرفع «بوش» بعض قيود الصادرات العسكرية لنفس الهدف يطلق العقيد القذافي تصريحات نارية يتحدي فيها الغرب بالسماح للرئيس الأمريكي بالطواف حول الكعبة! وفي إطار حملة لدعوة «اليهود والنصاري» للطواف بالكعبة لا يفوته استعداء الغرب بأكمله علي كل ما هو إسلامي، حين يقرر بشكل قاطع أن الإنجيل مزور وأن «موسي» لو كان موجودًا في عصر «عيسي» لأصبح مسيحياً!
الغريب هنا ليس في كلام العقيد القذافي ولكن في «التعجب» من حديثه، وكأننا لم نعتد منه تلك الصدمات الكهربائية. وبالمثل لا يجوز لنا تحليل التناقض الحاد بين سياسة ليبيا تجاه أمريكا وبين آراء رأس النظام الليبي. لأننا لم نرتق فكريا لفهم نظريات «قائد ملهم» هو قطعا «سابق عصره»، وهو أيضا مؤسس نظريات حديثة في قواعد الديمقراطية وتكتيك التعامل مع الدول العظمي وفنون تربية «العرب» وأساليب قيادة «الأفارقة».
نحن أمام شخصية تاريخية لن نفهم أبعادها إلا بعد عدة قرون. وبعيداً عن «الحالة الليبية» أتحدي إن كان بيننا من يفهم كيف تدار شئون الحكم في بلادنا، أو يعرف نقاط التوازن في علاقاتنا الخارجية.
قطعا العيب ليس في الحكام ولا في أساليب الحكم.. العيب فينا.

يا أنا.. يا الإخوان!! .. نشرت بتاريخ 7 / 4 / 2006


ما بين "التجميد" أو الانفجار من الداخل تعيش أحزاب المعارضة حالة انتحار منظم.. ربما بدأت عند تأجير حزب العمل للإخوان المسلمين، وربما بدأت قبل ذلك.
فتلك الأحزاب تحمل عوامل فنائها بداخلها، وتعاني نفس أمراض الحزب الحاكم: من حيث تأليه الفرد فيرفع كل رئيس حزب شعار: "أنا الحزب والحزب أنا".. أضف إلي ذلك الديكتاتورية ومركزية القرار في أحزاب هشة كرتونية، تفتقر إلي المصداقية والقاعدة الجماهيرية! أحزاب تعاني الشيخوخة، فمعظمها أحزاب عائلية مغلقة تحكمها دوائر سلطة مطلقة تحتكر أنشطتها،

وعلي رأسها زعامة تاريخية تحكم إرثاً سياسياً توقف نموه، أضف إلي ذلك "فقرا" لا يعانيه الحزب الوطني، وحصارا من قانون الطوارئ، وحظرا من الإعلام الرسمي. وبالتالي قد يبدو منطقيا للبعض دخول أحد أحزاب المعارضة في صفقات سياسية مع الحزب الوطني، أو الخضوع لمهانة قبول الدعم المادي لإصداراتها الصحفية.

قد يجد البعض تبريرًا لقبول أحد أقطاب المعارضة "الدكتور رفعت السعيد" "التعيين" في مجلس الشوري، أو أن يدير الحزب الوطني لعبة الكراسي السياسية مع أحزاب المعارضة في الانتخابات النيابية.وبالتالي كان من البديهي أن يفرز الشارع المصري حركات سياسية جديدة مثل "كفاية"، علها تعبر عن مطالب الشارع بعد أن فقدت الأحزاب "المرخصة" مصداقياتها وتواجدها بين الجماهير وتحولت إلي مقار كرتونية وجرائد متعثرة.
وما بين الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية دخلت أحزاب المعارضة "أوكازيون سياسي"، انتهي إلي عملية "تصفية" لأعتي الأحزاب الليبرالية "حزب الوفد" في عملية إرهاب سياسي غابت عنها الدولة وإن ألقت بظلال وجودها في تأخر قوات الأمن عن التدخل، وجرأة الخصوم علي بعضهم البعض بما يوحي بأن هناك "تطمينات ما" تلقاها كل طرف!
بعنترية شديدة يمكن أن نتبني المقولة التي يروج لها الوفديون وعلي رأسهم الدكتورة "إيمان جمعة"، لنقول إن الدكتور نعمان يدفع ثمن ترشيحه لانتخابات الرئاسة. لكن الحقيقة غير ذلك تمامًا، كشفها الدكتور نعمان بنفسه حين خرج من الانتخابات كأسد جريح ليطلق تصريحاته النارية ضد من (عملوا له عجين الفلاحة ليرشح نفسه) من قيادات الحزب الوطني ثم وجهوا له إهانة لا تغتفر بإسقاطه في بعض الدوائر التي يعتبرها "وفدية" بالفطرة!!
وفي تعنت واضح رفض الوفدي البارز الاستقالة من رئاسة الحزب عقب خسارته المخزية، وشن هجومًا ضاريا علي قيادات الوفد البخيلة ورشحها للعمل وزراء مالية عند "شارون"، رغم أنه صرف مبالغ طائلة علي حملته الانتخابية.
السؤال الصعب في تلك الصفقة التي تحول بعدها رئيس الوفد إلي "وجه محروق" سياسيا: هل كان حرقه المتعمد لحزب الوفد أحد فصول تلك الصفقة التي عقدها مع الحزب الحاكم، أم أنه خسر رهانه علي الحزب الحاكم حين قدم موقعه السياسي في تمثيلية الانتخابات الرئاسية دون ثمن يذكر؟
قطعًا.. كان الدكتور نعمان فاقداً لحنكته السياسية في كل المراحل حين صدق وعود الحزب الحاكم وحين لجأ للبلطجة السياسية. لم ينتبه أيضا إلي أن الحكومة أطلقت مارد "الإخوان المسلمين" في رسالة محددة إلي أمريكا مفادها أن الديمقراطية لن تأتي إلا بالفاشية الإسلامية. وحتي تكتسب تلك الرسالة مصداقية وتبدو شديدة الواقعية كان لابد من تعرية أحزاب المعارضة وكشف نقاط ضعفها وصراعاتها. وبذلك اكتمل المشهد السياسي للرأي العام الأمريكي: (أعلنها الحزب الحاكم بوضوح: "إما أنا وإما الإخوان المسلمين").
هذا ما أسفرت عنه الانتخابات النيابية، وتوجهات الشارع المصري التي رأت في مشروع الدولة الدينية الخلاص من لعنة الفساد. حتي الشعب المصري الذي تلاعبت به قوي البلطجة والنوازع الدينية تم تسييسه في خطاب الحزب الحاكم لقوي الغرب الضاغطة من أجل الديمقراطية. والنخبة أيضا أصابها خوف هستيري من قدوم الإخوان إلي سدة الحكم، وبذلك سهل اصطياد بعضهم - أعني استقطابهم - لينضموا إلي خندق الدولة بكل سلبياتها!
الآن.. لم يتبق من أحزاب المعارضة إلا رموزا سياسية خلف القضبان (منهم د أيمن نور ود نعمان جمعة)، ومقار تشتعل بصراع القيادات. فالمعارضة بعض أحزابها ينتظر مصيره أمام لجنة شؤون الأحزاب، والبعض الآخر يجهز أوراقه لتحال إلي اللجنة! قد تكون الدولة قد لعبت دوراً خفياً في خلخلة تلك الأحزاب من الداخل، لكنها في كل الأحوال سقطت بفعل الانتهازية السياسية. لقد دفعت المعارضة فاتورة أمراضها السياسية، لكن الفاتورة الأكثر فداحة ستدفعها الدولة نتيجة تفريغ الشارع وإخلاء الخريطة السياسية للإخوان المسلمين. إذن سيعيش الحزب الحاكم علي أشلاء وطن.

تتبدل الأسماء.. والفساد واحد!! .. نشرت بتاريخ 24 / 3 / 2006


«الفساد» لا يعتمد فقط علي المناخ السياسي والظرف الاجتماعي لينفجر في وجوهنا مثل المارد، فهناك شروط أخري تمكنه من الاستمرار، هذه الشروط تتمثل في السلطة المطلقة وشلة السوء والاستعداد النفسي للسير علي جثث العباد، وبالتالي فالأسماء تتبدل.. والفساد واحد!
يسقط رجال وزارات الإعلام أو الزراعة أو الإسكان ليأتي خلفهم من يتقنون نفس الألاعيب ويطورونها، ليصبح كل عصر أسوأ مما سبقه، وتتحول وقائع الفساد إلي خيال يصعب تصديقه، سواء من حيث مركز الفاسد أو حجم ما نهبه من المال العام أو دور المرأة في لعبته الحقيرة أو تورط بعض المسؤولين معه، ليس هناك أطر نظرية لتحليل ظاهرة الفساد، لكن هناك فرقا شاسعاً بين آلاف «عصمت السادات» الذي هزت محاكمته الرأي العام المصري وبين ملايين «عبدالرحمن حافظ» التي مرت باعتبارها واقعة «عادية»!
هذا الفرق يوضح أن الأموال المنهوبة تقفز من خانة مئات الألوف لتصل إلي المليارات، وبالتالي لابد أن نسأل: هل ما زال لدي البنوك أموال تهرب للخارج؟ هل مازالت مصر لديها أراض تسرق وشركات قطاع عام تصفي في مزاد المحظوظين؟ هل مازالت هناك مراكز لأهل الثقة تمنحهم السيارات المجانية والفيلات بالبخس وقرارات وزنها ألماس؟ هل ما زالت هناك امتيازات توزع علي المحاسيب؟ أليس كل هذا مخصوماً من رصيد الوطن، مسروقاًَ من مستقبل الأجيال القادمة!!
هذا الكلام الباهت لا طعم له في بلد قايض الإحساس بالقيمة مقابل الإحساس بالثمن، وربما يقولون إن من يكتبه يعاني الحقد الطبقي، لأننا أصبحنا كمن يصرخ في الصحراء حين نطالب بحقوق الغلابة وبقطعة صغيرة من «التورتة» للشباب الذي يبحث عن وظيفة تنتشله من عالم الضياع، قبل أن يتحول إلي قنبلة موقوتة علي رغباته الإنسانية الضاغطة ولحظة ضعف أو تمرد.
لأول مرة أحاول فهم صناعة الفساد في مصر، وانتشاره السريع من طبقة لأخري، ومن فئة تستبيح خيرات البلد إلي فئة يفترض أنها مدافعة عن مصالح البلد، ربما لأن ما نسب للكاتب «إبراهيم نافع» رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام سابقاً، هو نفس الموديل السائد في مؤسسات صحفية أخري، وهذا هو المجال الجغرافي لعملي وحياتي. وربما لأنني أعطيته صوتي أكثر من مرة ليصبح نقيباً للصحفيين.
فهل الجماعة الصحفية كانت مغيبة طيلة هذه الفترة؟ أم هل كانت الرشاوي الانتخابية المحدودة تعميها عن حقيقة «إبراهيم نافع»؟ أم أن مبني النقابة الفخم الذي تكفل بإتمامه ضلل الجميع، فحسبوا أنهم نالوا أقصي مكاسبهم المادية بالانتقال إلي مبني مكيف الهواء؟ تلك الافتراضات جميعها تضع الصحفيين وعلي رأسهم صحفيو الأهرام في خانة الاتهام مع «إبراهيم نافع»، لأنها تلغي قيمة الصحافة بمصالح رخيصة، وللحقيقة العيب ليس في الصحفيين الذين انتخبوه ولا في شلة المنتفعين من وجوده. ربما كان العيب في قوة «تعيين» رؤساء مجالس الإدارات التي تجعلهم أنصاف آلهة، وكهنة يحتكرون صكوك الغفران ويمنحونها بسخاء يضاعف من قوتهم،
استغلوا صدور قرار التعيين من مقر الرئاسة لإخراس جميع الألسنة حتي لحظة الخروج الدرامية لجيل من رؤساء التحرير التصق بمراكز الحكم حتي تحول إلي جزء منه. هؤلاء لم تشارك مجالس إدارات المؤسسات ـ ولو بالرأي ـ في اختيارهم، وبالتالي فقدت أي سلطة لمراقبتهم أو محاسبتهم، وللأسف نفس السيناريو قابل للتكرار مع الذين جاءوا من بعدهم ليغيروا «الشلل» ويطوروا أساليب العمل «ضع تحت كلمة العمل ما تشاء من مهام» والغريب أن بعضهم يتصدي الآن لرموز الحرس القديم ويصفي أعوانهم، ويعدد سلبياتهم دون أن يقول لنا أين كان طيلة سنوات عصرهم الذهبي؟قد يري البعض أن تفجير قضية إبراهيم نافع المراد منها إلهاء الصحفيين عن أباطرة الفساد المتغلغلين في دهاليز الحكم، وقد يقول البعض إن علي الجماعة الصحفية تنقية نفسها من شبهة الفساد لكننا للأسف نصفي حساباتنا مع «الماضي».علي كل، فات نقابة الصحفيين في جمعيتها العمومية أن تقر أساليب تضمن شفافية إدارة المؤسسات الصحفية، رغم أنها السبيل الوحيد لعدالة الأجور، وحصول النقابة علي مستحقاتها لدي تلك المؤسسات، فهل نطالب الدولة التي تناصبنا العداء بقوانين الحبس باختيار رؤساء مجالس الإدارات بالانتخاب بدلاً من التعيين أم نطالب الحكومة بتوفير طرق لمحاسبتهم حتي لا تتكرر ظاهرة «نافع» و«رجب»؟ أعتقد أن علينا ضم تلك الأحلام إلي ملف الأحلام المستحيلة وأولها إلغاء قانون حبس الصحفيين.

«آسفة أرفض الطلاق !» .. نشرت بتاريخ 17 / 3 / 2006


نفتح باب "الاجتهاد" أم نعود للنص القرآني ونحتكم إليه ، هذا هو السؤال الذي يحيرني كلما خرج علينا أحد رجال الدين بفتوي جديدة. الفتاوي الدينية تأتي غالبا "صادمة" تثير البلبلة بين الناس، وتتحول أحيانا إلي مشكلات اجتماعية تصعب السيطرة عليها، لذا أجدني مضطرة للوقوف أمامها.
الفتاوي الدينية الآن تنسف القاعدة التي كانت تؤكد أن اختلاف الفقهاء "رحمة" ، ومع الاعتراف بانتشار الأمية الدينية بين الشباب سنجد من يتحايل علي القانون بفتوي عابرة أو حديث "ضعيف" . لتتحول إدارة الشؤون الدنيوية بتلك الفتاوي المبتسرة إلي ملفات لا نهاية لها في المحاكم : "أطفال يبحثون عن هوية ضائعة بين بنود القانون ، ونساء يواجهن منظومة القيم الاجتماعية بحالة "تمرد" لن تحدث التغيير الاجتماعي الذي ننشده" . لذا وجب علينا التعامل مع تلك الفتاوي بحساسية وذكاء اجتماعي، علها تنضم إلي صف تجديد الفكر الديني بدلا من تحولها إلي ذريعة لغلق باب الاجتهاد.
أحدث الفتاوي التي أطلقها المفكر الإسلامي "جمال البنا" جاءت في حوار مع "العربية نت"، فجر خلاله مفاجأة خاصة بالزواج ، حيث قال إن مسألة "الشهود" توثيقية فقط، فيكفي رضا وتوافق الرجل والمرأة علي الزواج لتصبح علاقتهما صحيحة، بشرط وجود النية لاستمرار هذا الزواج وقبول نتائجه المتمثلة في الإنجاب والإقامة في بيت واحد . لكنه حرص علي استثناء العلاقات داخل المدارس والجامعات من هذا الحكم بقوله : "تبقي علاقاتهم التي يسمونها زواجا غير شرعية، لأنه ليس هناك بيت يجمع الزوجين والعلاقة بينهما تغلفها السرية، ولا ضمان لديمومتها، فالقلوب تتغير وقد يخطف قلب الرجل أو الفتاة طرف آخر".وهو تقريبا نفس الرأي الذي أطلقه الدكتور "محمد شحرور" تحت بند ما أسماه "نكاح ملك اليمين" !!.
الأمر المخيف في مثل هذه الفتوي أن الشباب لن يستمعوا لتحريم الوضع الذي يسمونه زواجا شرعيا، بل سينطلقون لإشباع غرائزهم الجنسية الضاغطة علي خلفية الجزء الأول من فتوي "البنا" مع ملاحظة أنه أكد بشكل قاطع أن الزواج هو " عقد رضائي من الدرجة الأولي، فلا شهود ولا مهر ولا ولي، وما حصل في الزواج من هذه الأمور عملية تنظيمية لجأ إليها الفقهاء لاحقا!!".صحيح أنه يؤكد أن الفقهاء رأوا في تلك الإجراءات وجاهتها لحفظ الحقوق من إثبات النسب والميراث وخلافه ، لكنه لا يعتبرها شروطا لصحة الزواج!
وللحقيقة، فإن هناك العديد من آراء "جمال البنا" تلقي صدي طيبا في وجداني لأنها تتفق مع ما نتمناه من تجديد للخطاب الديني، خاصة تأييده لإمامة المرأة للصلاة إذا كانت هي الأعلم بالقرآن، وأيضا آراؤه حول حجاب المرأة وعدم الفصل بين الجنسين الذي يعتبره "عملية وحشية". لكن فتواه حول الزواج في هذه المرة قد تحدث فوضي اجتماعية بين صفوف الشباب الذي يبحث عن غطاء ديني لسلوكياته دون أن يتمسك بباقي التعاليم الدينية التي تحفظ أي سلوك من الأهواء الشخصية . فكان لابد أن نسأل ـ حتي بالنسبة للناضجين من الرجال والنساء ـ هل يتمسكون بقيم الصدق والأمانة؟ هل هم أهل للثقة لتأتمنهم النساء علي حرماتهن فيتقون الله فيهن؟ . للأسف الإجابة التي لدي هي "لا" في أغلب الأحوال.
إن أكثر ما شدني لآراء "جمال البنا" هي الموضوعية التي يتعامل بها مع مصطلح "العلمانية" بإعتباره لا يكفر صاحبه بل يعني فصل الدين عن الدولة ، وربما أيضا رفضه الانضمام لجماعة "الإخوان المسلمين" رغم طلب مؤسسها شقيقه "حسن البنا"، وتحفظاته علي سياسة الجماعة خاصة فيما يتعلق بالمرأة.
لكنني وجدته يتخلي عن حذره تماما وهو يتعامل مع قضايا اجتماعية شائكة لم يتأهل المجتمع بعد للتعامل معها ، وأطلق فتواه حول الزواج دون شهود ولا صداق ولا ولي وكأنه لم يسمع عن ١٤ ألف حالة إثبات نسب تنظرها المحاكم المصرية وحدها. أو كأنه يتعمد إهدار نضال المرأة المصرية لتخرج وثيقة الزواج في صورتها الجديدة التي تحدد حقوق وواجبات الطرفين درءاً للمشكلات الاجتماعية . لكنه يعود ليطرح وجهة نظر ربما تسرق الأنظار ـ لوجاهتها ـ من صدمة الزواج دون قيد أو شرط إلا التراضي ، البنا يؤكد أن" طلاق الرجل لا يقع منفردا بدون موافقة زوجته" .. فطالما تم الزواج بصفة رضائية، فلذلك تقتضي صحة الطلاق رضا الاثنين واتفاقهما علي الانفصال.
أعلم أن بعض الفقهاء سيتسارعون للرد علي فتاوي "البنا" ، وأتمني عليهم أن يتوقفوا طويلا أمام فتوي الطلاق لأنها قد تعيد لمؤسسة الزواج احترامها وقدسيتها ، لكنها للأسف فتوي غير جاذبة للأضواء الإعلامية فلن يلتفت إليها أحد رغم أهميتها!

وما زال البحث مستمراً !.. نشرت بتاريخ 10 / 3 / 2006


مازلت أذكر تلك المبادرة التي أطلقها المجلس القومي لحقوق الإنسان عقب تأسيسه، تلك المبادرة المجهضة كانت تسعي لإلغاء قانون الطوارئ. وساعتها أطل علي شاشة التليفزيون نقيب المحامين «سامح عاشور» ـ أحد أعضاء المجلس ـ يفسر إمكانية تعديل القانون ليصبح محدداً بمدة زمنية ومساحة جغرافية إذا دعت الضرورة، كما هو معمول به في عدة دول. وكالعادة كانت «الدولة» في مأزق، وسمعنا تصريحات لوزير الداخلية «حبيب العادلي» تؤكد مراجعة قانون الطوارئ، ثم سرعان ما تراجعت الدولة بكاملها عن الفكرة بعد أن امتصت غضب النخبة السياسية لفترة مؤقتة.
مرة أخري سمعنا عن إلغاء قانون الطوارئ و استبداله بقانون لمكافحة الإرهاب خلال حملة الانتخابات الرئاسية . كان برنامج السيد الرئيس واضحاً لا لبس فيه فيما يتعلق بالقوانين السالبة للحريات، وإلغاء الحبس الاحتياطي .. لكن يبدو أن بنود البرنامج الرئاسي قد دخلت دوامة بحث لا تنتهي يدور معها أيضا الوعد الرئاسي بإلغاء عقوبة حبس الصحفيين !. وأخيراً توصلت أمانة السياسات بالحزب الوطني الديموقراطي إلي ملامح التشريعات المتعلقة بمشروعي قانون الحبس الاحتياطي وقانون مكافحة الإرهاب . وجاءت تصريحات الأمين العام المساعد للحزب "جمال مبارك" في صدر الصفحات اليومية، تبشرنا بمناقشة تلك القوانين خلال الدورة البرلمانية الحالية . لكن المؤكد أن الدورة الحالية للبرلمان لن تشهد مناقشة مشروع جديد لإسقاط عقوبة حبس الصحفيين . فطبقاً لتصريحات الدكتور «فتحي سرور» رئيس مجلس الشعب، فإن مشاريع القوانين التي سبق تقديمها لمجلس الشعب قد سقطت !، وعلينا أن نبدأ من الخطوة الأولي بتشكيل لجنة حكماء لوضع صيغة جديدة لمشروع القانون.
الغريب في عملية إصدار القوانين، أن هناك قوانين تمر مثل «السكين في الزبد»، تناقش بسلاسة وتحصل علي الموافقة بسرعة البرق، وتخرج لتقدم ـ غالباً ـ تسهيلات وإعفاءات لعلية القوم، وتجنبهم ضرائب واجبة مثل الإعفاء من الضرائب علي اليخوت وفيلات الساحل الشمالي والبحر الأحمر! . والأغرب أن الدولة تحدثنا ليل نهار عن عملية الإصلاح السياسي وتعديل الدستور، في مناخ سياسي «أعرج» يسير علي قدم واحدة هي الحزب الحاكم الذي تمكن من تفريغ الحياة السياسية وتفجير أحزاب المعارضة من الداخل !.هل من البلاهة ـ إذن ـ أن ننتظر؟، هل تصديق عملية «البحث» المزعومة شكل من أشكال السذاجة السياسية ؟.
أليست محاكمة «القضاة» الذين أعلنوا عن تزوير الانتخابات النيابية مؤشرا علي أسلوب الدولة في تطبيق ديمقراطية مشوهة وجهها الآخر ديكتاتورية مطلقة ؟.
أنا شخصيا لدي نية صادقة في تصديق الحكومة، لكن ممارساته تخذلني كل مرة، من ملف المعتقلين المتخم بانتهاك حقوق الإنسان إلي الحكم بحبس الزملاء «عبد الناصر الزهيري» و «أميرة ملش» . تصدمني عملية الترويج الإعلامي للإصلاح السياسي في وقت تتراجع فيه الحريات العامة، وكأنها عملية منظمة لضرب مصداقية الحكومة. وأتساءل دائما : «إذا كان الخطاب السياسي الذي يبدأ بتفعيل دور المجتمع المدني ليصل إلي تعديل الدستور، هو خطاب موجه للخارج، ألا يدرك أصحاب تلك الادعاءات أن القوي الخارجية أول من يرصد هذا التناقض الفج بين التصريحات والأفعال!».
إذا كان الرضا الأمريكي المرهون بالدور المصري في فلسطين والعراق يغري بمزيد من «الطغيان» فهذا الرضا لن يدوم . ولا يصح لأي حكومة أن تكتسب قوتها من «الخارج» أو أن يغازل الغرب بخطاب إصلاحي فقد محتواه وصلاحيته . الحسابات لابد أن تبدأ من متطلبات الشارع، وإذا كان «الشعب» خارج حسابات النظام، تصبح الحسبة كلها مغلوطة ولابد من مراجعتها بدقة . الدولة التي «تعيش» بقانون الطوارئ وتعمل بمنهج: الشعب يتلهي بالبطولات الكروية ويرتعد من أنفلونزا الطيور، ونحن نحكم بالحديد والنار ونخرس جميع الألسنة، هي دولة دخلت في طور «الاحتضار» . وتلك قضية محسومة ليست محل بحث.

«الكلور» هو الحل !! .. نشرت بتاريخ 4 / 2 / 2006


أحيانا أضطر لتصديق الحكومة !، لأنها تمتلك المعلومات وتتكتم عليها وكأنها أسرار حربية . من هنا قررت الاتصال بالرقم المجاني الذي أعلنته الدولة للاستفسار عن مرض أنفلونزا الطيور، وبعد معاناة طويلة مع الرقم المشغول دائما جاءني الرد، سألت : «لدينا كلب علي سطح المنزل المكشوف، وقد يأكل أي طائر يسقط ميتا علي سطح البناية .. فماذا أفعل ؟». فوجئت بالسيدة التي أجابت علي الهاتف تنادي زميلتها لتسألها :هل لديك فكرة عن الكلاب؟، وزميلتها تسأل زميلاً آخر، وحين لم تجد معلومة مؤكدة جاءتني إجابتها : لا داعي للقلق !!. قررت أن أستمر في اختبار معلوماتهم «من باب الشر» فسألتها : «أنا أسكن في شارع صلاح سالم، والشارع مليء بالطيور والغربان، والغربان تقف علي الجزء الخارجي لتكييف الهواء وتترك فضلاتها عليه .. فهل هناك نيه لاصطياد هذه الطيور؟ «كما حدث مع الطيور المنتشرة أمام حديقة الحيوان» . في هذه المرة جاءني صوتها واثقا : «يا مدام .. اغسلي التكييف بالكلور وخلاص !!».
طبعا من ساعتها وأنا «أتفاءل» بصوت الغراب، وكلما سمعت صوته أهمس لنفسي «يتحرق التكييف .. واللي عاوز يغسله». لكن منطق التعامل مع تساؤلات المواطنين باستخفاف استوقفني طويلا . هل الخطأ في المواطن «الرذل» الذي يسأل أسئلة مستعصية من عينة تربية الكلاب؟ أم العيب في الأفراد المكلفين بتوعية الموطنين؟.للحقيقة فكرت طويلا قبل نشر هذه الواقعة، واعتبرت كتابتها خروجا علي منهج طمأنة المواطنين الذي يعد واجبا قوميا، خاصة في ظل حرب الشائعات الدائرة في الشارع المصري . وتساءلت :هل المفروض أن أنضم لقافلة «سمّي وكل» ؟ وأحث المواطنين علي أكل الدجاج لإنقاذ ثروة الدواجن وأصحابها المهددين بالإفلاس .. أم علي أن أنتصر للحقيقة المؤلمة وأصارح نفسي أولا بأننا نواجه وباء أنفلونزا الطيور بـ «التصريحات» . وأن الدولة رفعت شعار: «الكلور هو الحل» سواء لتطهير مزارع الدواجن أو لتنقية مياة النيل التي لم تسلم من رمي الطيور النافقة فيها لتنضم إلي مخلفات المصانع والصرف الصحي !. وربما يأتينا تصريح لاحق من «مصدر مسؤول» ينصحنا بشرب «الكلور» قبل كل وجبة !.
لم يعد هناك مبرر لتناول الفراخ علي الملأ بعد أن قررت الدولة شراء الدواجن من أصحاب المزارع . لكن المطلب الملح ـ الآن ـ أن نجد تفسيرا لتصريحات وزير الزراعة أمين أباظة لـ «المصري اليوم» حول وجود «الحمي القلاعية» في اللحوم المصرية وسبل علاجها والسيطرة عليها . هناك أيضا حاجة ماسة للسيطرة علي فوضي الأسعار التي بدأت باللحوم والأسماك ووصلت للخضر والفاكهة، وصممت خلالها شائعة مغرضة لترويج المياه المعدنية .
في أحد التصريحات النارية لعضو مجلس الشعب «طلعت السادات» مع الإعلامي «عمرو أديب» اتهم الحزب الوطني بالتهويل من حجم كارثة أنفلونزا الطيور للتمويه علي كارثة غرق عبارة الموت . وفي رأيه ـ الذي لا أعلم إن كان جادا أم هزليا ـ أن جنود الأمن المركزي كان باستطاعتهم اصطياد الطيور المهاجرة قبل دخولها بالمرض إلي مصر !. ورغم أنها تبدو فكرة عبثية فإنها تلفت النظر لضرورة السيطرة الأمنية علي الشارع ومواجهة المتاجرين بالأزمة علنا نجد في «قانون الطوارئ» حسنة واحدة حين يحمي قوت الفقراء من نيران الغلاء . لكن للأسف حديثي هذا يتزامن مع ارتفاع سعر «السكر» واتجاه الحكومة لتخصيص الخدمات ورفع الدعم عن عدة سلع أساسية !. هل تدرك الحكومة أن عليها التمهل ـ علي الأقل ـ قبل تنفيذ تلك القرارات التي ستفجر الشارع المصري المحتقن أصلا، أم أن علي الشعب أن يأخذ الصدمات الكهربائية دفعة واحدة ليفيق من غفلته ؟. أنا شخصيا لست متفائلة بسياسات الحكومة الجديدة، ولست مقتنعة بقدرة «الكلور» علي تنقية مياه النيل من فيروس أنفلونزا الطيور «وإلا لحلت مشكلة الوباء علي مستوي العالم !!» . ولي مطلب واحد من الدولة أن تفرض عقوبة رادعة وفورية علي كل من يرمي الطيور النافقة في النيل، وأيضا علي من يتخلص من مخلفات المصانع والمستشفيات بتلويث نهر الحياة . أما غربان شارع صلاح سالم فبعدما تنقل إلينا العدوي سأقوم بدوري الوطني وأعاود الاتصال بـ «٠٨٨»!!.

«جرائم» .. باسم الصداقة ! .. نشرت تاريخ 10 / 2 / 2006


للشائعة في مصر قوة خرافية تجعلها تلتهم الحقيقة، بل وتحكم العقل الجمعي أحيانا . أما «الخوف» فله قوة ثلاثية فهو أقوي من القانون وأسرع من العدالة البطيئة وله مفعول «السحر» في فتح الأبواب المغلقة واغتصاب «الفاكهة المحرمة» !.
لا أدري كم واحداً من أباطرة المال أطلق مارد الخوف من القمقم بتراتيل الشائعات، وأخذ يروج لنفسه بأنه الوجه الظاهر لبيزنس «الناس الكبار»، لكنني يقيناً وجميعكم مثلي تسمعون عن آلاف المصانع والقري السياحية والبنوك التي ترتبط بأسماء رجال من «العيار الثقيل» . إذا ما ذكرت أسماؤهم تفنن البعض في سرد المزايا والتسهيلات التي يحصلون
عليها من أراضي الدولة وصفقاتها المضمونة في مختلف المجالات . وحتي لا نذهب بعيداً سأنطلق من واقعة «صداقة» الدكتور «زكريا عزمي» رئيس ديوان رئيس الجمهورية بالمهندس «ممدوح إسماعيل» صاحب العبارة المنكوبة «سالم ٩٨» .
والصداقة من أروع العلاقات الإنسانية، فإذا جمعت بين مسؤول في منصب رفيع ورجل أعمال فهي قطعا خالية من شوائب المصلحة أو البيزنس، خاصة إذا كان رجل الأعمال هذا قيادياً بالحزب الوطني، وعضواً في مجلس الشوري «بالتعيين» أي أنه لا ينقصه «النفوذ السياسي» !. لكن حين ينفي الدكتور زكريا عزمي أي علاقة «شراكة» مع ممدوح إسماعيل فهذا معناه ـ ببساطة ـ
أن الشائعات التي كانت تملأ الشارع المصري قد وصلت إلي مسامعه، معناه أن المهندس ممدوح برع في استغلال علاقة الصداقة تلك، وتفنن في حماية سفنه المتهالكة وتراخيصها «المضروبة» بالإرهاب المعنوي للعاملين في مجالات النقل البحري والسفر، وربما التنمية السياحية أيضا «باسم الصداقة!». وهنا لا يمكن أن نلوم رئيس ديوان رئيس الجمهورية، فلا يعقل لشخص ناضج ومسؤول أن يتتبع أصدقاءه أو يراقبهم، أو يطلب منهم إقرار ذمة مالية وشهادة حسن سير وسلوك عند كل مقابلة . قطعا أي مسؤول تعرض لاستغلال «اسمه» معذور إلي حد كبير، لكن هذا لا يعفيه من مسؤولية ولو «محدودة» .
في الواقعة التي نتكلم عنها ظلت وسائل الإعلام تلمح بأن هناك ٧٠ مليون مصري يعرفون من هو شريك «ممدوح إسماعيل» إلي أن خرج الدكتور «زكريا عزمي» نافيا تلك الشراكة علي صفحات «المصري اليوم». لكن النفي لم يشمل أسماء أخري كثيرة يحتمي خلفها بعض رجال الأعمال، ويتاجرون بها أسوأ اتجار، ليس مطلوباً بالطبع أن يقدم كل مسؤول كشفاً بأسماء أصدقائه أو «شلته»، لكن الشفافية تحتم نشر أي «بيزنس» يشارك فيه المسؤول، وأعتقد أن ذلك لم يعد عيباً في وزارة متخمة برجال الأعمال الذين لا ينفصل أداء وزاراتهم عن أنشطتهم الاستثمارية، حتي وإن تركوا إدارتها مؤقتا .
أنا أحاول الخروج معا من واقعة استغلال «ممدوح إسماعيل» لصداقته بالدكتور «زكريا عزمي» بنفع عام، فالشراكة المزعومة تم تصديقها علي مستوي الرأي العام، وجني ممدوح إسماعيل ثمارها . لكن كيف نمنع حالة «التربح بالشائعات» التي أصبحت تمس معظم المسؤولين ؟. وتحولت إلي ظاهرة بالفعل، أنا شخصياً أتعجب،
فرجال الأعمال يملكون سطوة المال والنفوذ السياسي بحكم مظلة الحزب الوطني التي تشمل معظمهم، وهؤلاء يعملون في النور دون التستر خلف «أسماء الكبار»، وهذا معناه أن الفاسدين وحدهم هم من يختلقون كذبة الشراكة مع المسؤولين، لإخفاء بيزنس الفساد الذي يحترفونه، أليس هذا أدعي للتبرؤ منهم !.
النظام الذي يرفع شعار الشفافية، لابد أن ينقي ثوب النخبة الحاكمة من ألاعيب أساطين الفساد، أليس البعد عن الشبهات سنة حسنة ؟. ليس هناك ضرر من إعلان كل مسؤول عن حجم استثماراته ـ إن وجدت ـ حتي ولو تطلب الأمر تغيير القانون أو تعديل الدستور، ليصبح لهم الحق في الاستثمار «العلني» وتحت الرقابة الشعبية، بدلاً من مشاركة أسماء مشبوهة أو ترك المنافذ مفتوحة لمن يريد استغلال أسمائهم بكل حرية . تصورا أن موظفا بسيطا فقد عقله ورفض توقيع «ورقة» يقدمها رجل أعمال يطنطن بأنه واجهة لبيزنس الكبار «يعني البك مسهناك سؤال يردده المواطن البسيط الذي يختبئ في نفس خندق الموظف الخائف: لماذا لم يتم القبض علي «ممدوح إسماعيل» كما يحدث لصاحب أي عقار ينهار، ويتحفظ عليه لحين تحديد مسؤوليته عن أرواح ضحايا عبارته؟. هل هذا سؤال يستحق أن نطير معه من أماكننا .. سنعرف في الأيام القادمةنود»، ألن يطير من مكانه «بجرة قلم» ؟ .. هذا هو الإرهاب بعينه !.

هل يفتر «الحماس»؟ نشرت بتاريخ 3 / 2 / 2006


صدمة سياسية أو لنقل لطمة سياسية أصابت قادة العالم بالدوار، دوار أربك صناع عملية السلام المهترئة في الشرق الأوسط، بعد أن نجحت «حماس» في كسر حالة «الخدر» التي جمدت مصير فلسطين في غيبوبة صناعية من وعود السلام وواقع الاحتلال المر. أفاق العالم ليجد أن «ورقة المقاومة» لم تعد مجرد كارت في يد المفاوض الفلسطيني، بل إن المفاوضات نفسها لم تعد سوي «خدعة» صدقها الشعب الفلسطيني إلي درجة الملل،
وانتظرها علي حافة الاستشهاد، لكن الشعب الذي آمن بأن فرص الحياة تحققها المفاوضات، لم يجن سوي الاجتياح الإسرائيلي مرة تلو الأخري، وحين وجد الشعب الفلسطيني جدار الفصل العنصري يحجب رؤية المستقبل، والعالم يبارك - بصمته العاجز - إغلاق المعابر وقصف المدنيين، كان من الطبيعي أن يعيد الشارع الفلسطيني تقييم خياراته، وأن ينقلب علي السلطة الفلسطينية التي لم يجد منها إلا التهاون في حقوقه ورائحة الفساد بين رموزها، تلك السلطة التي عجزت حتي عن حماية رئيسها «أبو عمار» فخرج الشعب الفلسطيني إلي الشارع ليحميه بتظاهرات لفتت انتباه العالم كله آنذاك.
وفي قلب تلك الأحداث كانت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» حاضرة وفاعلة، تعيش حالة صدام متقطع مع السلطة ومصالحة دائمة مع الشارع. لم تكن تعبيراً فجاً عن مشروع ديني بقدر ما كانت بلورة لمشروع وطني يتبني خيار «المقاومة»، وسواء اختلفنا أو اتفقنا في تقدير نتائج المقاومة المسلحة علي القضية الفلسطينية فقد حسم الشارع الفلسطيني الموقف بالفوز الساحق لحركة «حماس» في الانتخابات. ربما يري المواطن البسيط أن المقاومة إن لم تكفل له فرص الحياة، فعلي الأقل تمنحه الحق في الشهادة!
علينا إذن أن نسلم بأن تركيبة الشارع العربي تتغير، بينما النخب الحاكمة غائبة، والنخب المثقفة تحيا علي إرث أيديولوجي يتحلل من الداخل!!.. الشارع لم يعد لنا، طرد أصحاب المشروع القومي، ليصبح البديل الديني سيد الموقف، وخرجت «حماس» من خندق الحركات المسلحة إلي ساحة العمل السياسي، محصنة بشرعية وجودها الراسخ في الشارع «في سيناريو أشبه بنجاح الإخوان المسلمين في مصر!».
أصبحت سلطة الحكم الآن في يدٍ اعتادت حمل السلاح ومصافحة الموت، وعلي العالم كله أن ينحني لنتائج الديمقراطية في فلسطين، وأن يعترف بالانقلاب السياسي من داخل صناديق الانتخابات، فالتهديد بقطع المعونات عن الشعب الفلسطيني والإملاءات الأمريكية علي «حماس» لن تغير من الواقع شيئاً، صحيح أن أعضاء «حماس» أنفسهم ليسوا مهيئين لإدارة الدفة السياسية بنفس مهارتهم في إدارة عمليات المقاومة، لكن «خالد مشعل» نفسه حتماً سيجد لغة أخري غير لهجة التشدد والتحدي، التي يرد بها علي المطالب الغربية، ويبدو أن بلورة الخطاب السياسي للمرحلة المقبلة مهمة غاية في الصعوبة، فعلي الحركة التي تستمد شرعيتها من الشارع أن تحافظ علي حرارة الشارع ونبضه، وهو ما يتعارض مع حكومة يراد منها استكمال مباحثات السلام، ومغازلة الغرب بما يسمي نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل، وهي أمور «بعضها دعائي» لو فعلتها حماس لنسفت مصداقيتها في الشارع.
الموقف الفلسطيني - عكس ما يتصور البعض - يجسد مأزقاً حقيقياً لـ«حماس» وليس لـ«أبومازن» أو لرعاة عملية السلام، إن القدرة علي الجمع بين الشارع والسلطة لم تحدث إلا في ظل ثورات شاملة، لكننا بصدد «دولة» يختصرون وجودها في عبارة «سلطة الحكم الذاتي»، ومطار مغلق دائماً، وعلم لا يعترف به إلا العرب!!نحن نتحدث عن مشروع لدولتين متجاورتين، بينما النظام الدولي يفكك المنطقة العربية بأكملها لصالح إسرائيل، وبالتالي نعيش في مناخ تصلح فيه «حماس»، كقدوة روحية أو حركة مقاومة مسلحة، لكن أشكال السلطة وأساليب الحكم أمر مختلف تماماً، وهو الاختبار الصعب لحماس في المرحلة المقبلة، وعليها أن تواجه حصار القوي الخارجية وعوامل الانفجار الداخلية
.

من الطب.. ما قتل!! .. نشرت بتاريخ 27 / 1 / 2006


أهم ما يميز الشعب المصري ـ في نظري ـ هو سياسة: «الرضا بالمقسوم عبادة» تلك التي يواجه بها كل النكبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أيضا!.يستوردون لنا مبيدات مسرطنة أو ألبان أطفال ملوثة بمواد مشعة.. لا بأس، نحن راضون تماماً بقدرنا، أليس «الرضا» أولي درجات رفع البلاء!. يرضعون فلذات أكبادنا ألباناً فاسدة أو يفسدون أكبادنا ذاتها.. لا بأس أيضا!.
ولأننا أمام قطاع حيوي، كل من ينتمي إليه يسمي «حكيما» فلا يصح أن نتشكك لحظة في ضمائرهم أو نتهمهم بالإهمال الجسيم أو بالاتجار في آلام المرضي وعذاباتهم. الثقة في القطاع الطبي نابعة غالباً من داخلنا، من حالة الهلع التي تتلبسنا أمام مارد المرض فتدفعنا للتعلق بكلمة من فم طبيب تحدد موقفنا ما بين اليأس والرجاء.
جميعنا نسلم مصائرنا للطبيب دون أن نسأل أو نناقش تشخيصه أو روشتة العلاج الذي وصفه، لأننا أمام «الطب» جهلة بدرجة أو بأخري، ومصداقية الطبيب هنا هي طوق النجاة الذي ينتشلنا من حالة العجز ولو مؤقتا!.
لكن إذا كنت من أصحاب التاريخ الطويل مع المرض ـ مثلي ـ قطعاً ستخرج من حالة الإذعان لكل ما يقال لك وتسأل: هل صحيح أن الدم الذي يتلقاه المريض بريء من نقل الفيروسات الكبدية والإيدز؟ لا أعتقد، لأن هذا معناه أن الدولة تدعم اللتر الواحد بحوالي خمسمائة جنيه للفحوصات وحدها، وهي فكرة خيالية، خاصة إذا علمنا أن معظم المستشفيات تطلب التبرع بالدم من أهالي ضحايا الحوادث أو من يحتاجون لنقل دم عاجل.
وإذا كانت الدولة تدعم بنوك الدم بتلك الأموال الطائلة لماذا لا تعقم أجهزة الغسيل الكلوي الملوثة بلعن الفيروسات، فمن يخضع لجلسة غسيل يخرج بفيروس، أو لا يخرج إلا علي ظهره!. فإذا أفترضنا ـ علي سبيل التفاؤل ـ أن الدولة معنية بصحة المواطن فلابد أن نسأل: لماذا تحول المواطن إلي «فأر تجارب»، يتعاطي آلاف الحبات من أدوية محظورة منعت منظمة الصحة العالمية تداولها: «مثل دواء الأنفلونزا نايت آند داي، ودواء موبيك الذي تم سحبه من الأسواق مؤخرا!».
أين «الحقيقة» في وقائع الإهمال الجسيم في غرفة العمليات؟، لماذا تحولت أخطاء الأطباء من ترك فوطة أو مشرط في بطن المريض إلي فقء العين أو بتر اليد أو الشلل التام أو الغيبوبة حتي الموت؟. هل لدي وزير الصحة الدكتور «حاتم الجبلي» القادم من بين صفوف المستشفيات الاستثمارية أجوبة لهذه الأسئلة؟. هل يستطيع أن يبرر لنا الحرب الضروس بين شركات الأدوية حول علاج فيروسC بين الترويج للحبة الصفراء أو لعقار الإنترفيرون أو لأعشاب الدكتور عبد الباسط.. أليس هذا اتجاراً في آلام البشر!. مَن الملوم في أخطاء التخدير الخطيرة، هل المريض الذي لا يعرف معني تداعيات تلك اللحظة التي يفقد فيها الوعي لتتأرجح روحه بين الموت والحياة؟ أم الطبيب الذي لم يكتشف حالته الصحية ليتجنب مضاعفات قد تودي بحياة المريض؟!.
ربما لا يعلم وزير الصحة الجديد ـ بحكم ممارسته الطب في أرقي المستشفيات الاستثمارية ـ أن المستشفيات الحكومية تطلب من المريض ـ أحياناً ـ شراء الشاش والمستلزمات الطبية علي نفقته الخاصة. لكن المؤكد أنه يعلم تماماً الفرق الشاسع بين الفندقة السبع نجوم في مستشفيات المرضي السوبر ومستشفيات «الناس الغلابة»، ويعلم أيضا أن مظلة التأمين الصحي خدعة، وأن جميع الأمراض المستعصية التي تحتاج آلاف الجنيهات لعلاجها خارج مشاريع العلاج التي تكفلها النقابات وأولاها نقابة الصحفيين التي أنتمي اليها. أعلم أن الدكتور الجبلي ليس مسؤولا عن تاريخ العبث بأرواح الناس، لكنني أسأله: إلي متي سيستمر هذا المسلسل العبثي؟. أين الخلل: «هل في تدريب الأطباء، أم قلة رواتبهم الحكومية، أم في انشغال الأساتذة بتكوين الثروات قبل تنمية العقول والمدارس الطبية؟». الحقيقة لا أتوقع إجابة شافية من أحد.. لا أنتظر إلا مزيداً من الضحايا التعساء الذين يسخرون سراً من قَسم «أبو قراط» ولسان حالهم يقول «إن خطأ الطبيب يعادل القتل العمد»، يتوقعون أن تباشر نقابة الأطباء دورها في محاسبة المخطئ، وينتظرون «رحمة السماء» بكل صبر ورضا، لتحررهم من آلامهم.. ولو بالموت.

حكومة للشعب.. أم عليه؟! .. نشرت بتاريخ 23 / 12 / 2005


هل يمكن أن نعتبر النتائج الصادمة للانتخابات النيابية بروفة لعملية "التغيير"؟ هل يجوز أن تتحول أصوات الناخبين إلي استفتاء شعبي علي مطالب الشعب من الحكومة القادمة؟.
ربما تبدو الفكرة عبثية ولكن في غياب قياسات علمية للرأي العام يمكن أن نضع ظاهرة البلطجة والرشاوي الانتخابية كمؤشر يحدد حجم "البطالة" التي افترست ضمائر البعض وجعلتهم مجرد سلعة لمن يشتري !. ونتساءل: أليس سقوط بعض رموز الحزب الحاكم مؤشرا علي رفض الناس لـ "الفساد"؟، ألم يتحكم الوازع الديني لدي رجل الشارع في ترجيح كفة نواب جماعة الإخوان المحظورة؟.
هناك شبه إجماع علي شرط واحد في اختيار الوزراء الجدد وهو "طهارة اليد"، أما المطالب فهي كثيرة، لعلها تبدأ من تقديم إقرار الذمة المالية لبعض الوزراء المزمنين عند خروجهم من الوزارة - هذا إذا خرجوا-، أما في حالة بقائهم جاثمين علي أنفاسنا فلابد أن يطبق قانون محاسبة المسؤولين،لتدخل كلمة "الشفافية" التي نطنطن بها ليل نهار إلي حيز التنفيذ؟
ربما تتراوح المطالب الشعبية بين الخيال والرومانسية السياسية. فدعوني أحلم قليلا، ولندخل بوابة التغيير السحرية علنا نجد القانون "سيد الموقف"، فلا أحد ينتهك مبدأ "سيادة القانون" تحت بند: (إنت عارف أنا ابن مين)!!. وساعتها لن تمتد يد مسؤول للمال العام، ستختفي "الرشوة" من أروقة الوزارات، وتتلاشي شلل المحاسيب والأقارب، ويشفي الوزراء من ضعفهم أمام رغبات "الأولاد" والثروات المشبوهة.سيقلص عدد الوزارات وبالتالي تقل مواكب الوزراء التي ترهبنا، وتغلق منافذ السير والمستقبل في وجوهنا !.
في "أحلام اليقظة" أتخيل أن هناك "قانونا ما" سيرد الأموال المنهوبة إلي الشعب، فتعود القصور والأراضي "المغتصبة" ليتم توزيعها علي المواطنين بـ "العدل".. لكنني أسترد وعيي لأكتشف أن هناك المزيد من الأراضي والقصور تتأهل لاستقبال الوزراء الجدد !. وحين أعود لأشكل وزارة متخيلة تعمل لخدمة الشعب وليس لصالح حفنة المنتفعين (العصابة)،أجد بضعة أمتار لمسكن شاب في مستهل طريقه.. وعدة أفدنة صالحة للاستصلاح يستلمها أحد الخريجين، يدخر فيها عافيته وشبابه ليأكل الشعب من ثمارها.. وأقبض يدي علي فرصة عمل هاربة من أغلال الواسطة والمحسوبية التي تحاصر كل كفاءة وتنفي أي موهبة. فقط..أنا أحلم.. بأسرة بسيطة قادرة علي شراء "كسوة العيد" بعدما تحسنت موارد المعلم فلم يعد هناك مجال للدروس الخصوصية.أضع برنامج السيد رئيس الجمهورية أمامي وأسافر علي جناح التفاؤل: "حتما ستلغي عقوبة حبس الصحفيين من القانون.. وتطلق جميع الحريات. فالمجتمع سيشهد حالة "إصلاح سياسي" حقيقي، والديمقراطية تفرض حرية اصدار الصحف و تأسيس الأحزاب و تحمي حقوق الإنسان، سيأتي يوم تلتزم العدالة بعينيها المعصوبة لكنها ستسير بكل قوتها لتنشر المساواة".
سيحررنا الإصلاح الاقتصادي الشامل من عقدة "الخوف" من المجهول، سيحررنا الرخاء من الإحساس بالقهر. وستختفي من قاموس حياتنا الاجتماعية عبارات البطالة والعنوسة والجريمة والعنف. سنصبح مجتمعا آمنا متماسكا من الداخل.
سيحل التواصل الإنساني محل الصراع، وينقي الحراك السياسي من الفوضي والانتهازية، ستشارك المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني في صياغة مستقبل مصر، ستخرج المرأة من قمقم "تاء التأنيث"، وتخمد نار الفتنة الطائفية ليصبح الوطن كله علي قلب رجل واحد. وهنا تسترد مصر "القوية" ثقلها علي الخريطة الدولية وترفض الانصياع للإملاءات الأمريكية.إلي هنا واكتشفت أنني أبحرت طويلا مع أفلاطون في "المدينة الفاضلة". بينما البلد يحتاج إلي "معجزة" لا تتوفر للحكومات. أما "التغيير" الحقيقي فيحتاج لتطوير العقل الجمعي، يحتاج لمواطن يتمسك بحقوق المواطنة ويراقب أداء الحكومة، وللأسف المراقبة عملية محبطة جعلتني أعود لقسوة الواقع لأنتظر بعض الوزراء القادمين لتسلم الحقائب الوزارية وفتحها بـ "طفاشة" !!.

الصمت.. أضعف الإيمان! .. نشرت فى 9 / 12 / 2005


"العدالة" ليست مجرد قيمة روحية مجردة نتغني بها، بل هي أحد موازين الكون. إذا اختلت اختل معها الكون بأكمله، وإذا فتحت عينيها فقدت حيادها وموضوعيتها.
صحيح أنها تحتل أعلي المراتب السامية في منظومة الأخلاق، لكن تحولها من مجرد "فكرة" إلي واقع لا ينتقص من قدسيتها، وتلك القدسية تنتقل بالتبعية للشخص المنوط به تحقيقها وأعني به "الحاكم".. والقاضي أيضا.
فالحاكم يسعي لتطبيق شريعة السماء: "العدل أساس الملك"، وهي مهمة تبدو مستحيلة في زماننا هذا، بينما مهمة القاضي محددة بإطار جغرافي وجماعة إنسانية تشكو إليه ليرفع عنها المظالم. القاضي بشكل أو بآخر هو يد الحاكم الطولي لتحقيق العدالة، فبكلمة واحدة من علي منصة القضاء قد تفقد حريتك أو تسترد حياتك.
ومن هنا.. محظور علي الصحافة التعليق علي أحكام القضاء، فجميعنا نتعامل مع السلطة القضائية باعتبارها الحصن الآمن، وخط الدفاع الأخير عن المواطن والوطن.
فلماذا تبدل الحال مع الإشراف القضائي علي العملية الانتخابية؟! لماذا امتلأت الفضائيات بشكاوي القضاة وتذمرهم وتهديدهم بالانسحاب من الإشراف علي الانتخابات؟ الحقيقة.. لم تفزعني شهادة المستشارة "نهي الزيني" حول تزوير نتيجة الانتخابات ربما لأنها نشرت في جريدة مصرية (المصري اليوم)،
لكن مع توالي ردود الفعل حول شهادتها الصادمة في مختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية بدأت أسأل نفسي: هل يجوز لأي قاض أن يفشي "أسرار الدولة" علي القنوات الفضائية، مع التسليم بأن دوافعه هي تحقيق انتخابات نزيهة؟ هل طريق الشفافية يبدأ بالتعريض بالسلطة التنفيذية والحزب الحاكم؟ رغم اختلافي الجذري مع أداء الحزب الوطني وتعنت الأجهزة الأمنية شعرت بأن حق النقد قد يكون مكفولا للصحفيين أو للمشتغلين بالسياسة، أو لمنظمات المجتمع المدني التي تراقب العملية الانتخابية، أما القضاة فمحرومون - هذه المرة - من حق النقد.
لكن بعض رجال القضاء خرجوا عن مسارهم، وأطلقوا تصريحات سياسية صرفة، جعلت دورهم ملتبسا بين الإشراف علي الانتخابات والممارسة السياسية!!. وبعض الخبثاء فسروا الأمر بأن كشف مساوئ السلطة التنفيذية المراد منه تبرير مشروع "استقلال القضاء"، والبعض الآخر استحسن رفض القضاة إتمام عمليات التزوير تحت أنظارهم، أنا شخصيا من الفريق الثاني، لكن هل يتحقق ذلك بإطلاق القذائف من منصات القنوات الفضائية؟ لا أعتقد.
في ساحة المحكمة، يتمتع القاضي بالسلطة المطلقة، لكن في إدارة العملية الانتخابية، هناك توزيع أدوار بين سلطات مختلفة، منها المحافظة و الداخلية وجهات عدة مهمتها جميعا، أن تصل أصوات الناخبين إلي صندوق الاقتراع الذي يكتسب حرمته من إشراف القضاء، لتدخل الأصوات دورة الفرز بين أياد أمينة. وهذا معناه ببساطة أن مهمة القاضي تبدأ بعد عدة مراحل تتولاها أجهزة أخري، لكن نتيجة الخلط بين الأدوار بدأت إنذارات الانسحاب من العملية الانتخابية طالما ظلت الشرطة تحول دون تدفق الناخبين، في وقت متزامن مع المواجهة المحتدمة بين الأمن و البلطجية. واختلطت المطالبة بتحييد الشرطة مع المطالبة بحماية القضاة، وتراجع الحديث عن نزاهة الانتخابات مقابل شهادة بعض القضاة بتزويرها. وتلك الشهادات صدرت عنهم ثم ارتدت إلي صدورهم، فخرج علينا "عصام العريان"، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، ليتهم الحكومة باختيار قضاة مشكوك في نزاهتهم لعمليات الفرز! ألم يكن يعلم أحد القضاة الذين صوبوا السهام إلي قلب الوطن، أنهم يسكنون هذا القلب المنهك.. وعليهم الآن أن يضمدوا جراحه بالعودة إلي ثكناتهم أو بالتزام "الصمت" وذلك أضعف الإيمان؟

صالون بابا....بقلم الأستاذ / حمدى رزق


لو كان الأستاذ إحسان عبد القدوس حياً، لطلب شطب اسمه من علي الصالون المفتوح علي البحري لجماعة الإخوان المسلمين «المحظورة» في نقابة الصحفيين، ولو كان النقيب يعلم أن غالبية من انتخبوه (حباً لا كرهاً) من صحفيي المؤسسات القومية ما سمح لأعضاء جماعة، ـ اتهم مرشدهم صحفيي المؤسسات القومية بالرشوة والتضليل ـ أن يطأوا بأقدامهم سلالم النقابة، التي لا يشرفها أن يدخلها من يدعي علي الصحفيين الرشوة والضلال.
ولأن الأستاذ إحسان ذهب إلي جوار ربه راضيا مرضيا، ولأن النقيب لا بيصد ولا بيرد الإخوان،وسكرتيره العام لم يحرك ساكنا، عندما احتلوا «اللوبي»، وأقاموا الصلاة جماعة في رهط من طلبة الإخوان الذين لجأوا لصاحب الصالون، ليمسك الميكروفون ويشتم النظام لحساب الإخوان، وعلي حساب النقابة ومن داخل مبني نقابة الصحفيين، فإنني لا أستطيع أن أتسامح أو أوالس محمدا أو أستاذنا إحسان في قبره.
أعرف أن محمد عبد القدوس (الشهير بعمنا)، ماسك ذلة علي النقابة، لأنه أيام الانتخابات بيشتغل موصلاتي النقباء إلي مكتب الإرشاد، ليخلعوا الأحذية، ويصلوا وراء المرشد صلاة مودع علي هواء الجزيرة مباشرة، وأعلم أنه طايح بقلمه يكفر هذا، ويعلمن ذاك (كفرني وعلمن سحر الجعارة)، ولا يستطيع أحد إغلاق صالون بابا، من يجروء علي إغلاق صالون باسم إحسان عبد القدوس الذي أتخذه درعا وحماية.
أنا لا أحرض علي إغلاق الصالون، ولكن أن يطأه نائب المرشد مرة والجزار مرة والعريان مرات وهلم جرا من جماعة تهجمت علي الصحافة والصحفيين، ونالت منهم ومن سمعتهم، فبئس الصالون وبئس ما يقال فيه،ولابد من وقفة تجاه عبد القدوس الذي حول النقابة إلي بوق إخواني، يصدح بتعليمات المرشد الذي اتهمنا في شرفنا، دون أن يجفل له جفن أو يحرك ساكنا تجاه نفي ما لفظه من جوفه علي ملابس أناس يتطهرون، وبعضهم يحارب بسيفه وماله الذي تزيغ منه الأبصار.
من حقي كصحفي أن أرفض وجود الصالون علي تلك الطريقة الإخوانية، وأرفض أن يديره محمد ابن إحسان، وأفضل أن يديره أحمد بن الراحل الكريم، اشمعني محمد، علي الأقل سوف يديره بطريقة اقتصادية، تدر نفعا علي النقابة المفلسة، والأفضل أن تضعه النقابة تحت تصرفها، وتدقق في ندواته وضيوفه وتساوي بينهم، ويصبح منبرا لكل القوي الوطنية، وليس لكل القوي الإخوانية والتابعين بإحسان، وأن يظل صالونا فكريا وليس تحريضيا، ولا يدخله شتام للصحفيين، أو متهم لهم أو ناقم عليهم أو من هم ضد الحريات ويحبسون الصحفيين ويروعونهم،ويسبونهم في «آفاق عربية».
ومن حقي أن أطالب بالمساواة وأن أحجز القاعة الرئيسية مرة كل شهر وأعقد ندوة وأسميها «صالون بابا رزق» نسبة إلي والدي وأدعو فيها حبايبي، وجيراني، ومن أكتب عندهم بالواسطة، ومن أنافقهم بجهالة، ومن أعاكسهم في الطرقات، وتبقي بارتي.
«صالون بابا» علي عكس صالون (بابا عمنا) حصيرته واسعة، وإذا رفض النقيب سأقول اشمعني محمد، ثم إنني صحفي مؤدب ومتربي وأبي رجل فاضل علمني الأدب والاحترام وعفة اللسان، وعدم التحريض علي زملاء المهنة عند رؤسائهم لقطع العيش، وقصف الأقلام التي لا تكف عن فضح اصحاب الصالونات التمليك.
الأخ محمد، هل فكرت أن تعقد ندوتك الشهرية «صالون إحسان عبد القدوس» في صالة مكتب الإرشاد بالملك الصالح مرة لنعرف رأي الجماعة في الاسم الذي يعلو الصالون، هل يقبل المرشد دخول مرتشين من صحفيي الصحافة القومية إلي مكتب الإرشاد بالأحذية ليناقشوا «الليبرالية كما تجلت في أدب إحسان».













خلال الإنتخابات النيابية ، عام 2005 كتبت المقال السابق بعنوان" الجردل والكنكة"، أنتقد فيه تعبئة الإخوان لإستعراض القوة السياسية . ورد على الأستاذ/ محمدعبد القدوس فى المقال اللاحق ..






وقد إعتبرتها معركة فكرية .. بين زملاء أحدهما ينتمى لجماعة الإخوان المحظورة .. والثانى - أى- أنا يدافع عن البلد من خطورة مشروع الدولة الدينية

الحاكم بأمر «الإخوان» !! .. نشرت فى 2 / 12 / 2005


أن يرتدي كاتب عباءة «الإخوان المسلمين»، ويروج لمشروعهم السياسي للسطو علي الحكم، فهذا مشهد عادي ومتكرر، في زمن تباع فيه الأقلام والأفكار والمواقف. لكن حين يقود «محمد عبدالقدوس»، عضو مجلس نقابة الصحفيين، عملية إختراق النقابة، ويسخر نقابة الرأي لتصبح منبرا للمرشد العام للإخوان فهنا يصبح المشهد منفرا ومرفوضا.
أنا شخصيا لم أغفر له هذا السلوك، وكتبت - ساعتها - أذكره بأننا لم نمنحه أصواتنا، ليؤجر النقابة من الباطن لجماعته المحظورة.ويبدو أنه ادخر لي الموقف.. وأجل الرد ليوم صعود نجم جماعته في الأفق السياسي، ليرد من موقع يمكنه من «تكفير» من يشاء، وإطلاق الأحكام علي زملاء المهنة، وفقا لما تمليه عليه جماعته وتطرفه الفكري !.
من الذي منح «الحاكم بأمر الجماعة» - محمد عبد القدوس سلطة تكفير الناس، ووصف أفكارهم بألفاظ يعاقب عليها قانون الصحافة. هل قامت جماعته بتوزيع السيوف لشق صدورنا والتفتيش في نوايانا؟. ولماذا ترك الزميل كل الرجال الذين هاجموا جماعته، واستل سيفه ليرفعه علي كاتبة «امرأة»؟. ليكشف بذلك عن منهج جماعته المحظورة في التعامل مع المرأة!. ليكن يا مولانا.. فلتعلم أنت وجماعتك أنني لن أترك أرض المعركة، ولن أسلم قلمي، لأنه قلم «حر ومستقل»، لم يتقاض مليما من حزب سياسي، ولا جماعة مباحة أو منحلة، ولم يدع بطولة ما أو يطلب حماية الأمن.
أما صاحبته فليست من أنصار حبس الصحفيين، فقط لإيماني بحرية الصحافة، ولهذا لم أستجب لمن نصحوني بمقاضاتك علي ما نشرته في حقي. أنا أفضل إدارة المعارك الفكرية علي رفع دعاوي قضائية. و أقدر أنك تتقاضي أجرا عن عملك في جريدة تنطق بلسان الإخوان، وتنشر أفكارهم بين الناس.
أقدر أيضا انزعاجك من مقال «الجردل والكنكة»، الذي تناولت فيه صراع الإخوان مع الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية، وحرصك علي مصالح جماعتك، لكن فاتك أنني ممن لا تعنيهم إلا مصلحة «البلد»، وبالمناسبة الدولة مازالت «مدنية» لا أفضلية فيها لصاحب "اللحية". لكن يبدو أن صورة الدولة «الدينية»، تبلورت ملامحها في ذهنك وحدك فبدأت في تطبيق قوانينها! تعجبت من الخلط المتعمد في المفاهيم الذي يتقنه نجل الكاتب «إحسان عبد القدوس»، الذي ترك تراثا أدبيا هائلا لتحرير المرأة، مما دفع نجله للاحتماء بالأفكار المتطرفه هربا من عباءة والده!!.
ولنبدأ من مفهوم «العلمانية»: (العلمانية من العلم وليست من الكفر)، والعلم هو الذي جعل لجماعتك قناة فضائية، وموقعا علي الإنترنت، وشبكة اتصالات لنقل التمويل من الخارج (منها الرشاوي الانتخابية التي تنكرها).
العلمانية - يا «مولانا» - كلمة مشتقة من العلم، وهي التي تنقل صورة «عصام العريان» إلي العالم عبر الفضائيات. هي ماكينة الطباعة التي تجسد كلماتك النارية في حق زملاء المهنة! هذه هي العلمانية، كما أفهمها، وكما اتفق علي تعريفها علماء اللغة، أما فقهاء تسييس الدين الذين يعتبرونها مرادفا للكفر فلست معنية بعقولهم المشوشة. لكن الخلط بين العلمانية والكفر تماما، مثل الخلط بين الدين والسياسة الذي تتقنه جماعتك.. أما وصمنا بالعلمانية للتأثير في عامة الناس، فهو متطابق تماما مع شعار «الإسلام هو الحل»، الذي ترفعونه للهيمنة علي وجدان البسطاء باسم الدين ثم استغلال أصواتهم الانتخابية في الوصول للحكم! يعيب علي الشيخ محمد أنني محسوبة علي التيار الليبرالي، فمكاني الطبيعي - من وجهة نظره - هو «المرحوم الاتحاد الاشتراكي»، لكنه لم يفطن إلي أنني كنت أحبو حين تم حله
! وأحمد الله أنه لم يمارس علي قانون جماعته، فيقول مثلا: إن مكاني الطبيعي ضمن «سبايا المرشد العام»، أو ضمن حريم الجماعة «مما ملكت أيمانهم»!. الشيخ محمد يعارض مطالبتي بتدخل الأمن للسيطرة علي الشارع، الذي يضج ببلطجية جماعته وسيوفهم، وهذا دفاع مستفز عن «إرهاب» السلطة القضائية والتنفيذية لا يليق بمثله.


أما نحن الليبراليين - الذين تكفرهم - فأول من طالب بالديموقراطية لنا ولكم، وبالاحتكام لصناديق الاقتراع.. لكننا نعرف الفرق جيدا بين «المهدي» و«الضال».فكفوا عن الحديث باسم الله عله يرحمكم !

الدين لله.. والوطن للبيع!.. نشرت فى 25 / 11 / 2005

ما أسهل أن تجلس في ولاية "ميريلاند" الأمريكية، وتفتح المزاد لتبيع وطنا تخليت عن جنسيته.. وتتاجر
بقضية الأقباط باعتبارهم "أقلية مضطهدة" لتشعل نيران الفتنة في مصر.. البلد الذي فقدت بوصلة العودة إليه حين أقسمت علي الولاء لأمريكا!
هذا بالضبط ما يفعله "مايكل منير" الملقب بزعيم أقباط المهجر ، وهو شخص ليس بعيدا عن الشبهات ، فهناك روايات حول اتجاه أمريكي لتوقيفه لاتهامه بإساءة استخدام أموال ومعونات فيدرالية فيما يخص قضية دعم الإصلاح في مصر وهناك أيضا علامات استفهام تحاصره بالقانون الأمريكي الذي يعتبر الكذب والتهرب من الضرائب جرائم لا تغتفر!
وبالتالي اضطر مايكل للترويج لنفسه عبر الميديا الأمريكية والعربية بصورة مختلفة. في محاولة لتعزيز فرص فوزه بعضوية الكونجرس عن ولاية ميريلاند.
فهل هناك أرخص من بلد يتمزق بين سيوف الأخوان المسلمين وأنياب الحزب الوطني، ليقدمه مايكل قربانا للإدارة الأمريكية التي تصر علي فتح ملف الأقليات و قضايا الحريات في مصر !.
فتح مايكل ملف الخلافات التاريخية في مؤتمره : "غياب الديمقراطية وحرية الأديان واضطهاد الأقليات في مصر، وبلاد الشرق الأوسط"، فهو مستعد للتحالف مع الشيطان لهدم المعبد فوق رؤوس الجميع.
وللأسف تزامن ختام مؤتمره المشبوه مع حالة الصعود السياسي لجماعة الأخوان المسلمين ، وتزايدت حدة الفزع من هيمنة مشروع الدولة الدينية علي المستقبل السياسي .الأمر الذي جعل البعض ينظر إلي مقررات المؤتمر باعتبارها المعادل الموضوعي لسطوة التيار الإسلامي علي الشارع المصري وسيطرته المتوقعة علي المعارضة البرلمانية . ودعم هذا التوجه حالة الفزع التي سيطرت علي المفكر "ميلاد حنا" ودفعته للتحذير من هجرة جماعية لأغنياء الأقباط من مصر!. وكذلك مبادرة البابا "شنودة الثالث" برفع مخاوف مشابهة للقيادة السياسية.
إنها اللحظة التاريخية المناسبة ليطالب "مايكل" بتخصيص ١٥% من المناصب الحكومية للأقباط (أولها المناصب السياسية العليا)، وإجراء إصلاحات دستورية للفصل بين الدين والدولة ، والمساواة بين المصريين فيما يتعلق ببناء دور العبادة ، وإلغاء خانة الهوية الدينية من جميع الوثائق الحكومية ..
وهي مطالب ظاهرها العدالة وباطنها النزعة الطائفية : "لأن تخصيص كوتة للأقباط يقضي علي مفهوم الديموقرطية ،ويحتكم للديانة بدلا من الكفاءة.. ويواجه تطرف الإخوان بتطرف أقباط المهجر . وإذا كانت مقررات المؤتمر تحدد نسبة التمثيل علي أساس عدد المواطنين فهذا ينسف فكرة المساواة في بناء دور العبادة، لأن الأغلبية في مصر مسلمون !. أما إلغاء الديانة من الهوية فيجوز تطبيقه في جوازات السفر ،بينما يستحيل تنفيذه في البطاقة المحلية لما يترتب علي ذكر الديانة من حقوق مدنية ترتبط بالعقيدة منها الميراث وقواعد الزواج".
وفي ظل حالة الغليان الديني والاحتقان السياسي، الكل يتحدث عن مفهوم "المواطنة" سواء الإخوان المسلمين الذين يتبعون مرحليا مبدأ "التقية" الشيعي ،أو الأقباط الذين يخشون من التحول إلي مواطنين من الدرجة الثانية ، بينما الحديث في حد ذاته يفتت أمن الوطن.
انشغلنا بالعويل فلم ينتبه أحد لأمن البلد الذي تتهدده ممارسات "فرد" احتكر الحديث باسم الأقباط ،وأخذ يستعدي الإدارة الأمريكية علي مصر ، يسعي لقطع المعونات الاقتصادية عن مصر ، ويجاهد مع المسيحية الصهيونية لنصرة ما يسميه الأقلية القبطية المضطهدة .. وكل ما يسعي اليه "مايكل" مؤثم بحكم المادة ٧٧ من قانون العقوبات التي تجرم استعداء الدول الأجنبية علي المصالح السياسية والاقتصادية للدولة!تبدو مصر في مرحلة فاصلة ، تتغير فيها الخريطة السياسية ليحل الاستبداد الديني محل الفساد السياسي.

«كنوز الوزير سليمان»


لم يبدع الكاتب الساخر «أحمد رجب» شخصية «قاسم السمَّاوى» من فراغ، صحيح: (جتنا نيلة فى حظنا الهباب)!!. فبعضنا لم يستوعب قانون «النهب المنظم»، ولا ورث جينات «الفساد» التى جعلت بعض الوزارات «مغارة على بابا». نحن «ضعفاء» ننحنى لـ«القانون»، ونسير على حبال «العيب والحرام»، كل ما نطلبه من الدنيا ألا تفلت أيادينا، فنسقط فى جوف «سمك القرش» المتربص بالشرفاء!. صوتنا منخفض، نخاف من «ظلنا»، ونتابع ما يحدث للبلد كمن يتابع فيلم رعب، ويخشى أن يخرج «مصاص الدماء» من الشاشة ليقبض على رقبته.
فكيف نصبح طرفًا فاعلاً فى «عصابات النهب المنظم»؟.. نحن لا نملك «حصانة» تحمينا من «المساءلة»، ولا أسطول سيارات (هامر و مرسديس وبورش)، أسطول يدوس كل القوانين، ويدهس أحلام البسطاء. ليس بيننا «شاب» يمتلك فيلا فى «مارينا» بمبلغ يتجاوز المليون جنيه، وقطعة أرض بالحى المتميز بمنطقة الجولف، هذا بخلاف مشاركته فى عدة فيلات بمصر الجديدة.
إنه شاب «قاصر» لكن «الولى الطبيعى» عليه «وزير»!!. إنه وزير الإسكان السابق «محمد إبراهيم سليمان»، الذى أدمن مقاضاة الصحفيين، أثناء فترة توليه الوزارة ارتكب تجاوزات فى مسألة أراضى الدولة، بالمخالفة للدستور (المادة ١٥٨) التى تنص على أنه: (لا يجوز للوزير أثناء تولى منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملاً تجارياً أو صناعيا أو أن يشترى أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئًا من أمواله أو أن يقايضها عليه).. أما الحيلة الساذجة التى تم بها الشراء فهى كتابة الممتلكات باسم الزوجة والأبناء!.
وفى التقرير الذى نشرته (المصرى اليوم) من واقع المستندات الرسمية، ثروة «سليمان» تتجاوز «كنوز سليمان»: (قصور وفيلات وأراض مميزة، كلها وقعت فى قبضة الوزير المسؤول عن كارثة «الدويقة»!). إنه الوزير الذى لم يكلف نفسه مشقة حضور اجتماعات اللجان التى ناقشت كارثة «الدويقة»، رغم أنه نائب الدائرة نفسها «الجمالية ومنشأة ناصر».
لقد اعتاد «سليمان» تطبيق دستوره الخاص، ولخص دفاعه عن نفسه فى خطاب رسمى للدكتور «فتحى سرور»، رئيس مجلس الشعب، يفيد بأن جميع أملاكه قد امتلكها قبل دخوله الوزارة، أى قبل أن نعرف رقم «المليار» الذى تقاس به ثروته!. تصور «سليمان» أن الخطاب الموجه من الرئيس «مبارك» إليه بمنحه وسام الجمهورية من الطبقة الأولى «كارت إرهاب» لكل من يقترب من سمعته أو ممتلكاته!.
لكن الرئيس «مبارك» لا يتستر على تجاوزات، مهما كان اسم صاحبه، ولن يصمت على جرائم إهدار المال العام. ولو تأملت ملايين الدولارات التى دفعت لقتل فتاة مغمورة (إن صحت الواقعة)، ستجد أن «هشام مصطفى» دفعها من المضاربة على الأراضى. لقد اخترع «سليمان» ظاهرة «تسقيع الأراضى»، واختص عائلات محددة باستثمار مناطق كاملة .. باع رمل الصحراء، وفى كل رملة صفقة خفية، باع الشطآن والجبال . فلم يتبق لنا إلا «مخيمات الإيواء» و«العشش الصفيح»، وشباب يحلم بالعثور على مفتاح مشروع: (ابنى بيتك)!!. لقد ثبت بالمستندات المقدمة للمحكمة إهدار الوزير السابق المال العام، وبالتالى أصبح استعادة ممتلكات الشعب وبيعها بالمزاد العلنى مطلباً شعبياً. الدولة التى ترفع شعار «الشفافية» لابد أن تفُعِّل قانون محاسبة الوزراء، وتطهّر الحكومة من «الفساد الرسمى».. وتطهّر «المناصب» من استغلال النفوذ، وشهوة السلطة، والثروات الحرام!!.

ثقافة العنف! .. نشرت بتاريخ 28 / 11 / 2008


إن كانت الدماء لاتزال «ساخنة» فى وريدك: «اغضب»، لكن حذارى أن تبوح بغضبك، ولو لزوجة تقاسمك الفراش! لأنك لو رفعت صوتك «الخشن»، تروى لزوجتك الحادثة، ستسألك: ماذا ستفعل لو كنت فى الموقف نفسه؟ إن كنت تملك جرأة الرد،
فلابد أن أقاسمك الجرأة.. قلبى لا يطاوعنى: (قلب «زينب» لم يتحمل أن يهددها «الباشا الضابط» بخلع ملابسها هى وبناتها فى الشارع أمام أهالى القرية لإجبارها على الاعتراف بوجود أسلحة فى منزلها)!!.
«الباشا» يعمل بقسم «أبو تيج» بأسيوط، ويفترض أنه يعرف «تقاليد» أهل الصعيد، ربما لهذا استباح حرمة «الأعراض» ليجبر الرجال على تسليم السلاح! لكن رجل البيت كان غائباً يجرى خلف «لقمة عيش» فى «الغردقة».. لو كنت مكانه لعرفت كيف يولد الإحساس بـ «الثأر»، فيعمى الإنسان عن كل شىء إلا استرداد كرامته.
لو كنت من قبيلة «الترابين» لاعتصمت معهم على حدود العدو، إلى أن يعرف «العدل» طريقه إلى بدو سيناء، فعندما تسود ثقافة «العنف»، ويصبح كل بدوى متهماً «حتى إشعار» آخر، هنا تفرض القبائل «قانونها»، ويصبح الحكم الفعلى لأعراف القبائل .. و«السلاح»!!.
لا مجال لعتاب رقيق لمن بدأ مسلسل «الثأر» فى سيناء، جميعنا يعرف أن سياسة القبض العشوائى على آلاف السكان، عام ٢٠٠٤ للاشتباه فى صلتهم بتفجير منتجعات سياحية خلفت جرحا لايزال نازفاً بين رجال القبائل.
«البدوى» المنفى من خريطة التنمية، لا يملك إلا كرامته، قد يتهاون –مرحلياً- عن مطالبه المشروعة فى إلغاء الأحكام العسكرية، والإفراج عن السجناء ممن يعاد اعتقالهم بعد انقضاء مدة العقوبة، لكن «مشايخ القبائل» لا يقبلون التشكيك فى وطنيتهم!، لا يقبلون تصنيفهم دائماً على قائمة المطلوبين أمنياً: (بتهمة التهريب أو تجارة المخدرات أو التعامل مع جماعات الإرهاب).
وكالعادة ليست هناك «سياسة» واضحة لتنمية الرمال المحررة بدماء المصريين، وفى مقدمتهم «البدو»، هناك «أجهزة أمنية»، تحرمهم من العمل فى قطاعات السياحة والنفط الموجودة فى شبه الجزيرة التى تقع فى الشمال الشرقى لمصر، وكأنه «عقاب جماعى» يضع «البدو» فى خانة «التمييز العنصرى»،
فلا يسمح لهم بتملك الأراضى الزراعية، ولا يمنحهم رخص البناء، ربما لأن دماءهم «نقية»، لا تحمل جينات «الغطرسة» وفيروسات «الظلم والفساد»!!.أو ربما أن «الكبار» قرروا احتجاز البدو فى «خيام» يسهل اقتلاعها، لشراء أراضيهم بالبخس (دولار للمتر مؤجل الدفع)، وتسقيعها بحجة إنشاء المشروعات السياحية.
أليس غريباً أن تكون «البلطجة» هى عنوان الأسبوع الماضى!. وإلا لماذا أخرج ضابط شرطة (الطبنجة الميرى) ليقتل لاعباً سابقاً بمنتخب مصر لكرة اليد؟
ألا يرى اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، أن ما يسمى «تجاوزات»، من أفراد الأمن، قد تحول إلى «ظاهرة متكررة»، تشيع العنف فى المجتمع بدلاً من محاصرته والتصدى له؟..
هل لديه ما يبرر ما حدث فى «أسوان» تلك المدينة السياحية المهمة؟.. لماذا أصبحت طلقات الرصاص هى «اللغة» الوحيدة التى يتعامل بها رجال الشرطة مع المواطنين؟..
هناك خلل ما فى جهاز الشرطة، خلل نفسى يدفع أحدهم لهتك عرض مواطن داخل قسم الشرطة، ويغرى الآخر بإجبار مواطن على خلع بنطلونه ونزع شعر العورة !!. ومسلسل لا ينتهى من أعراض «الجنون العارض»، الذى نعتبره تجاوزاً: «إفراط فى استخدام السلطة».
إن الإنجاز الحقيقى لجهاز الشرطة هو نجاحه فى خلق حالة «ثأر» مع الشعب، وكلما تزايدت وحشية الأجهزة الأمنية، ستنتشر «ثقافة العنف» ولن يوقفها أحد!

علماء ودراويش.. نشرت بتاريخ 21 / 11 / 2008


أحيانا أشعر أن الدخول فى حالة «دروشة فكرية»، أسلم من خوض الأسوار المكهربة بفتاوى غريبة، والمدعمة بكتيبة دراويش، يعيشون فى عالم من الغيبيات، يعوضهم عن مستقبلهم (المجهول)!. إنه الهروب إلى «يقين زائف» يتفنن البعض فى تسويقه إلى الناس، والتربح بدوامة «توهان»، تأثيرها يشبه تأثير «الدخان الأزرق»!!.
لكن البعض يدمن «تصديق» تلك الخرافات، ويروجها، وقد يفجر نفسه فى وجه من يعارضه.. لقد أصبحت «الخرافة» هى الحقيقة الوحيدة التى نملكها فى لحظات «اليأس»، وهى التجارة الرابحة بين أدعياء «العلم» أو «الدين»!!.
هناك (طبيب)، لايزال يعالج مرضى فيروس (C) بقرص النحل!. تماما مثل «دجال» يبيع (وهم الخصوبة) للرجال فى (دهن الخرتيت).. نحن ضحايا «الدجل السياسى»، والعلمى، والفكرى، والدينى! لقد خرج الغرب (الكافر كما يسمونه) إلى الفضاء، بحثا عن آثار حياة على سطح القمر، وطافوا بكوكب «المريخ»، يجمعون عينات للبحث العلمى. بينما لانزال فاشلين فى الاتفاق على تحديد بداية الشهر العربى: (فلكيا.. أم برؤية الهلال؟!).
«الخرافة» هى إرثنا الثمين، دارنا التى نسكن فيها: نحاور «الجن» أحيانا، ونترجى «القرين» أن يترك لنا أزواجنا.. و«القرآن» حجة قاطعة علينا!
أكثر شىء نردده من القرآن الكريم هو قدرة «السحر» على التفريق بين المرء وزوجه.. وإلا فكيف نفسر «العنوسة» أو «الطلاق»؟!
(هذا كلام كاتبة «علمانية»).. نعم وليبرالية أيضا، لكن طبقا لتعريف العلوم السياسية للعلمانية بأنها: (فصل الدين عن الدولة).. وليس طبقا لنظريات الدكتور «زغلول النجار»، الذى يقول إن كلمة علمانية تعنى: (من لا دين له)!!. ومن هذا المنطلق يكفر الدكتور «النجار» حكومة مصر التى خرج رئيس وزرائها الدكتور «أحمد نظيف»، ليعلن أن مصر دولة علمانية!
فى محكمة التفتيش الخاصة بالدكتور «زغلول»، لا ينجو أحد من تهمة «التكفير»، ربما لأنه يحتكر حقائق «العلم والإيمان»، ولأنه يعدد فى شهاداته وإنجازاته، التى لم نر منها إلا بلبلة الناس، و«حواديت» مشكوكاً فى صحتها، عن علماء أجانب أسلموا عندما اطلعوا على «الإعجاز العلمى للقرآن»، الذى يحترفه «النجار».. ويعتبره الطريق الوحيد لتنقية وجه الإسلام والمسلمين!.
«العالم» زغلول النجار وجد أخيرا حجة قاطعة لوقف سخافات الغرب، وقرر أن يخاطبه بلغة العلم - التى يفهمها - فطالب بأخذ: (عيِّنات تقدَّر بميكرو أو ٢ ميكرو من الحجر الأسود بالكعبة لتحليلها، وإثبات ما ورد فى السنة النبوية من أنه ليس من أحجار الأرض، وإنما من أحجار الجنة). ما قاله الدكتور «زغلول» ليس مجرد «عبث علمى»، أو مبالغة فى خلط العلمى بالدينى!.
فهو يستند إلى قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (هاتان ياقوتتان من يواقيت الجنة)، ثم أشار إلى الحجر الأسود فى الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم عليه السلام. ولا يرى «النجار» أى تعارض بين «بحثه» وبين ما قاله سيدنا «عمر بن الخطاب» رضى الله عنه، وهو يطوف بالكعبة: (لولا أنى رأيت رسول الله يلمسك ويقبلك ما قبلتك ولا لامستك)، وهذه رواية صحيحة فى البخارى!. فليكن الحجر الأسود نوعاً فريداً من النيازك الفضائية يسمى الماس الأسود، أو يكن أحد أحجار الجنة.. هل نجعله معجزة الإسلام بدلا من القرآن، أم نكتفى بأن الغرب «الكافر» سيسلم عندما يخطف الماس عقله؟! قبل أن تتجمع «قافلة التكفير» للتشكيك فى عقيدتى، أعلنها على الملأ: (أنا أؤيد فكرة الدكتور «زغلول»، شريطة أن يجلب عينة من الجنة للمضاهاة)!

الجميلة.. و(الوحشين).. نشرت بتاريخ 14 / 11 / 2008


هل تحلم بزعامة حزب «معارض»؟، بسيطة، فمعارضة «النظام» أصبحت أسهل من الانخراط بين صفوفه!. حتى أحزاب المعارضة الشرعية غيرت استراتيجيتها لتتواءم مع مستجدات اللعبة السياسية.
لست بحاجة الآن لمقر ورئيس شعبى (مزمن) و«وريث» يحكم الحزب من الداخل، ولا أنت بحاجة لأيديولوجية فكرية، ولا قاعدة جماهيرية، لست مضطرا لمراقبة مصادر التمويل، والصدام حول «ثوابت الحزب» وصفقاته!!.
كل ما عليك هو «تصديق» أحد زعماء «التوك شو»، أو المشاركة فى «إضراب» أو حتى مجموعة على الـ«فيس بوك».. أو مظاهرة عابرة على سلالم نقابة الصحفيين، والأسهل أن ترفع شعار: «الإسلام هو الحل».
المهم أن تكون «ناشطا»، فى واحد من تلك الأحزاب العابرة لقواعد السياسة، فتلك هى المجموعات التى تقلق النظام، وتصدقها الجماهير!. عدة أيام فى المعتقل تجعلك بطلا مثل (إسراء)، أو محاولة تحرش جنسى (فى الشارع أو قسم الشرطة) تصبح زعيماً لحقوق الإنسان!.
(ربنا يكفيك شر أحزاب المعارضة الشرعية)، إنها «سبوبة» لمحترفى السياسة ممن يحتكرون: (عضوية أحد المجالس النيابية، وجاهة سياسية إقليمياً ودولياً، جرائد تضخ نسبة الإعلانات فى جيوبهم، ودول تغذى أحزابهم ببنكنوت «التمرد»، وصفقات مشبوهة مع الحزب الحاكم).
أنا لا أطلق حكما قاسيا على أحزاب المعارضة، إنها مجرد أمثلة من «صحيفة سوابق» المعارضة: فمنها «الديكتاتور»، الذى أضاع أكبر حزب ليبرالى ولم يبرح موقعه إلا بطلقات الرصاص، و«الحاج» الذى فتح مقر حزبه لقراءة الطالع، و«اليسارى» الذى قبل التعيين فى مجلس الشورى.. والأمثلة كثيرة.
لكن الأعجب من تلك الممارسات هو وقوع حزب مثل «الجبهة الديمقراطية» فى فخ الحرب الأهلية، بعدما راهنا عليه فى تجديد دماء الحياة الحزبية. وكأن «الشعارات البراقة»، التى يتبناها أى «مفكر سياسى» تتحطم على صخرة الواقع، أو أن الفجوة واسعة جدا بين (جين الزعامة) وطموح الجماهير!. حزب «الجبهة الديمقراطية» مر بحالة صراع «مكتوم» لم يتجاوز مرحلة التصريحات الصحفية، فلم يذبح بسكين (لجنة شؤون الأحزاب)، وأجرى الانتخابات، دون أن نسمع أنباء نزاع دموى على مقر الحزب، وهو السيناريو الذى تكرر من حزب «الوفد» إلى حزب «الغد»!.
هل الكراسى، (ملكية كانت أو حزبية)، تفقد القيادات صوابها، أم أن المعارضة أكثر استبدادا من النظام؟ إنها أسئلة تجيب عنها حرائق حزب «الغد»، الذى عقد جمعيته العمومية لاختيار رئيس بديل للمهندس (موسى مصطفى موسى) على إيقاع انفجار (زجاجات المولوتوف)، واتهامات العمالة، والبلاغات المتبادلة بين «جميلة إسماعيل» و«موسى مصطفى موسى».. منتهى الديمقراطية!!.
لقد ألهبت «جميلة» الأرض المؤدية لمقر الحزب: (بمذكرة من زوجها، عرضت على لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وتوكيل محام أمريكى لمتابعة الدعاوى الدولية التى يقيمها زوجها أمام الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، وأخيرا التقت «جميلة» الرئيس «بوش»، ووزيرة خارجيته «كوندوليزا رايس» لعرض قضية زوجها)!.
وعقب عودتها، صرحت للصحف بأنها كانت: (تطمع فى أن تكون أول سيدة ترأس حزباً سياسياً فى مصر، لكنها تراجعت نتيجة تحذيرات تفيد بأنها، حال نجاحها، سيتم إغلاق الحزب!!).. هكذا يمكن فهم «الفاعل» الأصلى فى حريق حزب «الغد»، إنها برجماتية سياسية تحكم عقلية «جميلة» و«موسى»، حتى «نور» فى محبسه يسعى للعفو الرئاسى، حتى لا يحرم من مباشرة حقوقه السياسية!.لقد سقطت كل الأقنعة عن «المعارضة»: (من يعيش -منهم- على «فتات» يلقيه له
النظام، ومن ينتحر طمعا فى كفن مخملى وجماهير ترتشى «بالدولار» لتتوجه «زعيما» فى قبره !!).